رودولف سعادة... ملياردير البحار يحول دفته إلى موجات الإعلام
متكتم، يميل إلى العمل في الظل، غير أن إنجازاته وصفقاته تدفعه إلى بؤرة الضوء. ذلك حال الملياردير الفرنسي من أصول لبنانية رودولف سعادة، الذي اشترى قبل أيام شركة "Altice Media" من رجل الأعمال والمليادير باتريك دراهي، الذي تواجه مجموعته قضية رشوة وترزح تحت عبء مديونية كبيرة.
فقد أضحى سعادة الرئيس التنفيذي لشركة النقل البحري العالمية "CMA CGM" مستحوذاً على إحدى أكبر المجموعات الإعلامية في فرنسا، بعدما بذل من أجل شراء "بي إف إم تي في" الإخبارية وإذاعة "إي إم سي" 1.55 مليار يورو (1.67 مليار دولار)، واشترى قبل ذلك يومية "لابروفانس" واقتنى موقع "تريبون" وأطلق "تريبون ديمانش".
استحواذه على "بي إف إم تي في" لا يُخفي الصفقة التي أعلنتها "CMA CGM" في التاسع والعشرين من فبراير/ شباط الماضي. فقد تمكنت من تكريس ريادتها في مجال النقل البحري عبر دفع 4.85 مليارات يورو من أجل شراء " بولوري لوجستيك" من الملياردير فنسان بولوري، الذي يستحوذ بدوره على العديد من القنوات الإخبارية في فرنسا.
تقدر "فوربس" ثروة رودولف بحوالى 9 مليارات يورو، حيث يتبوأ المرتبة الـ278 بين مليارديرات العالم، والثامنة في فرنسا، إذ تضاعفت ثروته، بعدما تمكنت مجموعة النقل البحري التي يرأسها من تحقيق أرباح تصل إلى 50 مليار دولار بين 2020 و2023.
فقد استفاد هو وأخته تانيا وأخوه جاك، اللذان يساهمان في تسيير المجموعة، من ارتفاع الطلب على الشحن البحري قبل جائحة فيروس كورونا وبعدها، وارتفاع تكاليف النقل في سياق الحرب الروسية في أوكرانيا، وأسعار الطاقة والتضخم المرتفع.
يدين رودولف الذي ولد في بيروت في الثالث من مارس/آذار 1970 بنجاحه لوالده جاك سعادة، الذي ولد في العاصمة اللبنانية أيضاً في عام 1937، وترعرع في سورية قبل أن يلتحق بالدراسة في بريطانيا في مدرسة لندن للاقتصاد وينتقل بعد ذلك إلى الولايات المتحدة.
عاد جاك سعادة في عام 1958 إلى سورية كي يتولى أمر تجارة عائلته القائمة على التبغ والقطن، غير أن لجوء النظام السوري آنذاك إلى تأميم قطاعات اقتصادية، سبّب إفلاس عائلته، واضطره إلى العبور إلى بيروت، غير أن الحرب الأهلية في لبنان أجبرته على الانتقال إلى فرنسا، حيث أطلق شركة "CMA"، التي امتلكت في البداية باخرة واحدة تربط بين مارسيليا وبيروت.
تمكنت الشركة من تكريس حضورها في مجال النقل البحري بعد الاستحواذ على شركة "CGM" في عام 1996 في سياق خصخصتها، قبل أن تستحوذ على شركة "Delmas" في 2005، وتواصل عملية التوسع لتصبح الشركة التي توفر أكثر من 150 ألف فرصة عمل عبر العالم، حيث أصبحت ذات الترتيب الثالث عالمياً في النقل البحري والخامسة في اللوجستيات.
يوصف رودولف سعادة بأنه قريب من تيار الرئيس إيمانويل ماكرون، كما لوالده صلات بتيار الرئيس الأسبق جاك شيراك.
وقد تمكنت الشركة من الاستفادة من دعم الدولة بعد الخسائر التي تكبدتها في 2019، حيث أفلحت إثر التأثيرات الأولى للوباء في الحصول على قرض بقيمة 1.05 مليار يورو، مضمون من قبل الدولة الفرنسية، التي سعت لمساعدة شركة النقل البحري والحاويات لتمويل حاملات الحاويات الجديدة التي جُمعت في آسيا، والاستحواذ على شركة اللوجستيات السويسرية Ceva Logistics.
يسعى سعادة الحاصل على دبلوم في التجارة والتسويق من جامعة كونكورديا في كندا، لتفادي الخضوع لضريبة مرتفعة، وهي التي يطالب البعض بأن تصيب الأرباح المرتفعة، بينما تحاول الدولة التعامل مع مجموعة النقل البحري بالكثير من اللين، مخافة أن تعيد ترحيل مقرها الرئيسي من مارسيليا إلى منطقة أخرى من العالم.
تمكن رودولف عبر الصفقة الأخيرة من ترسيخ حضوره في قطاع الإعلام الذي لم يبدأ الاستثمار فيه إلا في 2022، ما أذكى المخاوف من تكريس المليارديرات سيطرتهم على المشهد الإعلامي في فرنسا، بينما ترشحه الشائعات لشراء نادي أولمبيك مارسيليا العريق، علماً أن شركة الشحن العملاقة "CMA CGM" هي أكبر راعٍ لذلك النادي.
مشاركة الخبر: رودولف سعادة... ملياردير البحار يحول دفته إلى موجات الإعلام على وسائل التواصل من نيوز فور مي