آخر جواب.. قصة قصيرة لـ نورا طارق
"ماخطرتش على بالك يوم.. تسأل عنى؟!"، كانت أم كلثوم تغنى أغنيتها الشهيرة "يامسهرنى" بالراديو، بينما كانت تعد أمانى القهوة في المطبخ، وشردت في زوجها محمد الذى سافر منذ 10 سنوات، ولم يرسل لها سوى عدة خطابات تارة يطمئنه على صحته وتارة أخرى يتحدث عن المتاعب التي يجدها في غربته وكم يفتقدها ويفتقد حديثهما معاً.
وأخذت تتذكر أمانى كيف التقت بحبيبها محمد خلال دراستهما معاً في الجامعة وكيف ولد حبهما واليوم الذى تقدم فيه للزواج منها، واستعادت شعورها بالسعادة البالغة عندما ارتدت خاتم الخطوبة وكيف بحبهما استطاعاً أن يتجاوزاً معاً جميع التحديات حتى تزوجاً وبعد عامين أصر محمد على السفر للخارج للعمل طبيب بأحد المستشفيات بإحدى الدول الأجنبية، ثم يرسل لها لتلحق به، ولكنه لم يستطع تنفيذ وعده لها، ثم أخذت أمانى فنجان قهوتها، وهى مازالت تستمتع لأغنية أم كلثوم وهى تقول "الصبر ده.. ده مش بإيديا"، وتذكرت عندما انتظرت خطابات محمد كثيراً ولكن لم يصلها أي خطاب منه ومازالت تعيش على أمل أن يرسل لها أي خطاب ليطمئنها عليه وإنه مازال يتذكرها ومازال يحبها ومخلص لها.
وبينما أمانى غارقة في ذكرياتها مع زوجها محمد، انتشلتها دقات الباب من الغرق في بحر ذكرياتها، وذهبت لتفتح الباب ووجدت جواب على الأرض، وهمت لتلتقطه لتكتشف إنه من زوجها محمد، فشعرت وكأنها أم تحتضن طفلها الذى اختطف منها وظنت إنه لم تلتقى به أبداً، ومن شدتها سعادتها اسرعت بفتح الباب لتجد من يشاركها فرحتها فوجدت سوسن جارتها والتي جاءت بميعادها اليومى لتطمئن عليها وقالت :" ازيك يا أمانى.. عاملة إيه النهاردة؟".
و ردت أمانى بفرحة وقالت :" الحمد لله أنا بخير.. شوفتى محمد بعت جواب أخيراً".
لترد سوسن وهى على وجهها علامات التعجب والدهشة، وقالت :"محمد؟!".
و ردت أمانى:" أه.. محمد.. كان واحشنى أوى.. بقاله كتير مش بيبعت جوابات".
و ردت سوسن قائلة:"أه.. ماشى ياحبيبتى أسيبك تشوفى الجواب.. أنا كنت عايزة بس أطمن عليكى".
لترد أمانى:" ماشى ياسوسو.. تسلمى"، وأنهت أمانى حديثها مع سوسن وأغلقت الباب وبينما وهى تحتضن الجواب بلهفة وتسرع لقرائته سمعت سوسن من خلف الباب وهى تتحدث مع صديقتها قائلة:" أمانى صعبانة عليا أوى".
لترد صديقتها وهى تتسأل بدهشة:" ليه؟!.. الست شكلها كويسة ومبسوطة كمان".
لترد سوسن بصوت حزين قائلة:" أمانى كانت بتحب جوزها محمد أوى ولما سافر برا عشان يشتغل، أتعرض لحادثة عربية من 10 سنين ومات، ولما جالها الخبر إنهارت ودخلت في حالة صدمة خليت عقلها رافض إنه يصدق وفاته ولسه مقتنعة لحد النهاردة إنه عايش لدرجة إنها محتفظة بآخر جواب له، وبشوفها من البلكونة وهى بتحطه كل يوم الصبح قدام الباب عشان بعد ماتحضر قهوتها تفتكر إنه جواب جديد منه وتقرأه".
لترد صديقتها :" مافيش بيسأل عليها من أهلها يساعدوها تخرج من الحالة اللى هي فيها دى".
لترد سوسن:" أهلها حاولوا كتير يساعدوها لكن رافضة أي مساعدة ومقتنعة دايماً إنه لسه عايش وهيرجع لدرجة إنها منعتهم من زيارتها واختارت تعيش على ذكراها".
ومازالت أمانى تحمل بيدها آخر جواب لمحمد، غير مبالية الحديث الذى دار بين سوسن وصديقتها وأخذت تكمل قراءة آخر رسالة من زوجها.
مشاركة الخبر: آخر جواب.. قصة قصيرة لـ نورا طارق على وسائل التواصل من نيوز فور مي