هل هو مجرد تابع ؟
يرى الكاتب والمؤرخ الأميركي جوردون تشانج، أن كوريا الشمالية على وشك أن تفقد قدرتها على التأثير على التطورات في شرق أسيا، ويعتقد أن هذا سوف يصبح واضحا في العام المقبل.
وقال تشانج، وهو أستاذ جامعي وكاتب ومؤرخ أميركي، اشتُهر بكتابه "الانهيار القادم للصين" في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إنه في الوقت الحالي، تبدو جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية متحكمة في زمام الأمور.
فهي على سبيل المثال، تطلق الصواريخ بمعدل سريع، حيث اختبرت هذا الشهر الصاروخ الباليستي العابر للقارات هواسونج -18 الذي يستطيع الوصول إلى أي مكان في الولايات المتحدة، ويطلق الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون تهديدات شديدة اللهجة وهو بمنأي عن أي عقاب.
ويبيع كيم أسلحة في انتهاك للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، وتشمل قذائف مدفعية لروسيا على سبيل المثال، ولا يوقفه أحد، وفي مجلس الأمن، توفر الصين وروسيا على نحو مستمر الحماية لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية ، مثلما يطلق الكوريون الشماليون على نظامهم.
غير أن هناك ثمنا نظير هذه الحماية، وقد اعترف كيم على نحو غير مباشر بهذا عندما تحدث في السابع والعشرين من الشهر الجاري أمام المؤتمر السنوي الرئيسي لحزب العمال الكوري الحاكم.
وقال كيم آنذاك إن "المبدأ المستقل" للحزب هو" توسيع وتطوير علاقات التعاون الاستراتيجي مع الدول المستقلة المناهضة للأمبريالية وإطلاق العمل والنضال المشترك المناهض للأمبريالية على نحو ديناميكي على نطاق دولي في ظل الوضع الجيوسياسي العالمي المتغير".
وأضاف تشانج أن الكثير مما يقوله كيم مبالغ فيه ومتكرر وغير جاد، ولكن ذكر "العمل المشترك" الذي ينطوى على خسارة الاستقلال، يبدو أمرا مهما، وإذا ما تم القيام بعمل على نحو مشترك، فإن بكين وموسكو، وليس بيونج يانج، هما اللتان سوف تأخذان زمام المبادرة.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينج في الثاني والعشرين من شهر مارس العام الجاري لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو ، خلال توديعه بعد اجتماعهما الشخصي الأربعين "التغيير الذي لم يحدث في 100 عام، قادم"، وأضاف "ونحن نقود معا هذا التغيير".
ويُلاحظ أن شي قال إن المحركين للأحداث هم حكام الصين وروسيا وليس حاكم كوريا الشمالية.
وأشار تشانج إلى أن الصين وروسيا، الراعيتين الرئيسيتين لكوريا الشمالية، تزعزعان بسرعة استقرار العالم في أوكرانيا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. وإذا اختارت الدولتان أيضا الحرب في شرق آسيا، فإن بكين وموسكو لن تسمحا للدولة الكورية الشمالية العميلة لهما بأن تقف موقف المتفرج.
وتابع تشانج أن كوريا الشمالية لن تكون قادرة على مقاومة شي وبوتين لأن نظام كيم في حاجة على نحو مستمر للدعم.
ومثلما ذكرت صحيفة ديلي نورث كوريا، فإن الأزمة الأحدث للشعب الكوري الشمالي المضطهد منذ فترة طويلة والذي يعاني هى نقص الحطب الذي يستخدم في تدفئة المنازل في الوقت الذي انخفضت فيه درجات الحرارة إلى 20 درجة تحت الصفر. وصرح مصدر في اقليم نورث هامجيونج للصحيفة الشهر الجاري أن "حياة الجحيم" التي يعيشها الشعب قد ازدادت سوءا لأنه لا يوجد ما يكفي من الطعام وأنه لا يمكنه الآن حتى توفير ما يكفي من الحطب للتدفئة. ولذا فإن نظام كيم سوف يحتاج مساعدات أكثر من أي وقت مضي على الأقل منذ المجاعة الكبري التي حدثت في منتصف حقبة تسعينيات القرن الماضي.
وسوف يكون هناك ثمن لدفعه نظير ذلك الدعم، وحتى الآن، تمكن الحكام من أسرة كيم من جعل الصين وروسيا تتنافسان كل منهما ضد الأخرى، وبالتالي يحتفظون بحرية العمل رغم حصولهم على معونات.
وأوضح الكاتب الأمريكي أنه نظرا لأن شي وبوتين يقومان على نحو متزايد بتنسيق التحركات، فإن ذلك الوضع بالنسبة للكوريين الشماليين على وشك أن ينتهي.. ويجب على كيم جونج أون أن يتوقع أن يبدأ في تلقي طلبات منسقة من بكين وموسكو.
وتنطوى النتيجة المترتبة على خسارة كوريا الشمالية لحرية العمل، على مفارقة لأنه بعد وقت قصير من الهدنة في الحرب الكورية، روج حكام أسرة كيم لفلسفتهم التي يطلق عليها جوتشي، والتي تعني حرفيا "سيد نفسه" أو الاعتماد على النفس.
إذن ما الذي سوف يحدث في كوريا الشمالية في عام 2024؟، يقول تشانج إنه يجب نسيان النظر إلى ما يفعله كيم جونج اون أو إلى خطط ما يفعله، فهو لا يطبق سياسة الاعتماد على النفس، وبدلا من ذلك يتعين النظر إلى ما يخططه له كل من شي جين بينج وفلاديمير بوتين، واختتم تشانج تقريره بالقول إن كيم جونج اون، باختصار، على وشك أن يدرك ماذا يعني أن يكون شخصا تابعا.
مشاركة الخبر: هل هو مجرد تابع ؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي