هل تؤثر التغذية في تطور مرض ألزهايمر؟
قد يؤدي سوء التغذية إلى ظهور مرض ألزهايمر، ويؤدي تطور المرض إلى زيادة سوء التغذية، وفقًا لدراسة جديدة من الصين.
الأمل معقود على أن تحسين التعامل مع احتياجات الناس الغذائية قد يؤدي إلى الحد من الإصابة بمرض ألزهايمر وغيره من أنواع الخرف. درس الباحثون نظامين غذائيين بشأن هذا الخصوص في بحثهم، وهما حمية البحر الأبيض المتوسط وحمية مايند، إذ تبحث دراسة جديدة من الصين في العلاقة المعقدة، وربما ثنائية الاتجاه، بين مرض ألزهايمر (AD) وسوء التغذية.
خلُصت الدراسة إلى أن التحديد المبكر والتداخل الغذائي للأشخاص المعرضين لسوء التغذية قد يقلل من فرص الإصابة بمرض ألزهايمر.
عند ظهور مرض ألزهايمر، غالبًا ما يعاني الأفراد درجة متزايدة من سوء التغذية مع تقدم المرض، وصولًا إلى وقوعهم في دوامة هبوطية من سوء التغذية، إذ يصبح الحفاظ على التغذية الكافية أكثر صعوبة.
مع تقدم سكان العالم في العمر، انخفض معدل حالات الخرف المرتبطة بالعمر الجديدة في العديد من البلدان، وفقًا لتقرير لجنة لانسيت لعام 2020. لاحظ التقرير أن التحسينات في التغذية والتعليم والرعاية الصحية وخيارات نمط الحياة هي التي تقود هذا الاتجاه.
قدرت اللجنة أن 12 عاملًا قابلًا للتعديل تمثل سببًا لنحو 40% من حالات الخرف على مستوى العالم.
تشمل هذه العوامل قلة التعليم، وارتفاع ضغط الدم، وضعف السمع، والتدخين، والسمنة، والاكتئاب، والخمول البدني، والسكري، وضعف الاتصال الاجتماعي. الخبر السار هو أن هذه العوامل قابلة للتعديل.
تشير الأبحاث السابقة إلى أن الأشخاص الذين لديهم ضعف إدراكي معتدل (MCI)، قد يكون لديهم الانخفاض الكبير في مشعر كتلة الجسم (BMI) مؤشرًا مبكرًا للتدهور المعرفي. وجدت دراسة أخرى أنه في كل مرحلة من مراحل مرض ألزهايمر، يصبح سوء التغذية أكثر وضوحًا، إذ يؤكده استمرار انخفاض الوزن، ومشعر كتلة الجسم، وضمور النسيج الدهني، وزيادة درجة كتلة الدهون.
شملت الدراسة الرصدية الجديدة 266 فردًا في الصين، ومن بين هؤلاء، قُيّم 73 شخصًا من عامة السكان على أنهم يتمتعون بصحة معرفية جيدة. سُجلت بقية المشاركين في مركز علم الأعصاب الإدراكي في مستشفى بكين تيانتان Beijing Tiantan Hospital. من بين هؤلاء الأشخاص، كان 72 شخصًا يعانون ضعفًا إدراكيًا معتدلًا بسبب مرض ألزهايمر (AD-MCI)، وكان 121 منهم مصابًا بالخرف بسبب مرض ألزهايمر (AD-D).
أخذ الباحثون عينات دم وريدية من المشاركين، وأجروا قياسات مفصلة للجسم، وقد نُشرت الدراسة في مجلة Frontiers in Nutrition.
حمية البحر الأبيض المتوسط مقابل نظام مايند الغذائي
صنّف الباحثون جودة الأنظمة الغذائية للمشاركين في الدراسة وفقًا لالتزامهم بحمية البحر الأبيض المتوسط (MED)، وحمية النظام الغذائي MIND (حمية الأبيض المتوسط DASH لتأخير التنكس العصبي). عمومًا، لم تكن ثمة فروق ذات دلالة إحصائية في درجات النظام الغذائي بين هذه المجموعات. مع ذلك، كانت النتائج أقل قليلًا لدى الأشخاص الذين يعانون AD-D مقارنةً بمرضى AD-MCI ومجموعات الإدراك العادية.
