تدخل خاسر
توفيق الحاج
في خضمّ معركة الجمهورية التي يخوضها الشعب اليمنيّ ضد مليشيا الحوثي، تشكل مسألة توحيد العملة وإنهاء الانقسام المصرفي معركة اقتصادية حاسمة لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية، انطلاقا من كون العملة الموحدة رمزًا لوحدة الوطن وسيادته، ورفضًا لابتزاز مليشياِ الحوثي الارهابية وتمردها وسعيا إلى تجفيف المنابع المالية التي يتغذى منها الارهاب الحوثي.
لقد سعت مليشيا الحوثي، منذ انقلابِها المشؤومِ، إلى السيطرة على المؤسسات المصرفية والشركات الإنتاجية والصناديق الائتمانية، ثم تقسيم البلادِ اقتصاديًا من خلالِ عدم الاعتراف بالطبعة الجديدة من العملة، ثم إصدارِ عملة غيرِ معترفٍ بها دوليًا، وإخضاع المناطقِ التي تسيطر عليها لِسياسات نقدية فوضويةٍ بهدف إحكام قبضتِها على الاقتصادِ اليمنيّ، واستغلاله لِخدمة مصالحِها الإرهابية، وإخضاع الشعب اليمنيّ لِسيطرتِها عن طريق إفقاره والتحكم بمصيره الاقتصادي.
وإنهاء لهذه الفوضى أتت قراراتُ البنكِ المركزيّ في عدن بعد طول انتظار كخطوةٍ مهمّةٍ على طريق توحيد العملةِ، وإعادة الاستقرارِ للنظام المالي في البلاد، وتحريرِ الاقتصادِ اليمنيّ من قبضةِ المليشياِ.
وهي قرارات مدروسة أرعبت مليشيا الحوثي وجعلت زعيمها يخرج بخطاب هستيري، كما عزّزت هذه القرارات ثقة الشعب بالمؤسسات الشرعيةِ، وزرعت الأمل لدى اليمنيين بتحسن الوضع المعيشيّ والاقتصادي واستقرار الصرف، وهذا ما جعل المجتمع يقف مؤيدا هذه القرارات.
لكن هذه القرارات التي تمس لقمة المواطن اليمني وكرامته لم تسلم من التدخل الأممي الذي أضحى في كل المحطات، مساندًا وراعيا لمصالح الحوثية، مما حافظ على انهيارها عسكريا واقتصاديا، وزاد من تعقيد الأوضاع وأطال أمد المعاناة الشعبية.
وأمام هذا التدخل الأممي الفظيع تبدو القيادة السياسية والاقتصادية والعسكرية جادة هذه المرة في هزيمة المشروع الحوثي، حيث تعكس القرارات والمواقف المتخذة مؤخرا إرادة وطنية راسخة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية يسندها زخم شعبي وحزبي، وتشكل هذه الإرادة والجدية خطوة أساسية نحو بناء مؤسسات الدولة وبناء اقتصاد مستقر ومستدام يحفظ لليمني كرامته وحقه في العيش.
ظهرت المقالة تدخل خاسر أولاً على سبتمبر نت.مشاركة الخبر: تدخل خاسر على وسائل التواصل من نيوز فور مي