آن برونسويك.. شهادة فرنسية على فاشية الاحتلال في فلسطين
بين عامَي 2004 و2010، زارت الكاتبة الفرنسية آن برونسويك فلسطين في رحلتَين؛ حيث دوّنت يوميّاتها التي تتضمّن مُعايشاتها في رام الله والقدس ونابلس وجنين وغزّة، برفقة فريق سينمائي، للكتابة حول واقع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي باعتماد السينما الوثائقية.
جمعت برونسويك هذه اليوميات في كتاب بعنوان "مرحباً بكم في فلسطين"، والذي تصدر النسخة العربية منه قريباً عن "العائدون للنشر" في عمّان، بترجمة الباحث والأكاديمي المغربي عبد المنعم الشنتوف.
تشير برونسويك، في تقديمها للنسخة العربية، إلى أنه لم يتغيّر شيءٌ بعد قرابة عقدين من الزمان على كتابتها لهذه اليوميّات، نظراً إلى ما آلت إليه الأوضاع مع جدار الفصل العنصريّ، وتنامي قوّة وشراسة اليمين المتطرّف في الكيان الإسرائيلي الذي يُطلِق اليد لقُطعان المستوطنين الذين يتصرّفون مثل عصابات فاشية.
تنبّه الرأي العام الأوروبي إلى خطورة الاستيطان والجدار العنصري والتهويد
وتضيف: "أتيتُ لأرى ما تفعله الدولة اليهودية باسم كلّ يهود العالم، ومن ضمنهم أنا. أن أصغي إلى الرواية الأُخرى للتاريخ. كنت في حاجة إلى ذاك على المستوى الشخصي كي أتخلّص من عماي الخاص. لا يجوز أن يكون جهلي ذريعة أو عذراً".
أمّا الشنتوف، فيوضّح أنه أجرى حديثاً مستفيضاً مع الكاتبة في ترجمة يومياتها إلى العربية، حيث أكّدت أنّ الأهداف المنتظرة من هذه اليوميات، والمتمثّلة في توعية الرأي العام الأوروبي والفرنسي بشكل خاص بخطورة الاستيطان والجدار العنصري والتهويد، قد ذهبت أدراج الرياح. وتبقى الحقيقة المُفجِعة - حسب قولها - تراجُع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، ورُكون القوى الحيّة في فلسطين إلى ما يشبه الاستسلام للأمر الواقع. وعليه فإنّ أهمية اليوميّات تكمن في قيمة التوثيق والشهادة.
ويرى الشنتوف أنّ ترجمة هذه اليوميات إلى اللغة العربية تمثّل إسهاماً في تخصيب الذاكرة الفلسطينية، ومقاومة إرادة المحو والنسيان، وإتاحة الفرصة للذات العربية للإحاطة علماً بتفاصيل وحكايات ومصائر إنسانية أصبحت الآن جزءاً من تاريخ نكبة الشعب الفلسطيني التي لم تنته بعد.
كما تشكّل استضافة اليوميّات في الحقل التداولي العربي، بالإضافة إلى ما سبق ذكره، وسيلةً لكشف القناع عن مواكب الزيف والنفاق والتضليل التي ترعاها الآلة الإعلامية الصهيونية، التي تسعى إلى الإيهام بتعايُش لا وجود له إلّا في أذهان من يروّجون له، بحسب المترجم.
ويبيّن بأنّ الكاتبة اعتمدت لغة سردية رشيقة تحتفي بتفاصيل المكان وحركة الشخوص داخله، وتتلمّس سبيلها إلى قرّائها المفترضين في سهولة ويُسر. وإذا كانت فلسطين هي الحكاية الإطار لليوميات، فإنّ الحكايات الأُخرى التي تتناسل على امتداد السرد تُتيح للقارئ ما يشبه جدارية مُثيرة تضجّ بالألوان والروائح والشخوص.
مشاركة الخبر: آن برونسويك.. شهادة فرنسية على فاشية الاحتلال في فلسطين على وسائل التواصل من نيوز فور مي