شعرية الخطاب.. كتاب يقرأ تجربة العراقية إنعام كجه جي
صدر حديثاً للناقد العراقي الدكتور صباح التميمي عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق ببغداد كتاب نقدي بعنوان: «شعرية الخطاب الروائي في «سواقي القلوب».. مقاربة سيميائية في العلامة ومآلاتها»، وعُني الكتاب بقراءة تجربة الروائية العراقية المغتربة إنعام كجه جي من خلال روايتها (سواقي القلوب)، وقد انتهى المؤلف إلى استنتاجات متعددة منها أن الرواية نجحت على المستوى الفنّي في خلخلة الراكد السردي، عبر تكسير تسلسل السرد، والتلاعب بزمنه، وقد حاولت الروائية أن ترسم مشاعر الحب والغربة والحنين وآلام الشتات في (باريس)، مع وقفات تحليلية ونقدية، تكشف عن أبعاد لصراعات نفسية متأزّمة تعاني منها شخصياتها، كما سعت الكاتبة إلى أن تكشف عن خفايا شخصياتها وخباياها بتقنية (المونولوج الداخلي) عبر (الذاكرة) و(الاسترجاع)، في لقطات مونولوجية كشفت عن غربة الذات، وهي تسترجع أحداث الماضي، وهو حديث مع النفس، تظهر فيه ضروبٌ من الصراع الذي يكشف عمّا يدور في نفس الشخصية المحورية والشخصيات المساندة، للوصول إلى حقيقتها، كما يُقدّم ضروبًا من التحليل النفسي، ويُسهم في تقديم مواقف درامية مؤثّرة، على مستويات السرد والوصف والحوار والشخصيات، وقد ساعدت هذه التقنيات على ملء فراغات زمنية في الرواية، وكشفت عن طبيعة بعض الشخصيات النامية من وجهات نظرها، لا من وجهات نظر الراوي العليم. وقد ارتفعت القيمة (الشعرية) و(السيميائية) للرواية، عبر تشفير لغتها، وتشعير جُمَلها، واستدعاء الرموز الفنية المحلية التي لها مردودها الدلالي، وحضورها المتجذّر في الذاكرة الجمعية العراقية، وقد كانت لغة (سواقي القلوب) شاعرية مُكتظّة بالبيان الساحر الذي تجاوز وظيفة الزخرف الفنّي إلى وظيفة العلامة السيميائية الفاعلة على مستوى المتن السردي بأكمله، بعد أن تضاعفَ مردودها الوظيفي في لغة الرواية من الثنائية (جمالية معنى المعنى) إلى الثلاثية تحقيق (المعنى السيميائي) المُشفّر، وهكذا كادت الرواية أن تصبح خطابًا رمزاً، بفضل ما احتقبت من معانٍ موحية غير مباشرة. ويكاد يكون الشخصية المحورية (الذات الساردة = المغترب الشيوعي) المحرّك الرئيس لمجرى السرد في الرواية كلها، وقد يوجّه الشخصيات المساندة إلى ما يصبّ في مصلحة تحقيق أهدافه وأجنداته المُخطّط لها من لدن الذات الكاتبة (إنعام كجه جي)، بحيث صارت الرواية تستجيب إلى نيّة مبيّتة من لدن (الكاتبة)، في محاولة للهيمنة على (الذات الساردة)، عبر توريط هذا الأخير، بحلول شبه تام فيه؛ لإظهار (ذات الكاتبة) في (ذات الراوي)، وجعل الأخير يصدر عن الأول في وجهات النظر، والرؤى.
د. صباح التميميمشاركة الخبر: شعرية الخطاب.. كتاب يقرأ تجربة العراقية إنعام كجه جي على وسائل التواصل من نيوز فور مي