استفسر عالم الأعصاب الدكتور سكوت كايزر Dr. Scot Kaiser، الذي لم يشارك في الدراسة، هل كان المشاركون قد حصلوا على درجاتهم بناءً على تناولهم الخضار الورقية الخضراء أم على تناولهم المكسرات، أو زيت الزيتون، أو أي نوع من الأسماك؟ إذ يعتقد أن كل هذه الأمور من شأنها أن تُحدث فرقًا كبيرًا.
أكّد الدكتور كايزر أنه من الصعب حقًا إجراء الدراسات الغذائية، ومن الواضح أن هناك حاجة إلى مزيد من التجارب العشوائية والفرضيات المحتملة.
ارتبط انخفاض قيمة مؤشر كتلة الجسم، ومحيط الساق والورك الأصغر، والدرجات المنخفضة في التقييم الغذائي المصغر ونتائج مؤشر المخاطر الغذائية لدى كبار السن بمرض ألزهايمر، وكذلك انخفاض مستويات البروتين الكلي، والألبومين، والغلوبيولين، والبروتين الدهني A1.
كان المؤشر الأكثر دقةً لمرض ألزهايمر هو مزيج من إجمالي مستويات البروتين والألبومين، إضافةً إلى محيط الساق.
كانت نتيجة MNA أوضح مؤشر للخط الفاصل بين الضعف الإدراكي الخفيف لمرض ألزهايمر (AD-MCI) والخرف الكامل لمرض ألزهايمر (AD-D).
حتى مع غياب مناقشة تأثير مجموعات الكائنات الحية الدقيقة Microbiome في هذا البحث، أشار الدكتور كايزر إلى أنها قد تكون أحد مجالات الدراسة الرائعة، خاصةً أبحاث الميكروبيوم المتغير بين الأشخاص، وكيفية تأثيره في امتصاص العناصر الغذائية وتوازن الطاقة والعوامل التي تؤثر في صحة الدماغ.
لم تسوء التغذية عند الإصابة بمرض ألزهايمر أكثر؟
غالبًا ما يعاني مرضى ألزهايمر سوءًا في التغذية يزداد مع تقدم المرض. قد يكون مرض ألزهايمر السبب في ذلك، أو يكون سوء التغذية -أحد عوامل التطور الأولي للمرض- ببساطة ما يجعل الأمور أسوأ بمرور الوقت.
وفقا للدكتور كايزر، قد توجد آليات بيولوجية واجتماعية تشرح سبب زيادة انتشار سوء التغذية مع مرض ألزهايمر.
أشارت ميشيل روثينشتاين Michelle Routhenstein، أخصائية التغذية المسجلة في موقع EntirelyNourished.com، إلى أن المصابين بمرض ألزهايمر أكثر عرضةً للإصابة بسوء التغذية بسبب تحديات مثل صعوبة المضغ والبلع، وتغيّر إدراك التذوق والشم، ونسيان تناول الطعام، وصعوبات إعداد الوجبات، وكذلك الأعراض السلوكية مثل الانفعال أو عدم الاهتمام بتناول الطعام، التي تؤثر بدورها في عادات الأكل وتناول العناصر الغذائية.
بالحديث عن العوائق الاجتماعية، يعتقد الدكتور كايزر أنه إذا كان شخص ما لا يستطيع إطعام نفسه، وإذا كان يعتمد على شخص آخر في تغذيته، أو إذا كانت آليته للإشارة إلى الجوع لا تعمل جيدًا وتواصله مع الآخرين ضعيف، عندئذ لدينا مشكلة حقيقة بخصوص تغذيته.
تعزيز الإدراك بالتغذية
يرتبط النظامان الغذائيان MED وMIND ببعضهما، إذ يعتمد كلاهما على الطريقة التقليدية لتناول الطعام في المناطق المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط. تفيد كلتا الحميتين صحة القلب والأوعية الدموية وفقدان الوزن عندما يقترن بنمط حياة نشط بدنيًا والمشاركة الاجتماعية، وإن لكليهما رابط قوي بالصحة المعرفية.
يركز النظام الغذائي المتوسط على الأطعمة النباتية مثل الخضروات، والفواكه، والبقوليات، والحبوب الكاملة التي تؤكل إما في الوجبات أو كأطعمة خفيفة. إضافةً إلى ذلك، يتضمن النظام الغذائي تناول الدهون الصحية مثل زيت الزيتون البكر الممتاز، واستهلاك معتدل للأسماك وكميات أقل من اللحوم أو البيض، وتجنب الأطعمة المصنعة عمومًا.
يعتمد نظام MIND الغذائي على نظام Med الغذائي ونظام DASH (الحميات الغذائية لوقف ارتفاع ضغط الدم)، ويركّز خصوصًا على دعم الصحة المعرفية والوقاية من أمراضها ومؤهباتها قدر الإمكان. يركّز النظام الغذائي على تناول ست حصص أو أكثر أسبوعيًا من الخضر الورقية .
علاوةً على ذلك، يوصي النظام الغذائي بالتوت، والمكسرات، والبقوليات، والحبوب الكاملة، والأسماك، والدواجن، وزيت الزيتون مع تجنب اللحوم الحمراء، والزبدة، والسمن، والجبن، والمعجنات، والأطعمة المقلية أو السريعة.
استشهدت روثنشتاين ببعض الأطعمة المحددة التي تعزّز الاحتياطيات المعرفية لدى الأشخاص الذين يرغبون في تجنب الخرف عمومًا أو الخرف المرتبط بمرض الزهايمر.
إن التوت الأزرق والفراولة وأنواع التوت الأخرى تحتوي على مضادات الأكسدة والفلافونويد التي تساعد على تحسين الذاكرة والوظيفة الإدراكية، وأشاد الدكتور كايزر بقيمة الفواكه والخضروات الملونة إجمالًا.
إن بذور السمسم وبذور الكتان غنية بالدهون الصحية، كذلك المركبات البوليفينية مثل القشور تدعم صحة الدماغ، وتسهم في تقليل خطر التدهور المعرفي مع تقدم العمر.
يتطلب نظام mind الغذائي تناول ثلاث حصص أو أكثر يوميًا من الحبوب الكاملة مثل الشوفان، والشعير، والكينوا، إذ توفّر إمدادًا ثابتًا من الطاقة للدماغ، وتحتوي على عناصر مغذية مثل فيتامينات ب6 وحمض الفوليك التي تدعم الوظيفة الإدراكية.
شدّد الدكتور كايزر كذلك على القيمة الغذائية المهمة للأسماك في نظام Mind الغذائي، وخاصةً الأسماك التي تحتوي نسبة عالية من أحماض أوميجا 3 الدهنية، وخاصةً حمض DHA، والموجودة في أسماك المياه الباردة كسمك السلمون الذي يُعد مثالًا ممتازًا كأحد مصادر هذه الأحماض.
تنبّه روثنشتاين نهايةً على حاجة هذه الأنظمة الغذائية إلى أن تكون متوازنة بعناية، وأن تُنفّذ بطريقة متناسبة لمعالجة فقدان العضلات وتراجع اللياقة البدنية المحتمل، ما قد يؤثر في تطور مرض ألزهايمر، وأوصت باستشارة خبير تغذية لوضع خطة غذائية مناسبة تمامًا لكل شخص.
اقرأ أيضًا:
تشخيص داء ألزهايمر المبكر ممكن في سن الثلاثين
علاقة مفاجأة بين نقر الأنف وألزهايمر
ترجمة: لمك يوسف
تدقيق: ألاء ديب
مراجعة: هادية أحمد زكي
المصدر
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
مشاركة الخبر: هل تؤثر التغذية في تطور مرض ألزهايمر؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي