web النسخة الكاملة
wifi_tethering أخبار من نيوز فور مي
widgets اخبار سياسية widgets اخبار محلية widgets اخبار اقتصادية widgets أخبار دولية widgets اخبار رياضية widgets اخبار تقنية widgets أخرى ومتنوعة widgets فن وثقافة widgets أراء وكتابات widgets علوم وتكنولوجيا widgets صحة ومجتمع
mail راسلنا
menu

أعراس الفلسطينيين وأعراسُهم

تم نشره منذُ 2 شهر،بتاريخ: 22-02-2024 م الساعة 02:53:31 الرابط الدائم: https://newsformy.com/amp/news-2017684.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

هل ثمّة استراحة من الحرب تتوفّر للغزّيين، من أي نوع، ليتفقّدوا حُطام حياتهم وبيوتهم وذكرياتهم؟ ليبحثوا عن ألبوم صورهم إذا تمكّنوا، لا لشيءٍ إلا ليتأكّدوا من أنهم هم الذين في الصور لا سواهم؟ هل عثر أحدُهم على صور زفافه، ومعها تداعت ذكرياتُه عن أحلامٍ وآمالٍ خابت ببيتٍ آمن ومدارس يذهب إليها الأولاد؟
لم توفّر حربُ الإبادة أيَّ فرصة للغزّيين، بما في ذلك التقاط أنفاسهم، لكنهم وهم يُقصفون، وهم يلملمون ما تبقى من جثث ذويهم، خائفون من أن تفعلها القطط التي أحبّوها فتنهش جثث من كانوا يربتون ظهورها ويفسحون لها في السرير لتنام إلى جوارهم، لا يزالون متشبّثين بهذه الحياة، القاسية، الظالمة، التي يعيشونها. وها هم أهلي هناك، يرتجفون من البرد، ذلك الذي كانوا ينتظرونه، ومن المطر الذي كان يلهو تحته أولادُهم، ومن الليل الذي كانوا يسكنون فيه فإذا هم يهربون تحت جنحه علّ القذائف تخطئهم. ها هم أحياء رغم كل شيء، وهل ثمّة خيارٌ آخر، وآخر سلالاتهم يُقتل أمام أعينهم. يُباد كأنما حشراتُ ليل؟ ها هم يتزوّجون وهم يعرفون أنهم سيُقتلون، لكن ماذا يملكون غير ذلك؟ فعلى أحدهم أن يعيد بناء البيت، ويعلّق صورَهم على الحائط، وأن يزور المقابر، وأن يحفظ ذِكرهم. ألا تفعل الكائنات ذلك؟ ألا تُبنى البيوتُ لتُسكن ويكبر الأولاد فيها قبل أن يتزوجوا ويغادروا إلى بيوت أخرى؟ ألا تفعل سائر شعوب الأرض ذلك، ذلك أن البيت يُبنى ليُسكن لا ليُدفن فيه ساكنوه.
قبل أيام قليلة، تزوّج أحد الغزّيين، ويدعى عبد الله أبو نحل، من مريم السيد ديب، في رفح، ونذكر اسميْهما لأنهما استشهدا مرّتين. مرّة بقصف إسرائيلي، وثانية لأنهما قتلا بدون صورتهما الحقيقية. لقد ماتا بدون صورة تؤرشف زفافهما في الأخبار على الأقل، وتنكيرهما والحال هذه يفقدهما حقّهما في أن يكونا بشراً مثلنا يُعاد إليهما الاعتبار، فما الذي حدث لهما وكيف؟ نتيجة خطأ غير مقصود أُرفقت صورة عروسين غيرهما في الخبر الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم (ما أقبح هذا التعبير!)، فاستُشهدا لكن من دون صورتهما. لقد سُلبت منهما صورتُهما الحقيقية، وليس حياتهما وحسب. كأنما هما خطأ غير مقصود في عالم الأخبار والإخبار. كأنهما غيرهما.
كانت الصورة المرفقة لاستشهادهما تخصّ عروسين آخرين تزوجا في دير البلح لا في رفح، وعرفنا اسم العريس على الأقل، وهو محمود خزيق، وظهر في الصور بقميصٍ وعروسه بثوب زفاف أبيض يغطي رأسها ولا يكشف حتى وجهها، وهما ينظُران إلى عدسة الكاميرا وسط غابة من الخِيام التي تحيطهما.
لماذا نذكر الأسماء هنا أيضاً، لأن ثمّة موتاً أخطأ العريسين الأخيرين، فماتا "في الصورة" التي أرفقت بالعريسين القتيلين السابق ذكرهما، بينما ظلّا هما على قيد الحياة باسميْهما لا بصورتهما.
هل ثمة موتٌ يترصدهما الآن، لا لشيء إلا لتتطابق الصورة مع الأسماء؟ هذا لا يحدُث إلا في غزّة حيث ثمة فائض موت يترصّد ناسها ونساءها وأولادها وبناتها وأشجار النخيل والجمّيز فيها وصور كل ساكنيها. هذا لا يحدُث إلا لأن مرايا الموت أصبحت مهشّمة من كثرة طوافه بين الأحياء، فإذا به يقبض الأرواح من هنا وهناك، فلا يظهرون في مراياه كما هم في ألبومات الصور، بل كيفما اتفق، فثمّة من تُظهره صورُه وقد مات باسمٍ آخر، وثمّة من يموت بصورة شخص آخر. ... هذا موت عميم يا غزّة. هذا موتٌ مضطرب، متسرّع، غاشم، لا يعرفنا ولا يعرف أسماءنا وصورنا.
أما القاتل فقريبٌ جداً. لعوبٌ ولا مبالٍ، وبكّاء بلا سبب. القاتل هو حفيد القتيل في أوشفيتز، لكنه لا يريد أن يحدّق في ماضيه، فمن شأن ذلك أن يقول له إنه يتماهي مع قاتل أجداده. القاتل اليوم تُظهره صور زفافه شابّاً يعتمر طاقية سوداء، طويل القامة وأنيقاً، إلى جوار عروسه الجميلة بوجهها الضاحك، وهي تنظر إليه كأنما فُتنت به اليوم وحسب. إنهما يحملان رشّاشيْن في صور زفافهما التي ستؤثّث ألبومات صور عائلتيهما وهما يتذكّران ذلك اليوم الذي اقترنا فيه. ثمّة صور أخرى في خلفية صورهما، صور من قُتلوا برشاشات جيش دفاعهما الذي لم يفعل شيئاً منذ قرن سوى قتل الفلسطينيين في الجوار.

مشاركة الخبر: أعراس الفلسطينيين وأعراسُهم على وسائل التواصل من نيوز فور مي

offline_bolt تريند اليوم، الأكثر بحثاً الآن

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

نشطاء يحاولون تشويه لوحة الحرية تقود الشعب لـ يوجين ديلاكروا

منذُ 27 دقائق

ألقت القبض على ناشطين بعدما حاولوا تشويه لوحة الحرية تقود الشعب التي رسمها يوجين ديلاكروا عام 1830 في متحف اللوفر في باريس ...

غسان كنفاني كيف كانت حياة الكاتب الفلسطيني صاحب المواهب المتعددة

منذُ 27 دقائق

رغم قصر عمر غسان كنفاني إلا أنه كان متعدد المواهب إذ كان أديبا وإعلاميا ورساما ومع أن البعض ينفي اعتراف إسرائيل الرسمي...

أطعمة غنية بالبروتين تساعد على خفض الكوليسترول منها الفول

منذُ 27 دقائق

الكوليسترول هو مادة ينتجها الجسم وتساعد أيضا في إنتاج فيتامين د والهرمونات والإنزيمات التي تساعد في هضم الطعام...

أسعار الذهب في مصر اليوم الأحد

منذُ 27 دقائق

نقدم لكم خلال السطور التالية أسعار الذهب في مصر اليوم الأحد عيار 24 يسجل 3589 جنيها عيار 21 يسجل 3140 جنيها عيار 18 يسجل 2691 جنيها ...

عدوان إسرائيلي على مخيم بلاطة في نابلس اشتباكات عنيفة
منذُ 28 دقائق

أصيب شابان اثنان على الأقل برصاص الاحتلال في مخيم...

أسعار الدولار في مصر اليوم الأحد
منذُ 29 دقائق

نقدم لكم خلال السطور التالية أسعار الدولار في مصر اليوم الأحد سعر الدولار فى البنك الأهلى المصرى 4729 جنيه للشراء 47 جنيه...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد