كاتب من العالم: مع سبيده نوري جمالويي
تقف هذه الزاوية مع كاتب من العالم في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع القارئ العربي. "المرأة في عصرنا هي قضيتي"، تقول الكاتبة الإيرانية سبيده نوري جمالويي في لقائها مع "العربي الجديد".
■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظلّ ما يجرى من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟
ما يشغلني في حرب غزّة هو القمع والتعذيب اليومي والإهانة والدمار الذي يُمارَس ضدّ نساء غزّة وأطفالها وجميع الأبرياء.
■ كيف تقدّمين المشهد الأدبي والثقافي في بلدك لقارئ لا يعرفه؟
لا تختلف النظرة الأدبية والثقافية في إيران عن الحضارة الزراعية. الحضارة في هضبة إيران هي حضارة زراعية. لذلك، تعتمد على الأرض والماء والولادة والمرأة والحياة، كما يرتبط المشهد الأدبي والثقافي بعاطفة المرأة وولادتها وخلقها.
■ كيف تُقدّمين عملك لقارئ جديد، وبأيّ كتاب لك تنصحينه أن يبدأ؟
معظم إنتاجي هو من القصص القصيرة، المنشورة هنا وهناك. القصّة القصيرة هي حقيقة الفنّ. أُشجّع الآخرين على إعادة الاعتبار لها وأخذها بجدّية أكبر.
■ ما السؤال الذي يشغلك هذه الأيام؟
هذه الأيام هي أيام مصيرية في بلدي وفي الشرق الأوسط. الحرب على غزّة وعدم وجود حكومة منظَّمة وصعود المتطرّفين إلى السلطة والحرب في أوكرانيا، كلُّها أمورٌ تقلقني أكثر فأكثر.
لو متُّ وُولدت ألف مرّة سأختار المسار الذي أنا فيه
■ ما هو أكثر ما تُحبّينه في الثقافة التي تنتمين إليها، وما هو أكثر ما تتمنّين تغييره فيها؟
أُحبّ بلدي، وأنا معجبة باللغة الفارسية ومعتقداتها القديمة. لكنّني سئمت التصوّرات النمطية حول الدين والدولة. أتمنّى قبولَ الآخر والتخلّص من الأنانية في ثقافتي.
■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أيّ مسار كنت ستختارين؟
كلّ يوم هو يوم جديد وفرصة فريدة لا تتكرّر. لو متُّ ووُلدت ألف مرّة سأختار هذا المسار الذي أنا فيه.
■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
أُمنيتي هي السلام المبنيُّ على التقارب بين الشعوب. في المعتقدات القديمة لشعبي، الحياة الجماعية بجوار الأراضي الزراعية يمكن أن تزيد من خصوبة الأرض.
■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
شاهدت مؤخّراً فيلم "الجوع" لـ ستيف ماكوين وكتبتُ مراجعة عنه. أودّ لقاء بوبي ساندز زعيم حركة الاستقلال الأيرلندية. إنّه مثل المسيح، ضحّى بنفسه من أجل حرية شعبه ولم يفعل ذلك بقتل الآخرين، بل بالإضراب عن الطعام.
■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرّية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟
لا أستطيع التعليق على العالم. أستطيع التعليق على بلدي فقط. المؤسّسات المتطرفة في بلدي ابتلعت كلَّ شيء، بما في ذلك حرّية الكتّاب، فأصبح بلدي أشبه بسجن كبير للمواهب الفنّية والعلمية.
■ ما هي قضيّتك، وهل يمكن أن تكون الكتابة قضية بذاتها؟
نعم. الكتابة قضية بذاتها. كيف أكتب؟ ما الذي أكتب عنه؟ وما الذي لا أكتب عنه؟ هي قضية بالنسبة إليّ. أمّا قضيتي الأساسية فهي المرأة في عصرنا: المرأة الكاتبة والمرأة في الأدب والمرأة في الفن والمرأة في العلاقات السياسية.
■ الأدب العالمي يكتبه المترجمون، إلى أيّ درجة توافقين على هذه المقولة، وإلى أي درجة كتبك المترجمون؟
عندما تتمكّن الترجمة من نقل الأدب، فإنّها تضع مهمّة نقل المعنى وتُحاول تقريب اللغة الهدف من اللغة المصدر. على سبيل المثال، أُريد من المترجم أن يُعرّفني بطريقة تفكير العرب، وليس فقط بأفكارهم. أودّ أن أعرف كيف ينظر العربي الفلسطيني إلى العالم.
■ كيف تصفين علاقتك مع اللغة التي تكتبين بها؟
لغتي الأم هي الفارسية، والفارسية لغة الفردوس والسكّر والعسل، لكنها سجنٌ في الوقت نفسه، لأنّ طريقة تفكيري تتشكّل من خلال لغتي. لهذا، أقرأ بالفرنسية والإنكليزية والعربية والتركية، وأُحبّ قراءة العالم من خلال هذه اللغات.
■ كاتب منسيّ من لغتك تودّين أن يقرأه العالم؟
الكاتبات في إيران يُتعامل معهن دائماً بقدر أكبر من اللامبالاة، بمن فيهن فروغ فرُّخزاد وسيمين بهبهاني.
■ لو بقي إنتاجك بعد ألف سنة، كيف تحبّين أن تكون صورتك عند قرّائك؟
هل أنت متأكّد من أنّ العالم سيبقى بعد ألف سنة؟ لو بقيَت أعمالي أودّ أن تكون صورتي كامرأة سابقة لعصرها، وكتاباتي مرآة لعصري المليء بالمخاطر والاضطرابات.
■ كلمة صغيرة شخصية لقارئ عربي يقرأ أعمالك اليوم؟
لفترة طويلة كنتُ أعتقد أنّ التاريخ العربي مرتبطٌ بوأد البنات والجهل وغيرها من الأساطير. لكن الكتّاب والشعراء العرب أبطلوا سحر هذه الخرافات. في كتابه "في طريق الميثولوجيا عند العرب"، علّمني محمود سليم الحوت أنّ التاريخ العربي لم يكن مقيّداً بالجاهلية، بل كان مشرقاً جدّاً، وأنّ حياة العرب قبل الإسلام ليست صحارى وحروباً، وإنّما هي قصائد ونحت وجَمال. كلُّ هذا قدّمه لي محمود سليم الحوت. وعندما قرأتُ الشعر العربي المُعاصر والرواية العربية المعاصرة والفكر النسوي العربي، أدركتُ أنّ هذه هي الشعوب العربية، وليس ما تحاول أجهزة الدعاية في البلاد غرسه في نفوسنا.
بطاقة
سبیده نوري جمالویي، كاتبة وناقدة إيرانية من مواليد مدينة أصفهان عام 1992. درست اللغة والأدب الفرنسيَّين، وتكتب القصّة القصيرة والنقد الأدبي. من مجموعاتها: "نبع الأحلام" التي نُشرت عام 2018.
مشاركة الخبر: كاتب من العالم: مع سبيده نوري جمالويي على وسائل التواصل من نيوز فور مي