عيد العمال الذي كان
في منتصف السبعينات، ونحن اطفال في مدينة تعز، كنا نستشعر قدوم عيد العمال ، من اللافتات القماشية الزرقاء والحمراء التي فرغ من كتابتها الخطاطون العاملون في محل شكري، وتركوها معلقة على الأبواب المغلقة بالقرب من المحل في السوق المركزي، لتجفيف حبرها الأبيض والفضي.
كل محتوى اللافتات كان عبارة عن تهان وتبريكات لقائد “مسيرة التصحيح” إلى جانب شعارات تمجد العمل والعمال، مذيلة بأسماء الجهات والمصالح الحكومة والشركات الخاصة، و كانت هذه المناسبة أشبه بموسم وفير للخطاط وعماله إلى جانب مناسبات أعياد الثورة ،وعيد الشجرة، وذكرى حركة التصحيح.
قبل العيد ،بأيام ثلاث، تكون هذه اللافتات قد عُلِّقت في الشوارع وعلى وجهات الجهات، إلى جوار الأعلام، وفي صباح العيد كان يمكننا مشاهدة بعض مكونات الاستعراض، من العمال والعاملات بملابسهم الموحدة، وهم ممسكون بالأعلام الملونة تسبقهم مجسَّمات من الأخشاب والمعدن فوق السيارات المكشوفة، وهم في طريقهم إلى ملعب الشهداء في منطقة “العُرضي”، حيث تُنظم الاحتفالات.
كانت المروحيات العسكرية تجوب سماء المدينة المنخفضة، تتدلى من باطنها الأعلام الجمهورية وصور الرئيس، والأهم قيام بعض افرادها برمي أكياس صغيرة من الحلويات الرخيصة (المليم والشِّكليت) في الهواء، وكانت هذه العملية تُجبر الأطفال والكبار معاً على الصعود إلى سطوح العمارات المرتفعة لالتقاط ما ترميه، حتى إن إشاعات كانت تقول بأن الطائرة ترمي مع الحلويات نقوداً توضع في الأكياس، وهو الأمر الذي كان يجعل التسابق على أشده إلى الأماكن التي يُعتقد بسقوط الأكياس فيها بعيداً عن المباني، ومنها جبل “الضبوعة” الذي لم يكن وقتها مكتظاً بالمساكن كما هو حاله اليوم. وكان لا يحلو العيد إلا بأنشودة الفنان يحيى العوامي ( سلام للعمال في المصانع).
كل عام وعمال اليمن والعالم بأطيب حال.
The post عيد العمال الذي كان appeared first on بيس هورايزونس.
مشاركة الخبر: عيد العمال الذي كان على وسائل التواصل من نيوز فور مي