web النسخة الكاملة
wifi_tethering أخبار من نيوز فور مي
widgets اخبار سياسية widgets اخبار محلية widgets اخبار اقتصادية widgets أخبار دولية widgets اخبار رياضية widgets اخبار تقنية widgets أخرى ومتنوعة widgets فن وثقافة widgets أراء وكتابات widgets علوم وتكنولوجيا widgets صحة ومجتمع
mail راسلنا
menu

عن آباء غائبين في غزّة

تم نشره منذُ 1 اسبوع،بتاريخ: 08-05-2024 م الساعة 02:35:27 الرابط الدائم: https://newsformy.com/amp/news-2089947.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

أثارني تسجيل صوتي للدكتور عدنان البرش، الذي قضى نحبه في معتقل عوفر الإسرائيلي بعد خطفه عدة أشهر من مستشفى العودة في جباليا في شمال قطاع غزّة. وعلى الرغم من النهاية الأليمة للطبيب الشجاع الذي أصرّ على البقاء مع مرضاه وعدم مغادرة المستشفى في أثناء حصار الاحتلال له، وعلى الرغم مما تناولته وسائل الإعلام عن بطولات الطبيب الراحل وما قدّمه من خدمات جليلة للمرضى، قبل الحرب أو خلالها، فالتسجيل الصوتي الذي لفتني هو ما تحدّث به الطبيب عن إجلائه زوجته وأطفاله من البيت وحرصه على الاطمئنان على سلامتهم. ولفتني بعد وفاته لقاء مع طفله الأكبر بين إخوته، تحدّث فيه عن الطبيب الأب الذي كان يعمل على مدار الساعة لخدمة المرضى الفقراء، ولكن ذلك لم يمنعه من أن يخصص يوم الجمعة من كل أسبوع لعائلته، حيث يخرج بهم منذ الفجر باتجاه البحر لتمضية وقت طيب برفقتهم وتعليمهم السباحة، وأنه كان يعتبر هذا اليوم مقدّساً بعد عناء الأسبوع لحرصة على ألا يكون أباً غائباً بسبب شهرته وتهافت المرضى عليه من كل أنحاء القطاع، خصوصاً الفقراء منهم، وحيث كان يخصّص لهم يوماً مجانياً للعلاج.

بدت إمارات الحزن واضحة على وجه الطفل الصغير، يزن، وهو يصف، بصوت لا يخلو من فخر، بطولة والده الراحل، وحرصه على الاتصال بهم وتشجيعهم وشدّ أزرهم رغم حصاره في المستشفى، وحاجته أكثر منهم لمن يشجّعه ويشدّ من أزره، فقد كان الطبيب الراحل الذي قضى أربعة أشهر في سجون الاحتلال وقبل اعتقاله في حالةٍ لا توصف، فلا يمكن تخيّل أن طبيباً يستطيع أن يقوم بعمله داخل مستشفى محاصر من الأرض والجو، والقتلى يسقطون بين قدميه وهو ما زال واقفاً يحاول أن يسعف آخرين أصيبوا خلال حصار المستشفى أو نقلوا إليه من أماكن قصف متفرّقة.

لا يمكن أن تتغيّر صورة الأب الفلسطيني، ولا يمكن أن تكون هناك إلا صورة الأب التي تبقى في الذهن، وفي ثنايا الروح، ومستقرّة في خبايا النفس، مهما مرّ الزّمن وطوت السنون الصورة التي تبهت رويداً رويداً في عيون الآخرين، ولكن ذلك لا يحدُث مع الأبناء الذين لا يتوقّفون عن تذكّر الأب الذي ضحّى من أجلهم، فلا يمكن أن ينسى طفلٌ صغير أباه الذي أصرّ على إجلائه مع أمّه وإخوته من البيت، والطائرات المسيّرة تطرّز السماء فوقهم، والدبّابات تطلق قذائفها من الحدود، وحين اطمأن بشأن إجلائهم من طريق ظنّ أنّه أكثر أماناً، وقرّر أن يخرج بعدهم، اصطادته رصاصة أطلقتها طائرة مسيّرة، فسقط على بعد أمتار من مرأى عيونهم، ولكنّهم لم يستطيعوا العودة لنجدته، أو حتى إلقاء نظرة أخيرة عليه، فيما كان يلوّح لهم بذراعه أن يبتعدوا خوفاً عليهم، قبل أن تهمد هذه الذراع إلى جواره مطمئناً لنجاتهم.

ولا يمكن أن نتخيّل حال الآباء وشعورهم حين أصرّوا على إجلاء أطفالهم مع أمّهاتهم من شمال غزّة نحو جنوبها في رحلة نزوح شاقّة، وظلّ الأب في الشمال المحاصَر، لأن الأوامر المتذبذبة والمتضاربة اقتضت في منطقة ما تعرّضت للحصار في شمال غزّة خروج النساء والأطفال فقط، فأسلم الأب عائلته للطريق الشاقّ، وبقي ينتظر مصيره المجهول، والذي يراوح بين الاعتقال والتنكيل أو القنص والموت، ورغم رفض الأم وأطفالها أن يفترقوا، إلا أنهم يذعنون أخيراً لإصرار الأب على نجاتهم.

أما الآباء الأبطال الذين قضوا وهم ينتظرون كيساً من الطحين ساعات طويلة والدبابات تحاصرهم بقذائفها وتحوم فوق رؤوسهم الطائرات المسيّرة التي تطلق الرصاص بلا هوادة، فمثل هذا الأب الغائب لا يمكن أن يتحوّل إلى صورة باهتة، فهو يرحل ويترك خلفه رسائل لا تُكتب ولا توصف، ولكن تراها في مآقي الأطفال الذين يستيقظون في الخيام، ويعانون أكثر مما كانوا، حيث غاب الأب وأصبح عليهم أن يصبحوا آباءً صغاراً لأخواتهم البنات، وهؤلاء يكبرون سريعاً لأن الحمل الذي يتركه الأب الغائب يكون ثقيلاً، وشهادات الناجين من المجازر على مرّ تاريخ النضال الفلسطيني شاهدة على أطفالٍ تربّوا يتامى، ولكنهم أصبحوا رجالاً يُشار إليهم بالبنان.

مشاركة الخبر: عن آباء غائبين في غزّة على وسائل التواصل من نيوز فور مي

offline_bolt تريند اليوم، الأكثر بحثاً الآن

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

رواية سابقة عصرها ماذا قال يوسف إدريس عن البيضا

منذُ 52 دقائق

تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الراحل يوسف إدريس وهو واحد من أهم كتاب القصة القصيرة في مصر غير أن له رواية لها اسمها البيضا...

شاهد غرفة نوم فان جوخ داخل دير فرنسي لتلقى العلاج النفسى صور

منذُ 52 دقائق

لا يزال دير سان بول دى موسول الفرنسي الذي صنع فيه الفنان فنسنت فان جوخ العديد من روائعه عندما كان يتلقى العلاج النفسي...

نصائح بسيطة للحوامل للتعامل مع الموجة الحارة لتجنب أى مضاعفات

منذُ 52 دقائق

تعتبر النساء الحوامل من أكثر الفئات التى تعانى من ارتفاع درجات الحرارة وفى ظل الموجة الحارة الجديدة من المهم اتخاذ...

توافد كبير للزائرين المصرييين بمتاحف الآثار في اليوم العالمي للمتاحف

منذُ 52 دقائق

شهدت متاحف الآثار المصرية أمس توافد آلاف الزائرين من المصريين على زيارتها للاحتفال بيوم المتاحف العالمي والذي يوافق ١٨...

رئيس المؤتمر يكتب المستقبل للوحدة
منذُ 53 دقائق

العيد الوطني ال34 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في ال22 من مايو 1990م هو مناسبة للاحتفال بحقيقة تاريخية أن الشعب اليمني كان...

آرسنال يحقق فوزا صعبا وينهي الموسم وصيفا في البريميرليغ
منذُ 53 دقائق

حقق فريق آرسنال فوزا صعبا على ضيفه إيفرتون بهدفين مقابل هدف الأحد في المرحلة ال38 والأخيرة من الدوري الإنجليزي الممتاز...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد