أرامكو السعودية..«التمكين» من البداية وحتى الرؤية
شهدت المرأة السعودية تقدماً كبيراً في مجالات العمل المختلفة، وبرز هذا التقدم بشكل خاص في شركة أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، تتميز أرامكو بتنوع وشمول بيئة عملها، حيث تضم موظفين وموظفات من أكثر من 85 جنسية مختلفة، وتعمل الشركة جاهدة على الحفاظ على بيئة عمل تتسم بالاحترام والفهم المتبادل، مركزةً على تعزيز تنوع الأيدي العاملة من خلال توفير المزيد من فرص العمل للنساء.
من العوامل الرئيسة التي ساهمت في نجاح أرامكو في تعزيز التنوع، هو وضع أهداف محددة للتنوع والشمول على مستوى الشركة، وتحديد مقاييس واضحة لتمثيل المرأة وعدد الموظفات في المناصب القيادية. نتيجة لهذه الجهود، شهدت الشركة زيادة سنوية في عدد الموظفات الجدد خلال السنوات الخمس الماضية، حيث زاد عدد موظفاتها بنسبة 18 % في عام 2022 مقارنة بعام 2021.
تضم القوى العاملة النسائية في أرامكو مهندسات يعملن في مختلف قطاعات الشركة، وعالمات في مراكز البحوث والتطوير. في عام 2022، بلغت نسبة الطالبات المسجلات في برنامج الإعداد الجامعي 50 % من إجمالي 414 طالباً، وهو برنامج يمتد لعدة أشهر ويهدف إلى إعداد الطلاب لمواجهة التحديات في أفضل الجامعات، كما قامت إدارة الأمن وإدارة الخدمات الصناعية بتوظيف النساء في وظائف لم تكن متاحة لهن من قبل، مثل حارسات الأمن، مما يعكس التزام أرامكو بفتح آفاق جديدة للمرأة السعودية في سوق العمل.
تاريخ عمل المرأة في أرامكو
منذ الستينيات الميلادية، أدركت شركة أرامكو السعودية الإمكانيات الكبيرة التي تحملها المرأة السعودية، وبدأت في اتخاذ خطوات حثيثة لتمكينها من خلال توظيف السعوديات في مختلف قطاعات الشركة. كانت البداية مع توظيف نجاة الحسيني في عام 1964 كأول امرأة سعودية تحمل شهادة جامعية، ومنذ ذلك الحين، توسع نطاق توظيف النساء في مختلف الوظائف المهنية داخل الشركة وتدريبهن في جميع المجالات.
وفي الستينيات والسبعينيات، برزت مجموعة من المهنيات السعوديات في مناصب متقدمة داخل أرامكو، من بينهن نائلة الموصلي التي تعد أول مهندسة بترول في الشركة، أما في الثمانينيات، فقد شهدت الشركة زيادة ملحوظة في عدد المهنيات السعوديات، مما أتاح لهن فرصًا وظيفية أكبر، من بينهن نبيلة التونسي، سامية الإدريسي، الدكتورة ثريا العريض، هدى الغصن، وفاطمة العوامي. ساهمت تلك الرائدات المتميزات في تعزيز مكانة أرامكو السعودية كجزء من مسيرة الشركة لدعم الكفاءات الوطنية وتحفيز الطاقات البشرية. هذا الالتزام بتعزيز بناء الوطن يعكس الرؤية الشاملة للشركة في استيعاب المتميزين دون تمييز، وإتاحة الفرص للجميع. ومؤخرًا، ظهرت نماذج مضيئة لبنات الوطن في رأس تنورة، حيث قدمن تجربة استثنائية في العمل الهندسي والفني والعلمي، مما يعزز من دور المرأة السعودية في مسيرة التنمية والتطوير.
التنوع والشمولية
تشهد مصفاة رأس تنورة ومنشأة الفرضة تواجد تسع موظفات يقدن مسار التميز في مجالاتهن، بالإضافة إلى عدد أكبر من النساء العاملات في مختبرات رأس تنورة، هؤلاء الرائدات يشكلن جزءًا من تيار متزايد من النساء اللواتي يشاركن بنشاط في مختلف مرافق الشركة والمناطق الإدارية، حيث يشغلن مناصب أساسية في عمليات الشركة الرئيسة كالتنقيب والإنتاج والتكرير وصناعة الكيميائيات. تتوزع أدوار هؤلاء الموظفات بين مهندسات ميكانيكا وكيمياء وبترول، وكيميائيات، وخبيرات في المختبرات، وجيولوجيات، وجيوفيزيائيات، بالإضافة إلى خبيرات في التقنية وحماية المعلومات. كما يتواجدن في الصفوف الأمامية كمسؤولات سلامة، وإطفائيات، ومتخصصات في منع الخسائر. يتميزن جميعهن بالكفاءة والحماسة العالية في أداء مهامهن، مما يجعلهن نموذجًا يحتذى به داخل الشركة. يعكس هذا التطور التزام الشركة بتعزيز دور المرأة في ميدان العمل وفتح آفاق جديدة لها، ما يمهد الطريق لانضمام مزيد من النساء إلى هذه المجالات الحيوية. هذا التحول يعزز من قيمة التنوع والشمولية في الشركة، ويؤكد دورها الريادي في تمكين المرأة وتقديم فرص متساوية للجميع.
حلول مبتكرة
في قلب مصفاة رأس تنورة، تبرز المهندسة ماريا الفرج كشعلة من الإبداع والاحترافية، حيث تلعب دوراً حيوياً في التوصل إلى حلول مبتكرة تضمن استمرار العمل بأمان وفاعلية. بفضل مؤهلاتها الرفيعة في الهندسة الميكانيكية وإدارة الأعمال، أسندت إليها مسؤوليات كبيرة في المصفاة، مما يعكس ثقة الشركة في قدراتها. تقول الفرج: "زملائي في المصفاة يرحبون بوجودي ويتعاونون معي"، معبرة عن فخرها بروح الفريق والتعاون الذي يسود بيئة العمل. وترى أن المشاركة في العمل الميداني تشكل فرصة ذهبية للإسهام في نجاح عمليات التكرير، أحد الأساسيات الحيوية في الشركة. وتضيف الفرج: "حينما نعمل في الشركة، نتعامل جميعاً مع سلسلة عمليات التكرير بطريقة أو بأخرى، لذا فإن تقديم حلول ميدانية تسهم في نجاح أعمالنا هو مصدر سعادة ورضا لي". بحماسها وتفانيها، تواصل المهندسة ماريا الفرج مسيرتها لتكون رمزاً للتميز والإبداع في قطاع التكرير.
التصنيع المتكامل
تعتبر المهندسة الميكانيكية آلاء الأحمد أن العمل اليومي فرصة ثمينة لتطبيق المعرفة وتوسيع المهارات. من خلال تعاونها مع زملائها على مشاريع كبيرة مثل نظام إدارة أعمال التصنيع المتكامل، ترى آلاء أن النظرية والتطبيق العملي متلازمان ويكملان بعضهما البعض. وقد أثبتت آلاء كفاءتها في بيئة يغلب عليها الموظفون الشباب، حيث أظهرت شغفًا كبيرًا بالهندسة. هذا الشغف مكنها من التغلب على العديد من التحديات التي تواجهها في العمل بالمصفاة. كما أنها متحمسة جدًا لتقديم الشروحات اللازمة لجمهور واسع، وتقوم بذلك بفعالية كبيرة.
تخطيط وتنظيم
حققت المرأة في أرامكو نجاحات لافتة، ومن بين هؤلاء النساء تبرز موضي العليوي، التي تتولى مسؤولية التخطيط في مصفاة رأس تنورة. تعمل العليوي على التنسيق اليومي مع إدارة تخطيط وتنظيم توريد الزيت في الظهران لضمان تلبية احتياجات العملاء. تروي العليوي تجربتها قائلة: "عندما بدأت العمل في مصفاة رأس تنورة، أبلغتني إدارة تخطيط المرافق بأن الأعمال ستكون صعبة للغاية، وكان لا بد من التحلي بالصلابة. ورغم تحديات البيئة، تمكنت من إثبات نفسي بفضل التعاون والدعم المتبادل بين الموظفين. ساعدني ذلك على تطوير مهاراتي في التواصل بشكل كبير في هذه البيئة المعقدة."
تحديث الأنظمة
تضطلع مختبرات مصفاة رأس تنورة بدور محوري في دعم جميع الإدارات، حيث يقوم العلماء والكيميائيون هناك باختبار عينات من جميع أعمال التكرير لضمان السلامة، والتأكيد للعملاء أن المنتجات النهائية، مثل الديزل والكيروسين والبنزين، تفي بأدق معايير أرامكو السعودية. ديمة إسماعيل، عالمة مختبر ذات سبعة أعوام من الخبرة، تتولى تحليل عينات الماء وتسهم بشكل رئيسي في تحديث الأنظمة والأساليب في مختبر المصفاة. إضافة إلى ذلك، تكرس ديمة جهودها لتدريب زملائها على استخدام المعدات المختبرية. تعبر ديمة عن طبيعة عملها قائلة: "عملنا حساس جدا في المصفاة. فالنتائج تكون مطلوبة على نحو عاجل، وإذا حصل أي تأخير فإن ذلك يؤثر على مسار العمل. ومن جهة ثانية، فإن هذا المكان رائع لتبدأ فيه مسيرتك المهنية، فهو كالجامعة يمكنك أن تتعلم الكثير هنا."
فحص الجودة
أسماء الفهد تركز على أجهزة الفصل الكروماتوغرافي الغازي، حيث تتولى فحص جميع الأدوات قبل تشغيل أي جهاز، وتغيير الأجزاء التي يتوجب تغييرها من المعدات لتجنب الإخفاق. أسماء لا تقتصر على حماية سمعة الشركة المتعلقة بجودة منتجاتها، بل تحرص أيضا على سلامتها وسلامة زملائها في المختبر. تقول الفهد: "إن العمل هنا يفرض تغييرا معينا، ولكنني أحمد الله تعالى لأنني أطبق هنا كل ما تعلمته في الجامعة."
من خلال التفاني والدقة في العمل، تواصل مختبرات مصفاة رأس تنورة تأكيد التزامها بمعايير أرامكو السعودية العليا، وضمان أن تظل منتجاتها في طليعة الجودة والأمان.
مشاركة الخبر: أرامكو السعودية..«التمكين» من البداية وحتى الرؤية على وسائل التواصل من نيوز فور مي