3 أسباب وراء تفوق منتخب مصر لكرة اليد في أولمبياد باريس
رغم أن التأهل إلى الدور ربع النهائي، ليس إنجازاً بالنسبة إلى منتخب مصر لكرة اليد في عالم المشاركات الأولمبية، التي بدأت منذ دورة برشلونة 1992، ولم تتوقف إلا في دورة لندن 2012، فإن الصعود في نسخة باريس 2024، له بريقه الخاص بسبب الانتصارات التاريخية التي حققها في رحلة التقدم يوماً بعد يوم إلى عالم كبار اللعبة، وهي الطفرة التي بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي.
وشهدت منافسات دور المجموعات في دورة باريس نتائج طيبة لمنتخب مصر، رابع كأس العالم في فرنسا عام 2001، كأول منتخب غير أوروبي يتأهل للمربع الذهبي في بطولات العالم، ليفتح باب الإنجازات القطرية والتونسية عالمياً، وهو ما يعبر عن تطور لافت في مستواه ونتائجه وشخصيته، تضعه حالياً بين الكبار ومصنفاً حقيقياً للمنافسة على ميدالية تاريخية في دورة الألعاب الأولمبية الحالية، بعد أن نال شرف أول منتخب عربي وأفريقي يصعد إلى الدور نصف النهائي، هو الأول لمنتخب غير أوروبي، منذ نسخة سيول 1988 عندما تأهلت كوريا الجنوبية، وكان ذلك في دورة طوكيو 2020، وهو الإنجاز الأفضل له بعد أن حصل على المركز السادس في أتلانتا 1996.
وأمتع منتخب مصر بطل القارة الأفريقية، الذي يشارك في الأولمبياد للمرة الثامنة في تاريخه دون الحصول على ميدالية، الجماهير المصرية والعربية بعروض جيدة ومثيرة في الدور الأول، حيث فاز على النرويج (26-25) وهو من أكبر منتخبات أوروبا، وكذلك على الأرجنتين بسهولة، كما نجح في التعادل مع منتخب فرنسا أحد أبطال العالم، الذي يلعب بين جماهيره (26-26) في مباراة كان فيها المنتخب المصري الأقرب للانتصار التاريخي قبل اكتفائه بالتعادل، وأيضاً الخسارة بصعوبة أمام الدنمارك بطل العالم وأقوى منتخب يد في السنوات الأخيرة بفارق ثلاثة أهداف فقط، وعقب أداء مميز خاصة في الشوط الثاني.
وبات منتخب مصر (سابع بطولة كأس العالم 2023) في عيون الجماهير العربية، مصدر إلهام في ظل امتلاكه جيلاً بات يفرض نفسه على الساحة الدولية بقوة في آخر 4 سنوات، ولا يزال أمامه سنوات طويلة من العطاء قادر خلالها على تحقيق إنجازات أكبر.
قدرات المدرب الإسباني مع منتخب مصر
يعود تفوق لعبة كرة اليد المصرية إلى مشروع حقيقي صنع منتخباً قوياً يخوض به "الفراعنة" الآن دورة باريس إلى عدة أسباب فرضت نفسها، منها حُسن اختيار المدير الفني والإدارة الفنية، فلم يحدث أدنى اهتزاز، عندما رحل الإسباني خوان باروندو صاحب النتائج المبهرة وإنجاز المربع الذهبي في أولمبياد طوكيو 2020، وجاء مدرب إسباني آخر صاحب خبرات كبيرة في مجال التدريب، تصدرها قيادة منتخب "الماتادور" الإسباني، بخلاف قيادة فريقين كبيرين في أوروبا، هما بلد الوليد الإسباني وسيجيد المجري، بالإضافة إلى كونه لاعباً دولياً سابقاً، وامتلاكه شخصية قيادية نجحت في السيطرة على اللاعبين الكبار في تشكيلته خاصة، مع امتلاك المنتخب المصري مجموعة كبيرة من المحترفين في أوروبا.
وظهرت بصمة فنية واضحة للمدرب كارلوس باستور من خلال تطوير المنظومة الدفاعية لمنتخب مصر، وتقليل فترات غياب التركيز المعتادة التي يعاني منها اللاعب المصري، وتمتد إلى ما بين 7 إلى 10 دقائق في 60 دقيقة يخوض بها أي مباراة، وكذلك "الريمونتادا"، وقراءة المباريات بشكل جيد، والقدرة على تعديل المسار، وهو ما ظهر أمام الدنمارك، عندما تأخر بفارق 10 أهداف أمام بطل العالم في شوط، ولكنه تفوق في الشوط التالي بشكل مميز، وكاد يقتنص التعادل، وخرج خاسراً بفارق 3 أهداف فقط.
جيل مميز من اللاعبين
كما يبرز سبب ثانٍ، يتمثل في امتلاك منتخب مصر مجموعة مميزة من اللاعبين، سواء المحترفين في الخارج أو الموجودين في الدوري المحلي برفقة الأهلي والزمالك، جرى اكتشافهم عبر تواصل أجيال منظم بين عامي 2019 و2021، وتصعيدهم بشكل تدريجي للمنتخب المصري، لينسجموا معاً خلال ولاية المدرب باروندو، يتصدرهم يحيى خالد أحد أبرز نجوم اللعبة عالمياً، ونجم نجوم فريق باريس سان جيرمان الفرنسي، ومحمد سند هداف الدوري الفرنسي، ومحمد علي وكريم هنداوي حارسا المرمى، وسيف الدرع، ويحيى الدرع، وأحمد عادل، وإبراهيم المصري، وعمر الوكيل "بكار"، وأحمد هشام السيد، والقائد المخضرم علي زين، الذي لعب من قبل في برشلونة الإسباني، وهي مجموعة تملك القدرة على صناعة الفارق، وتؤدي بشكل جماعي مميز في الملعب، وأيضاً تمتلك طموحات كبيرة في اللعبة فاقت المحلية.
شخصية البطل
يظهر سبب ثالث في تفوق منتخب اليد (صاحب المركز السابع في أولمبياد سيدني 2000)، هو امتلاكه شخصية المنتخب البطل في السنوات الأخيرة، وارتفاع سقف طموحاته بصورة بارزة، وهو ما تعبر عنه نتائجه في كل المنافسات، وهذه الشخصية بدأ تأثيرها يظهر بصورة واضحة مع الجيل الحالي من اللاعبين، الذي تعرض لحملة تشكيك في قدرته على تحقيق أي إنجازات، بعد قرار أسطورة لعبة كرة اليد المصرية أحمد الأحمر الاعتزال دولياً.
وكان اللاعب الأبرز تاريخياً في مصر، وصاحب التأثير الفني القوي بين زملائه، ولكن سرعان ما ظهر خليفة له في الملاعب يؤدي بشكل احترافي مميز، وهو يحيى خالد الذي يمثل الآن 50% من قوة الهجوم المصري، ومن كبار مسجلي الأهداف في المباريات الكبرى، وأيضاً يوجد له بدائل مميزة، ليصبح منتخب مصر فريقاً جماعياً حقيقياً لا يتوقف على نجم واحد مهما كان دوره، ولعل هذا سر التفوق المصري في اللعبة، وسحبه البساط من تونس والجزائر في السنوات الثلاثين الأخيرة.
مشاركة الخبر: 3 أسباب وراء تفوق منتخب مصر لكرة اليد في أولمبياد باريس على وسائل التواصل من نيوز فور مي