غاز الطهو يلهب أسعار سلع أساسية في المغرب
لن تقتصر الزيادة التي قررتها الحكومة المغربية على قنينة غاز الطهي التي تستهلكها الأسر، بل ستطاول سلعاً أخرى مثل الخضر والفواكه والدواجن يستعمل منتجوها مصدر الطاقة ذاك في نشاطهم.
وسرى اعتباراً من أول من أمس، بحسب بيان لوزارة الاقتصاد والمالية المغربية، قرار برفع الدعم عبر صندوق المقاصة عن غاز الطهو، وهو ما يترجم بزيادة تتراوح بين 25 سنتاً ودولار واحد في أسعار بيع قنينات الغاز. وكانت الحكومة كشفت عن التوجه نحو تقليص تدريجي لدعم غاز الطهو، وهو ما سيترتب عنه رفع سعر قنينة الغاز من فئة 12 كيلوغراماً في الفترة الممتدة بين 2024 و2026 من 4 دولارات إلى 7 دولارات.
مسوغات حكومية
سوغت الحكومة القرار، بالرغبة في توفير مخصصات عبر صندوق المقاصة وتقليص الدعم، وتحويل جزء منها إلى تمويل الدعم الاجتماعي المباشر والتغطية الصحية والسكن. وأكدت وزارة الاقتصاد والمالية في بيان الأحد الماضي، أن الحكومة خصصت 8 مليارات دولار من أجل تمويل مختلف البرامج الاجتماعية، بالإضافة إلى تنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي، الذي يقضي برفع أجور الموظفين والأجراء.
وكانت الحكومة أعلنت في العام الماضي الانخراط في ما اعتبرته إصلاحاً لنظام المقاصة الذي يوفر الدعم للسكر والدقيق وغاز الطهو بهدف استخلاص جزء من إيرادات تمويل الدعم المباشر.
ويستفاد من بيانات الخزانة العام للمملكة، أن نفقات الدعم عبر صندوق المقاصة انخفضت إلى غاية إبريل/ نيسان الماضي بنسبة 55 في المائة، كي تستقر عند 400 مليون دولار، مقابل 890 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط الحكومية أن يواصل عجز الميزانية تراجعه خلال العام الحالي مستفيداً من التحسن المرتقب للنشاط الاقتصادي الوطني ومن تقليص نفقات المقاصة، نتيجة الإصلاح التدريجي لسياسة دعم غاز البوتان تدريجياً والذي يمثل في المتوسط حوالي 60 في المائة من نفقات الدعم الإجمالي لأسعار الاستهلاك خلال الفترة 2014-2022.
وتدافع الحكومة عن المقاربة القائمة على الدعم المباشر للأسر الفقيرة سواء تعلق الأمر بتلك السلع التي يدعمها صندوق المقاصة أو السكن الذي أعلن قبل أيام دعم السكن الذي ترنو الأسر منخفضة الدخل أو المعتبرة ضمن الطبقة المتوسطة إلى شرائه.
مخاوف من ارتفاع الأسعار
استهداف أسر بالدعم المباشر سيفضي إلى منعه عن أسر أخرى خاصة تلك التي تصنف ضمن الطبقة المتوسطة، حيث سيحملها ذلك تكاليف إضافية بسبب الزيادات التي قد تعرفها أسعار سلع مثل السكر والدقيق وغاز البوتان عند المضي في رفع الدعم عن هذه السلع، بحسب مراقبين.
وفي الوقت الذي تؤكد الحكومة على خفض نفقات المقاصة لتمويل الدعم الاجتماعي، يرى مراقبون أن الدعم الذي تستفيد منه بعض السلع، يسمح بالتحكم في التضخم، خاصة المستورد منه، ما يساعد على التحكم في القدرة الشرائية والتضخم الذي يمكن أن ينفلت في ظل حالة عدم اليقين التي تسم السوق العالمية للطاقة وبعض السلع الأولية.
يأتي ذلك في ظل عدم استئصال تباطؤ ارتفاع التضخم قلق الأسر حول تطور مستوى معيشتها، ففي بحث الظرفية الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط حول أوضاع الأسر، صرحت 82.5 في المائة من تلك الأسر بإحساسها بتدهور مستوى معيشتها في الاثني عشر شهراً الماضية، وهي نسبة تصل إلى 56.9 في المائة عند سؤال الأسر حول توقعها لتطور مستوى معيشتها في الاثني عشر شهراً المقبلة.
وصرّحت حوالي 56 في المائة من الأسر المستطلعة آراؤها بأنّ إيراداتها تغطي إنفاقها، في حين استنفدت 42.4% من الأسر مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض.
وذهب رئيس الجامعة المغربية لجمعيات المستهلك، وديع مديح، إلى أن قرار الزيادة في سعر غاز الطهو يأتي في سياق متسم بعدم اليقين الذي ميز أسعار العديد من السلع في الثلاثة أعوام الأخيرة.
وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن استعمال أسطوانات غاز الطهو لا يقتصر على الأسر في المغرب، بل تستعمل من أجل ضخ المياه لسقي الخضر والفواكه، ما من شأنه أن يرفع تكلفة الإنتاج ويؤثر على السعر النهائي في أسواق التجزئة.
ولاحظ أن غاز الطهو يستعمل من المخابز بهدف توفير الخبز والحلويات، كما ترتهن إليه المطاعم في توفير الأكلات، ما يؤشر على احتمال ارتفاع أسعار تلك السلع. ويرى مديح أنه يجب في ظل القرار الجديد، تفادي الممارسات التي شابت تطبيق قرار تحرير أسعار السولار والبنزين، والتي أفضت إلى التظلم إلى مجلس المنافسة، الذي عمد إلى فرض غرامة على شركات محروقات بسبب مخالفتها لقانون حرية الأسعار والمنافسة.
زيادة تكلفة الإنتاج
من جهته، يذهب رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، محمد عبود، إلى أن الزيادة في أسعار غاز الطهو سيرفع تكاليف الإنتاج في ما يخص مربي الدواجن.
ويوضح في تصريح لـ"العربي الجديد" أن ضيعة تتوفر على عشرة آلاف كتكوت تستعمل في الأيام العادية مائتي قنينة غاز من أجل التدفئة، غير أن ذلك العدد يمكن أن يرتفع في حال انخفضت درجة حرارة الطقس.
يذهب رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، محمد عبود، إلى أن الزيادة في أسعار غاز الطهو سيرفع تكاليف الإنتاج في ما يخص مربي الدواجن
ويؤكد أن سعر قنينة الغاز يضاف إلى أسعار الأعلاف المرتفعة، ما سيؤدي إلى التأثير على تكلفة الإنتاج، مما سيفضي إلى زيادة أسعار البيع للمستهلك النهائي للدواجن في السوق المغربية.
ويعبر عضو جمعية مكثري البذور محمد الإبراهيمي، عن التخوف ذاته في ما يتصل بتأثير سعر الغاز على تكلفة إنتاج الدواجن، غير أنه يشير إلى أن استعمال الغاز لا يقتصر فقط على الدواجن، بل يمتد إلى الأنشطة الإنتاجية الأخرى.
ويشير في تصريح لـ العربي الجديد" إلى أن المزارعين الذين ينتجون الخضر والفواكه يعمدون من أجل استخراج المياه للسقي إلى تشغيل آلات الضخ بالغاز، وذلك في ظل عدم تفعيل سياسة تتيح الاستعانة بالطاقة الشمسية من أجل توفير المياه، ما يعني أن سعر غاز الطهو سيساهم في تكوين أسعار بعض الخضر والفواكه مستقبلاَ.
مشاركة الخبر: غاز الطهو يلهب أسعار سلع أساسية في المغرب على وسائل التواصل من نيوز فور مي