حياة في الصورة (24)
قبل شهر مرت الذكرى العاشرة لوفاة الموسيقار الكبير ناجي القُدسي، صاحب اللحن الموسيقي الخالد ( الساقية لسه مدورة) الذي صار أحد الثيمات الموسيقية المعاصرة في السودان بصوت الفنان أحمد الريح
بعد وفاته بأيام كتبت عنه في صحيفة الشارع موضوعاً عنوانه (مات وساقيته لسه مدوره).
مات ناجي القُدسي ،بعد منتصف ليل الخميس الرابع من ابريل 2014، لم يحتمل قلبه المكتظ بمباهج الحياة شهوة مبضع جائع في احد مشافي صنعاء.
مات الموسيقار الصوفي النبيه والنبيل ولم تزل ساقيته تدور بنبض من اراد ان يكون شيئاً تحت هذه السماء .
منذ سنوات طويلة عرفته في شارع علي عبد المغني كأحد الشخصيات الاستثنائية ,ليس حديثه وملبسه ومشيته وعلاقته بالأشياء ما يجذبك إليه ،وانما روحه المحلقة في الأعالي وثقافته الرفيعة هي التي تسمو بك لتعانق الفضاء الواسع.
في اشد لحظات انهداماته النفسية (بسبب تجاهله وتهميشه من قبل القائمين على المؤسسات الثقافية الرسمية)،لا يجد سوى السخرية من الجميع كأداة فاعلة للتنفيس.
الأيام التي كانت تقطر الناس الى عرباتها مثل فقراء الهنود لم تكن عنده اكثر مما يأخذه اسفلت الشوارع، وأتربة الأزقة من أحذيته البسيطة. أما الأيام التي أحب كانت تلك التي تختصر الجملة الموسيقية التي يطاردها في زهد المتصوفة واصطبار المشردين، وأحلام المثقفين.
قبل نحو أسبوعين رأيته آخر مرة في تحرير صنعاء ،لم يحدثني عن حالته الصحية، وحدثني عن عمل موسيقي جديد قال ان شباناً سودانيين يعكفون علي إنجازه.
وحين علمت انه خضع منتصف الأسبوع لعملية قلب مفتوح ،قلت أن شخصاً مثله لابد أن يُرى بكامل حيويته في قلب المدينة محاطاً بأصدقائه البسطاء من اليمنيين والسودانيين مثلما عودنا دائماً ،وقبل أن تراه العين مرة أخرى سمعت الاذن خبر وفاته الصاعق.
الذاكرة لن تتخلص ابدأ من تصاويره المحفورة بداخلها إما بجبته وعمته السودانية ومسبحته الطويلة كشيخ صوفي، أو بجينز و(تيشيرت) صيفي وكاب ونظارة شمسية مثل قبطان يتفقد سفينته قبل إقلاعها من رصيف مهمل.
وهذه الصورة تختزل الحالة الثانية في حالته، 2007 صنعاء.
The post حياة في الصورة (24) appeared first on بيس هورايزونس.
مشاركة الخبر: حياة في الصورة (24) على وسائل التواصل من نيوز فور مي