لا لعمل الأطفال في المملكة..!
تفعيل السياسة الوطنية وتطبيق نظام حقوق الطفل
حملات تفتيشية في مواقع العمل والأسواق لضبط المخالفين
تحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية الملائمة لنمو الطفل
تفعيلاً لأعمال الخطة الوطنية لمنع عمل الأطفال في المملكة، وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية، تستنفر الجهات المعنية ممثلة بوزارة الداخلية ووزارة الموارد البشرية جهودها للتوعية والحد من انتشار عمالة الأطفال والدفاع عن حقوق الطفل، حيث تنفذ الجهات الضبطية جولات تفتيشية في مواقع العمل والأسواق لضبط المخالفين في تشغيل الأطفال، فيما تقوم جهات أخرى بوزارة الموارد البشرية ومجلس شؤون الأسرة بتنفيذ عدد من الدورات للمختصين في برنامج الدفاع عن حقوق الطفل من خلال التعليم والفن والإعلام، وتفعيل أنشطة التوعية الموجهة للمسؤولين عن تهيئة المجتمع.
وتشير نتائج الحملات التفتيشية التي تنفذها الجهات الضبطية أن غالبية المقبوض عليهم من المخالفين لنظام تشغيل الأطفال من جنسيات عربية من المقيمين على أراضي المملكة، ومن مواليد المملكة، أو القادمين لتأشيرة زيارة أو الأطفال الذين تستغلهم عصابات التسوّل وتشغلهم في بيع بعض المستلزمات كالمياه، الورود، بعض الأطعمة لتختفي خلف عباءة التسول، فيما تم تسجيل حالات للعمل في أعمال مخالفة لتشغيل الأطفال، وتمثل خطورة عليهم. وتقوم الجهات المعنية بتطبيق العقوبات المقررة بحقهم والتي سيتم تناولها في قراءة «الرياض» عن قضية تشغيل الأطفال وحجمها محلياً وعالمياً.
حفظ الحقوق
وتولي المملكة اهتماماً كبيراً بالطفولة والحفاظ على حقوق الطفل من الجنسين لتوفير بيئة آمنة له تدعمه وتحفظ حقوقه في المجالات كافة ومن أهمها التركيز على صحته وتعليمية، وقد نشرت جريدة أم القرى، قرار مجلس الوزراء رقم 493 وتاريخ 24 / 08/ 1442هـ، بالموافقة على السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال في المملكة، وعلى خطة العمل الوطنية لمنع عمل الأطفال في المملكة، وتشمل خطة العمل الوطنية لمنع عمل الأطفال في المملكة التدخلات الاستراتيجية لمنع عمل الأطفال والقضاء عليه في ضوء العناصر السياسية الوطنية، بتوسيع قاعدة المعارف المتعلقة بعمل الأطفال، وتحسين القانون وإنفاذه والملاحقة القضائية، مع تعزيز العمل اللائق للبالغين وللشباب في السن القانونية للعمل، وتحسين العمل الاجتماعي وآليات الحماية الاجتماعية، وتعزيز فرص التعليم الجيد لجميع الأطفال، وتنفيذ أنشطة التوعية.
وتأتي السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال بشكل متسق مع نظام حقوق الطفل، ومع الاتفاقات والبروتكولات الدولية التي صادقت عليها المملكة والتزمت بها، خاصة اتفاقيات منظمة العمل الدولية رقم 138 في الحد الأدنى لسن الاستخدام، والاتفاقية 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، واتفاقية حقوق الطفل والبروتكولات الاختيارية التابعة لها.
ووفقاً لنظام العمل في المملكة فإنّ الحد الأدنى لسنّ الاستخدام هو سن الخامسة عشرة، ومن ثمّ يكون العمل الخفيف مسموحاً للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً وفق الاشتراطات التي حددتها الاتفاقية ومنها، ألا يحتمل أن تكون ضارة بصحتهم أو نموهم، ولا تعطل مواظبتهم في المدرسة واشتراكهم في برامج التوجيه أو التدريب المهنيين التي تقرها السلطة المختصة، ولا تضعف قدرتهم على الاستفادة من التعليم الذي يتلقونه.
شهادة صحية
وتمنع التشريعات والقوانين واللوائح في المملكة تشغيل "الحدث" -الشخص الذي أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة- في الأعمال الخطرة أو الصناعات الضارة، أو في المهن والأعمال التي يحتمل أن تعرّض صحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم للخطر، ويحظر النظام تشغيل الأحداث أثناء فترة من الليل لا تقل عن 12 ساعة متتالية، إلاّ في الحالات التي يحددها الوزير بقرار منه.
