رسائل حماس من وراء زعامة يحيى السنوار: صفعة لـ"الضغط العسكري"
أثار ال المفاجئ لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" باختيار يحيى السنوار لرئاسة مكتبها السياسي خلفاً لإسماعيل هنية، عدة تساؤلات وتفسيرات حول مدلولات الخطوة، بين متتبعي المشهد في المنطقة والحرب المستمرة على غزة.
ورغم التسريبات الكثيرة التي تلت عملية اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية طهران، وكانت ترجح اختيار زعيم جديد من بين عدة شخصيات، أبرزها خالد مشعل، رئيس الحركة في الخارج، وخليل الحية، نائب هنية، أو رئيس مجلس الشورى العام محمد إسماعيل درويش، إلا أن الحركة خالفت التوقعات واختارت السنوار. ويعتبر السنوار المطلوب الأول للاحتلال الإسرائيلي، باعتباره مسؤولاً عن عملية "طوفان الأقصى" التي وجهت فيها الحركة ضربة غير مسبوقة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وطرح اختيار السنوار الذي يتمتع بحضور لافت على الصعيد الداخلي لحماس، ويطلق عليه البعض وصف "الرجل الأول" في الحركة، تساؤلات عدة، أبرزها عن كيفية إدارة الرجل للحركة في ظل تخفيه عن الأنظار للشهر العاشر على التوالي وترقب الاحتلال الإسرائيلي لأي فرصة لاغتياله هو وشقيقه محمد السنوار.
وقال الكاتب والباحث في الشأن السياسي ساري عرابي، إن اختيار السنوار لم يكن مفاجئاً لعوامل من أبرزها مركزية قطاع غزة بالنسبة إلى حركة حماس، ومركزيته كذلك في الحرب المتواصلة منذ أكتوبر 2023. وأضاف عرابي لـ"العربي الجديد"، أن السنوار كان جزءاً مركزياً وأساسياً وأصيلاً في صياغة القرار داخل أروقة الحركة طوال الفترة الماضية، ولا سيما خلال الحرب.
وفسر الكاتب والباحث في الشأن السياسي قرار حماس بأنه "رسالة تحدٍّ للاحتلال الإسرائيلي ولاعتقاد نتنياهو والمنظومة السياسية والأمنية بأن الضغط العسكري سيفرض على حماس الهزيمة والانكسار". وقال إن اختيار السنوار جاء بعكس ذلك تماماً.
وأشار إلى أن "وجود قائد بين الناس يعاني ما يعانونه دلالة على أن حماس لا تخشى الاغتيالات وتعتبر أنها لا تؤثر في مسار الحركة، بالإضافة إلى أنه رسالة بفشل رهان الاحتلال على نشر الفوضى داخل الحركة من خلال الاغتيالات". ونبّه عرابي إلى أن حماس تمكنت خلال وقت قياسي وقصير من اختيار رئيس جديد، وهو "أمر مهم جداً في هذا المضمار، وهذا الظرف الصعب الذي تمر به الساحة السياسية الفلسطينية في ظل الحرب الإسرائيلية".
من جهته، رأى مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، أحمد الطناني، أن حماس تعاملت مع ملف إعداد ترتيبات القيادة الجديدة بوصفه جزءاً من عملية الرد على اغتيال إسماعيل هنية، في الوقت الذي كان يراهن الاحتلال على إمكانية النجاح في تحويل عمليتي اغتيال نائب رئيس الحركة صالح العاروري، ومن ثم هنية، إلى مأزق تنظيمي يدخل الحركة في حالة من اللايقين الداخلي، أو يُبرز مدارس وتوجهات جديدة داخلها.
وقال الطناني لـ"العربي الجديد"، إن الحركة أحاطت عملية الاختيار والانتخاب والآليات التي اتبعتها للنقاش والاتصال والتواصل بين أجنحتها وأقاليمها، بغطاء كبير من السرية، ولم تنجح أي وسيلة إعلام أو حتى جهاز استخباراتي وأمني في التيقن مما يجري داخل أروقتها الداخلية. وأوضح أن حماس أثبتت من جديد مدى التعقيد الذي يسود بنيتها، وعدم قدرة أيٍّ من أجهزة المخابرات في العالم على قراءتها أو تقدير خطواتها القادمة، وأثبتت أيضاً فشل تقديرات الاحتلال حول ارتدادات اغتيال هنية على الواقع الداخلي في الحركة والتركيبة، كما الفشل في استشراف الخيار المستقبلي لرئاسة الحركة أو التنبؤ بسلوكها في التعامل مع الملف.
ووفقاً للطناني، إنّ اختيار السنوار يحمل مجموعة كبيرة من الدلالات، أهمها أن الحركة بالإجماع اختارت خيار المواجهة والصمود في وجه الحرب العدوانية الساعية لتصفيتها بتفويض من دول كبرى، إضافة إلى تأكيد الحركة أن مسار "طوفان الأقصى" مسار مُجمع عليه داخل حماس، وليس كما حاول الاحتلال التصوير بأن الخيار انفردت فيه قيادة غزة في الحركة، أو قيادة جناحها العسكري، أو السنوار ودائرته المُصغرة.
وأشار إلى أن "حماس تؤكد مركزية قطاع غزة في تركيبتها القيادية ومشهدها الداخلي، وهو رد صريح وواضح على محاولة الاحتلال إغراق قطاع غزة بالدمار والأزمات بهدف تحييده من المشهد الوطني ووضعه في فقاعة من الأزمات الإنسانية ومعالجة آثار الدمار".
مشاركة الخبر: رسائل حماس من وراء زعامة يحيى السنوار: صفعة لـ"الضغط العسكري" على وسائل التواصل من نيوز فور مي