السيسي يبدأ ولاية رئاسية ثالثة لـ"الجمهورية" المنهكة اقتصادياً
أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثالثة في مصر، مدتها ست سنوات أمام مجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة، شرقي القاهرة، أكبر المشاريع العملاقة التي تميز بها حكمه، ويقول منتقدون إنها تستنزف موارد البلاد المالية، في بلد منهك اقتصادياً.
ومنذ أن أصبح السيسي رئيساً في عام 2014، شرعت مصر في تنفيذ مشروعات البنية التحتية بقيادة الجيش، والتي يقول السيسي إنها ضرورية للتنمية الاقتصادية واستيعاب السكان.
وتعد العاصمة الإدارية الجديدة التي تبلغ تكلفتها 58 مليار دولار والواقعة في الصحراء، شرقي القاهرة، أكبر المشروعات الضخمة، التي تشمل أيضاً توسيع قناة السويس، وشق شبكة من الطرق، وتشييد مدن جديدة أخرى.
ويلقي منتقدون، وفقاً لوكالة "رويترز"، باللوم على مثل هذه المشروعات في المساهمة في المشاكل الاقتصادية بمصر، قائلين إنها تستنزف الموارد وتزيد من عبء ديون مصر.
تدهور اقتصادي خلال حكم السيسي
تشهد مصر أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخها الحديث، حيث يعيش ثلث السكان البالغ عددهم 106 ملايين نسمة تحت خط الفقر، وفقاً للأرقام الرسمية، بينما تقدر مؤسسات مستقلة النسبة بنحو الثلثين، كما ارتفعت الديون إلى 168 مليار دولار بنهاية عام 2023.
وسجل معدل التضخم مستوى قياسياً حالياً عند 36% مدفوعاً بتراجع قيمة العملة المحلية، ونقص العملة الأجنبية، في بلد يستورد معظم احتياجاته الغذائية.
ومنذ وصوله الى السلطة، عقب الانقلاب على الرئيس المدني المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي، يصف السيسي نفسه بأنه "أب لكل المصريين"، ويقوم بتوجيه النصائح والإرشادات للمصريين في معظم المناسبات والمحافل العامة، ويطالبهم بمزيد من "التضحيات" لتجاوز الأزمة الاقتصادية.
ويعتبر السيسي الذي كان مديراً للمخابرات الحربية، مع انطلاق الربيع العربي، وكان عضواً في المجلس العسكري الذي تسلّم السلطة من مبارك، ثم وزيراً للدفاع في عهد مرسي، أن الثورة خطأ، وأن الثورات في المنطقة لم يكن مردودها إيجابياً.
ويرى الناشط المصري البارز في مجال حقوق الإنسان حسام بهجت أن السيسي بدأ "يفقد شرعيته بين مختلف الطبقات"، مشيراً إلى أن أنصاره أصيبوا مؤخراً بخيبة أمل على وقع تراجع مدخراتهم، في ظل الأزمة الاقتصادية.
ويقول بهجت لوكالة "فرانس برس" إن "جيلاً كاملاً بلغ سن الرشد وهو يعتقد أن القاعدة العامة هي الحياة في ظل القمع، مع عدم وجود آفاق اقتصادية".
الجمهورية الجديدة
اعتمد السيسي لسنوات طويلة على التمويل الممنوح من صندوق النقد الدولي عبر القروض أو عبر ودائع الحلفاء الخليجيين، وهو ما يصفه الباحث في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية روبرت سبرنغبورغ بأنه نموذج اقتصادي فقدت معظم البلدان في العالم ثقتها فيه.
وخلال الشهر الماضي اتخذ البنك المركزي المصري قراراً بتحرير سعر صرف الجنيه ليفقد ثلثي قيمته أمام العملة الأميركية، ليصل سعر الدولار إلى نحو 47.25 جنيهاً مصرياً من نحو 30.85 جنيهاً قبل التعويم الأخير و7 جنيهات وقت وصول السيسي للحكم.
وساعدت قرارات المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه (التعويم)، الحكومة المصرية على الحصول على قروض صندوق النقد الدولي في 2016 ثم 2022 والتي رفعها الصندوق في اجتماعه الأخير الأسبوع الماضي، من ثلاثة مليارات دولار متفق عليها في 2022 إلى ثمانية مليارات دولار، في محاولة لجمع حصيلة من النقد الأجنبي.
كذلك قررت الإمارات ضخ 35 مليار دولار استثمارات مباشرة في غضون شهرين في مصر، بموجب اتفاق وُقع بين الحكومتين المصرية والإماراتية لـ"تنمية 170.8 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة" على البحر المتوسط في شمال غرب البلاد. وكثيراً ما تتعرض مصر لانتقادات خبراء الاقتصاد حول كيفية إنفاق ما في خزائنها من نقد أجنبي وما هي الأولويات.
إسراف حكومي وعسكرة الاقتصاد
كما انتقد الخبراء المشروعات العملاقة التي تبناها السيسي تحت شعار "الجمهورية الجديدة"، والتي يعتقد الخبراء أن لا عائد لها بينما تستنزف موازنة الدولة وتؤدي إلى مضاعفة الديون.
ويوضح سبرنغبورغ أن هذا النموذج يتبنى سياسة "العسكرة" و"الإسراف في الاقتراض من أجل مشاريع مرموقة ذات فوائد اقتصادية محدودة". وكثيراً ما يؤكد السيسي للمصريين مدى خبرته في الحكم على الأشياء، سواء في مجال الاقتصاد أو غيره من المجالات، حتى إنه لا يجد خطأ في أن يعلن أنه المشرف والمراقب على صناديق الثروة السيادية في البلاد وليس الجهاز المركزي للمحاسبات. ويرى بهجت أن السيسي يحكم "وحده، ولذلك فهو وحده يُلام" على ما تمر به البلاد من أزمات.
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)
مشاركة الخبر: السيسي يبدأ ولاية رئاسية ثالثة لـ"الجمهورية" المنهكة اقتصادياً على وسائل التواصل من نيوز فور مي