وفي جميع الحالات، يجب ألاّ يعمل الأحداث أكثر من ست ساعات في اليوم، طوال أشهر السنة، ما عدا شهر رمضان حيث تنخفض ساعات العمل فيه إلى أربع ساعات فقط، كما أقرت التشريعات والقوانين ألاّ يعمل الأحداث خلال عطلات نهاية الأسبوع أو العطلات الرسمية أو أيام العطلة السنوية، وعلى صاحب العمل الحصول على شهادة صحية للحدث العامل لضمان سلامته، بالإضافة إلى ذلك، يدعو النظام إلى إجراء فحوص طبية دورية متكررة للتأكد من أنّ العمل الذي يقوم به الحدث لا يؤثر على صحته مع مرور الوقت، ولا تسري الأحكام المنصوص عليها في هذا النظام على العمل الذي يقوم به الأطفال والأحداث داخل المدارس أو مراكز التدريب لأغراض التعليم العام أو التقني أو المهني أو التكنولوجي.
رعاية اجتماعية
وتقوم المملكة منذ تأسيسها على توفير الرعاية الاجتماعية لمواطنيها كافة على قدم المساواة وفي مقدمتهم الطفل، وقد نص النظام الأساسي للحكم على تعزيز هذا الحق وحمايته، حيث جاء في المادة العاشرة منه على أن تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم، وكفل النظام لجميع الأفراد الرعاية والحماية الشاملة، وراعى بالأخص حقوق الطفل، حيث اعترف بوجوب تقديم الرعاية الصحية المجانية التي تشتمل على ضرورة تمكين الأطفال من الحصول على اللقاحات الإلزامية بالمجان وحقهم في الصحة، وكذلك توفير الدراسة المجانية لجميع المراحل الدراسية والجامعية، وتوظيف المقررات الدراسية لتحقيق التنمية الاجتماعية والثقافية التي تتلاءم مع نمو الطفل وتشجعه على اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة، علاوةً على ذلك، تصرف المملكة مكافآت لمن يلتحق بالتعليم الجامعي.
وبشكل عام فإن الأطفال يتمتعون بحقوق خاصة بهم -بالإضافة إلى حقوق الإنسان الأساسية- آخذة في عين الاعتبار احتياجات الطفل الخاصة التي تتناسب مع عمره، وضعفه، وأهمية تطويره ودعمه وقد جاءت أنواع حقوق الطفل في المملكة متعددة، ومن أبرزها حق الحياة، وحق الحصول على اسم وجنسية -حق الهوية-، وحق التربية والتعليم، وحق الغذاء، وحق الصحة، وحق الحرية، وحق الحماية، وتشمل الأخيرة حمايته من الإيذاء الجسدي، والنفسي، والجنسي، بل وحتى الإهمال وقد اعتنت المملكة بالأنظمة والتدابير التي تحمي حقوق الطفل ومن أبرزها نظام حماية، ونظام الأحداث، ونظام الحماية من الإيذاء، ونظام مكافحة التحرش، ونظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية، بالإضافة إلى العديد من التدابير واللوائح والمؤسسات والبرامج التي تهدف إلى حماية حقوق الطفل وتعزيزها.
محظورات متصلة
وأعلنت المملكة وفي إطار اهتمامها بالطفل عددا من المحظورات المتصلة بحماية الطفل ومن أبرزها حظر تشغيله قبل بلوغه سن الخامسة عشرة، وحظر تكليفه بأعمال قد تضر بسلامته أو بصحته البدنية أو النفسية، وحظر استخدامه في الأعمال العسكرية أو النزاعات المسلحة، وحظر استغلاله جنسيًّا، أو تعريضه لأشكال الاستغلال الجنسي، أو المتاجرة به في الإجرام أو التسول، وحظر استخدامه في أماكن إنتاج المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو تداولها بأي شكل من الأشكال وحظر بيع التبغ ومشتقاته للطفل وغيره من المواد التي تضر بسلامته، وكذلك يحظر أن يستخدم في شرائها أو أماكن إنتاجها أو بيعها أو الدعاية لها، إضافةً إلى حظر استيراد وبيع ألعاب الطفل أو الحلوى المصنعة على هيئة سجائر أو أي أداة من أدوات التدخين، وحظر عرض المشاهد التي تشجع الطفل على التدخين، وحظر إنتاج ونشر وعرض وتداول وحيازة أي مصنف مطبوع أو مرئي أو مسموع موجه للطفل يخاطب غريزته أو يثيرها بما يزيّن له سلوكاً مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام أو الآداب العامة، أو يكون من شأنه تشجيعه على الانحراف السلوكي أو الفكري، إلى جانب حظر مشاركته في السباقات والنشاطات الرياضية أو الترفيهية التي تعرض سلامته أو صحته للخطر، وحظر القيام بأي تدخلٍ أو إجراء طبي للجنين إلاّ لمصلحة أو ضرورة طبية.
