حراك لاستجواب وزيرة الهجرة العراقية بعد توزيع مواد تالفة للنازحين
يقود أعضاء في مجلس النواب العراقي حراكاً لاستجواب وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو بتهم، أبرزها استغلال الوزارة والأموال المخصصة لها في أغراض سياسية، إضافة إلى توزيع مواد غير صالحة للاستهلاك البشري على النازحين في المخيمات.
عضوة مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فيان دخيل، كشفت الأسبوع الماضي، عن تقديم طلب رسمي لاستجواب الوزيرة تمهيدا لإقالتها، وبينت أنها جمعت 100 توقيع لأعضاء في البرلمان من أجل الاستجواب.
وقالت دخيل في تصريحات للصحافيين، إن "العديد من ملفات الفساد التي تم جمعها تدين وزارة الهجرة"، مؤكدة أن لجنة النزاهة النيابية طلبت لمرات عديدة بعض الأوراق والمستندات التي تدور حولها الشبهات عن عمل وزارة الهجرة، إلا أن الوزارة "تمنع" وصول أي وثيقة إلى اللجنة، مشيرة إلى أن رفض الهجرة والمهجرين للتعاون مع لجنة النزاهة "يعزز الشكوك والمعلومات التي لدى لجنة النزاهة البرلمانية بشأن وجود ملفات فساد".
وأوضحت دخيل أن أحد أوجه الفساد في الوزارة يتمثل في توزيع مواد "صحية" منتهية الصلاحية على النازحين في المخيمات، فضلاً عن توزيع مواد غذائية منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك البشري.
وأعلنت دخيل، التي تنحدر من قضاء سنجار بمحافظة نينوى، وتشغل عضوية لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، أنه في الوقت القريب "سيتم إكمال كافة المتطلبات والإجراءات الخاصة باستجواب وزيرة الهجرة في مجلس النواب عن جميع الخروقات والملفات التي يشوبها الفساد خلال السنوات الماضية".
وتنتمي وزيرة الهجرة إيفان فائق جابرو، إلى حركة بابليون بقيادة ريان الكلداني، أحد قادة الفصائل المسلحة ضمن "الحشد الشعبي". وخلال العامين الماضيين، قادت حركة بابليون نشاطاً سياسياً في عموم البلاد، مستغلة سيطرتها على وزارة الهجرة من جهة، وامتلاكها فصيلاً مسلحاً (اللواء 50) الذي ينتشر في منطقة سهل نينوى من جهة أخرى، وحصلت الحركة خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2021 على أربعة مقاعد في البرلمان ووزارة الهجرة في حكومة السوداني، بعدما كانت الوزارة خلال حكومة السوداني أيضا تابعة للحركة، وللوزيرة ذاتها، كما حصلت الحركة في الانتخابات المحلية على العديد من المقاعد في انتخابات مجالس المحافظات في نينوى والبصرة وكركوك.
"هيئة وطنية لعدم جدوى الوزارة"
وأكد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل استغلال وزارة الهجرة والمهجرين والأموال المخصصة لها في الموازنة في "أغراض الدعاية الانتخابية من قبل جهات سياسية"، في إشارة إلى حركة بابليون، مشدداً على ضرورة "إلغاء وزارة الهجرة والمهجرين بالكامل لعدم جدوى وجودها".
وقال خليل لـ"العربي الجديد"، إن "هناك جملة ملفات فساد تورطت فيها وزارة الهجرة والمهجرين، ابتداء من توزيع المواد منتهية الصلاحية في المخيمات، إضافة إلى الفساد في عقود تجهيز السلال الغذائية الخاصة بالنازحين، والتلاعب بالأموال المخصصة لمنح العودة للنازحين واستغلالها لأغراض سياسية وانتخابية".
وأضاف أن "وزارة الهجرة خصص لها في موازنة العام الماضي أكثر من 180 مليار دينار، غير أن تلك المبالغ لم تصل للنازحين ولم تستغل في تقديم الخدمات والمعونات لهم"، واتهم الوزارة بـ"عدم الجدية بإنهاء ملف النزوح في البلاد، ودليل ذلك بقاء عشرات آلاف العائلات النازحة من سنجار في مخيمات النزوح في إقليم كردستان".
وأكد خليل أن وزيرة الهجرة تحاول أن تلقي بفشلها في إنهاء ملف النزوح على إقليم كردستان، مبيناً أن الوزارة "لم تحل مشكلة النازحين في مناطق الأنبار وصلاح الدين ونينوى وجرف الصخر"، وتساءل: "هل إقليم كردستان أيضا مسؤول عن ذلك؟".
