السياحة في أوروبا تزعج السكان: رفع للإيجارات والأسعار
تتزايد تحديات السياحة في أوروبا يوماً بعد يوم، حيث بدا غريباً تظاهر آلاف سكان جزيرتي مايوركا ومينوركا الإسبانيتين السياحيتين في مايو/أيار الماضي ضد ما يسمى السياحة الجماعية، في سياق أوروبي أوسع حيث يحتج سكان عدد من الدول على حالة اختناق مدنهم من السائحين. وبعض ما سئمه سكان مايوركا التي زارها ما يقرب من 13 مليون سائح العام الماضي، ويعتمد اقتصادها بنسبة 45% على السياحة، هي السياحة الشبابية الأوروبية القادمة من أجل ضجيج الحفلات، إلى جانب ما تخلفه عمليات تأجير الشقق من ارتفاع في تكلفة السكن على السكان المحليين. وانتشار الامتعاض من السياحة المفرطة وصل أخيراً إلى سكان إقليم كتالونيا، وتحديداً عاصمته برشلونة.
يضغط سكان برشلونة من أجل تقييد أعداد السائحين المسموح بقدومهم وتعديل قوانين تأجير وشراء العقارات لمدد قصيرة. فكتالونيا يصلها سنوياً نحو 18 مليون سائح، يقضي بعضهم بضعة أيام في زحمة برشلونة التي يقول سكانها إنها تكاد تختنق بالسياح، وتؤثر على قدرتهم في إيجاد سكن رخيص.
ورفض السياحة الجماعية ينتشر من جنوب القارة إلى شمالها بصورة غير مسبوقة. والتسارع الهائل في وفود ملايين السائحين، في ما يسمى سياحة الجنس والمخدرات، يدفع البعض منذ سنوات في أمستردام الهولندية نحو الشعور بغربة في مدينته المزدحمة جداً، وبعضهم يعبر في مقابلات صحافية محلية عن أنه حرفياً لم يعد يستطيع التحرك في مدينته، خصوصاً سكان وسط المدينة. فلأمستردام طابعها الخاص لدى الشباب الأوروبي بسبب انفتاحها وتغاضيها عن تعاطي "الكيف".
وحين خرجت تظاهرة في جنوب إسبانيا المشمسة على المتوسط في 29 يونيو/حزيران الماضي حملت سيدة في مالقا (مالغا) يافطة صغيرة كتب عليها "هذا السيرك كان منزلي... أوقفوا السياحة". عبارة تعبر عن رفض شعبي متنام للسياحة الجماعية التي تثير برأيهم ضجيجاً وتلوثاً.
التلوث ونمو السياحة في أوروبا
وعلى سيرة التلوث، يبدو أن بعض الأوروبيين باتوا يتخذون من قصة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتأثيره سلباً على تغيرات المناخ العالمي، سبباً آخر لرفض هذه السياحة المتزايدة. ويربط بعض أصحاب تلك النظرية، سواء تعلق الأمر بالسويد وفنلندا والدنمارك، أو جنوب أوروبا، الرحلات الجوية بالتغيرات المناخية.
وربط التلوث بالسياحة سرعان ما تنبهت له كرواتيا، على سبيل المثال، والتي شعرت مدينتها العريقة دوبروفنيك بتأثير سلبي لوصول البواخر السياحية العملاقة وعلى متنها آلاف السائحين، فقررت في 2019 تحديد عدد السفن التي يمكن أن تصل يومياً إلى سفينتين.
في يونيو/حزيران الماضي منعت فلورنسا الإيطالية شركات تأجير المساكن مثل إير بي أن بي Airbnb وغيرها من تأجير قصير الأجل في المدينة التاريخية. وكذلك استشعرت البندقية الإيطالية الاختناق وتأثير تضخم السياحة على المدينة والقاطنين، حيث يضغط السكان من أجل تعديلات تحد من اختناق المدينة بملايين الوافدين لفترة قصيرة وجماعية.
وفي إبريل/نيسان الماضي، قررت البندقية وضع حد لما يطلق عليه "السياحة المفرطة" بفرض ضريبة سياحية على الزائرين في أيام محددة، على أمل إبعاد المزيد من السائحين، أو تقليل أعدادهم.
وعلى سيرة الإجراءات المقيدة فإن أمستردام الهولندية التي يعيش بعض قاطنيها في عبارات، بدأت في إبريل/نيسان الماضي تطبيق سياسة حظر بناء فنادق جديدة في المدينة (فيها 20 مليون غرفة فندقية). وتبنت المدينة الهولندية الأكبر منذ العام الماضي 2023 بصورة خاصة تطبيق سياسة "ابتعد" الموجهة إلى الشباب البريطاني الذي كان يحضر إليها للاحتفال بما يسمى "توديع العزوبية"، وهو تقليد أوروبي منتشر بحيث يستطيع مودع العزوبية القيام بكل ما لا يستطيع القيام به بعد الزواج، وعادة ما تصحب تلك العادة المزيد من الخمور والكيف.
من ناحيتها، فإن عاصمة إقليم كتالونيا، برشلونة، رفعت منذ إبريل/نيسان الماضي الضريبة السياحية على فنادق الخمس نجوم من 5.25 يورو إلى 6.75 يورو عن كل ليلة. وتأتي الضريبة بالإضافة إلى الضريبة السياحية العامة في المدينة والتي تبلغ 3.50 يورو لكل سائح في الليلة الواحدة.
وفي السياق ذاته المستهدف للسياحة الجماعية بدأت بعض الحكومات البحث بجدية عن كيفية مراعاة رفاهية مواطنيها والتأثير المناخي السلبي لتزايد الرحلات الجوية. فعلى سبيل المثال ترتفع الأصوات في إسكندنافيا لتشجيع الناس على السفر عبر القطارات الليلية بين دول أوروبا، بسبب الانبعاثات الضارة للرحلات الجوية. وقد شكلت سابقاً كل من فنلندا وأيسلندا وويلز واسكتلندا ونيوزلندا وكندا تحالفاً عالمياً للرفاهية، يقوم على اقتصاد الرفاهية لشعوبهم، بمراجعة عميقة لسياسات السياحة الزائدة.
وفي مايو/أيار الماضي، قررت الحكومة الاسكتلندية فرض ضريبة سياحية لاستخدامها في تحسين المرافق لمواطنيها ولأجل تخفيف الازدحامات المحتملة في مناطق محددة.
مشاركة الخبر: السياحة في أوروبا تزعج السكان: رفع للإيجارات والأسعار على وسائل التواصل من نيوز فور مي