وأوضح البرلماني محما خليل أن الحراك الحالي يسير نحو استجواب وزيرة الهجرة في البرلمان تمهيداً لإقالتها، مؤكداً ضرورة إلغاء وزارة الهجرة، وتشكيل هيئة وطنية عليا ترتبط برئاسة الوزراء، تتولى مهمة الإشراف على تقديم الخدمات للنازحين وتسهيل إجراءات عودتهم لمناطقهم، لافتاً إلى أن هذا المقترح تم تقديمه إلى رئيس الوزراء.
ورفضت وزارة الهجرة والمهجرين الرد على الاتهامات الموجهة إليها بقضايا الفساد من قبل النائبين، بالرغم من تواصل "العربي الجديد" مع مسؤولين في الوزارة.
استغلال سياسي
من جانبه، أكد رئيس مؤسسة الميثاق للتنمية والديمقراطية، سعد عامر، أن ملفات الفساد متعددة ولا حصر لها في أغلب مؤسسات الدولة العراقية، ومن بينها وزارة الهجرة.
وقال عامر، في حديثه مع "العربي الجديد"، إن "استشراء الفساد في وزارات ومؤسسات الدولة لم يعد بالأمر الغريب، بل أصبح الغريب أن نشاهد مؤسسة تخلو منه"، مبيناً أن أحد أشكال الفساد في وزارة الهجرة "يظهر من خلال التقاعدات التي تجريها الوزارة لتجهيز السلال الغذائية والمساعدات الإغاثية لنازحي المخيمات".
ولفت إلى أن الموضوع الأكثر أهمية هو استغلال وزارة الهجرة وفروعها والتي يفترض أن تقدم الخدمات للنازحين في تحقيق المكاسب الانتخابية والسياسية لبعض الجهات، مشيراً إلى أن الانتخابات البرلمانية والمحلية الأخيرتين شهدتا استغلالا واضحا لملف النازحين في الأغراض الانتخابية من ناحية "السماح للنازحين بالخروج من المخيمات والتصويت لمرشحين محددين، أو توزيع منح العودة للنازحين الذين منحوا بطاقاتهم الانتخابية لبعض الكتل وغير ذلك من أشكال الاستغلال السياسي".
"استغلال النازحين سياسياً"
الصحافي زياد السنجري، المهتم بكشف ملفات الفساد، أكد أن وزارة الهجرة واحدة من أبرز الوزارات التي يستشري فيها الفساد، وفيما شدد على ضرورة استجواب وزيرة الهجرة والمهجرين، حذر من خضوع هذا الموضوع لـ"الاستغلال السياسي".
وقال السنجري، لـ"العربي الجديد"، إن "وزارة الهجرة متورطة في الفساد من خلال التقاعدات على توزيع "الثلوج" بمليارات الدنانير، إضافة إلى عقود تجهيز المساعدات الغذائية والصحية، مبيناً أن فتح ملف الفساد في وزارة الهجرة "من الأمور الضرورية، واستجواب الوزيرة الحالية هو كذلك أيضاً، لكثرة ملفات الفساد التي تتهم بها، لكنه حذر من وجود استغلال من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني لهذا الملف واللجوء إلى استجواب الوزيرة ليس لغرض كشف الفساد ومحاسبة المتورطين فيه، بل بسبب الخلافات السياسية بين الحزب الديمقراطي من جهة وحركة بابليون من جهة أخرى".
ويقدر عدد النازحين العراقيين في المخيمات بنحو نصف مليون نازح، أغلبهم من سنجار في نينوى، ومناطق ديالى وصلاح الدين وجرف الصخر والأنبار، بينما أحصت وزارة الهجرة عدد المخيمات الموجودة في إقليم كردستان بـ 26 مخيماً، منها 16 مخيما في دهوك وستة مخيمات في أربيل وأربعة مخيمات في السليمانية.
لكن الرقم الحقيقي للنازحين يفوق الرقم المعلن من قبل وزارة الهجرة الذي يشمل النازحين في المخيمات فقط، من دون النازحين الذين لجأوا إلى خارج العراق أو يسكنون في منازل خاصة في إقليم كردستان أو محافظات عراقية أخرى.
مشاركة الخبر: حراك لاستجواب وزيرة الهجرة العراقية بعد توزيع مواد تالفة للنازحين على وسائل التواصل من نيوز فور مي