الأطفال عالمياً
وذكرت منظمة العمل الدولية في تقرير لها بمناسبة اليوم مكافحة عمل الأطفال والذي صادف 12 يونية 2024 أنه منذ عام 2000، أي على مدار ما يقرب من عقدين من الزمن، كان العالم يحرز تقدماً مطرداً في الحد من عمالة الأطفال، ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية، أدت الصراعات والأزمات وجائحة كوفيد-19 إلى سقوط المزيد من الأُسر في براثن الفقر، وأجبرت ملايين الأطفال الآخرين على عمالة الأطفال، ولم يكن النمو الاقتصادي كافياً، ولا شاملاً بما فيه الكفاية، لتخفيف الضغط الذي تشعر به الكثير من الأسر والمجتمعات والذي يدفعهم إلى اللجوء إلى عمالة الأطفال، واليوم، لا يزال 160 مليون طفل منخرطين في عمالة الأطفال، وهذا يمثل ما يقرب من واحد من كل عشرة أطفال في جميع أنحاء العالم، وتحتل أفريقيا المرتبة الأولى فيما يتصل بعدد الأطفال الملتحقين بأعمال الأطفال، حيث يصل عددهم إلى 72 مليون طفل، وتحتل منطقة آسيا والمحيط الهادئ المرتبة الثانية، حيث يصل العدد إلى 62 مليون طفل، وبالتالي، يوجد في مناطق أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ معًا ما يصل إلى تسعة من كل عشرة أطفال مصنفين ضمن ظاهرة عمالة الأطفال، بينما يتوزع العدد المتبقيين الأميركيتين 11 مليونا، وأوروبا وآسيا الوسطى ست ملايين.
وتشير الأرقام إلى أن خمسة بالمئة من الأطفال في الأميركيتين ملتحقين بأعمال، وتصل نسبتهم إلى أربعة بالمئة في أوروبا وآسيا الوسطى، وثلاثة بالمئة في الدول العربية، في حين أن النسبة المئوية للأطفال ضمن عِمالة الأطفال هي الأعلى في البلدان منخفضة الدخل، فإن أعدادهم في الواقع أكبر في البلدان المتوسطة الدخل، فنسبة تسعة بالمئة من جميع الأطفال في البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض ونسبة سبعة بالمئة من جميع الأطفال في البلدان ذات الدخل المتوسط المرتفع منخرطون في أعمال، وتشير الإحصاءات كذلك إلى أن 84 مليون طفل -يمثلون 56 % من جميع الأطفال العاملين- يعيشون في البلدان المتوسطة الدخل، بينما يعيش مليونا طفل عامل في البلدان ذات الدخل المرتفع.
آثار نفسية واجتماعية
وتؤكد العديد من نتائج الدراسات العربية والتي ناقشت قضية عمالة الأطفال أن هنالك العديد من الآثار السلبية لمشكلة عمالة الأطفال فمن الناحية المعرفية تؤكد تلك الدراسات أنه تتأثر قدرات الطفل المعرفية نتيجة تسربه من التعليم ومخالطته البالغين في سوق العمل، وبالتالي انتقال التجارب والخبرات غير المناسبة لعمر الطفل، كما تشير نتائج الدراسات بأن الأطفال الذين يتم استغلالهم في العمل يتأثر الجانب العاطفي لدى الطفل العامل، فيفقد احترامه لنفسه وارتباطه الأسري وتقبله للآخرين، ويضعف تقديره الذاتي كفرد في المجتمع، وذلك جراء بُعده عن الأسرة، وبالتالي انعدام الحماية الأسرية، ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه، كما تشير نتائج الدراسات إلى أنه تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي، وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية من حوادث العمل التي قد يتعرض لها خلال فترة عمله، وبالتالي يتأثر النمو الجسدي للطفل.
ومن الناحية النفسية، يُهدد العمل المبكر للأطفال التكامل النفسي للطفل، وخاصة الإناث اللاتي يعملن في خدمة المنازل، فتشعر بالدونية مقارنة بمن هنّ في نفس عمرها، أيضًا يشعر الطفل بالانكسار وقت غضب صاحب العمل عليه، والتعدي عليه بدنيًا ونفسيًا، واضطراره للصمت للحفاظ على مصدر دخله، ومن الناحية الاجتماعية والأخلاقية، يتأثر الجانب الاجتماعي والأخلاقي للطفل تبعًا لمجتمع العمل الذي ينتمي إليه، فيتطبع بسلبياته في مراحل طفولته المبكرة كإدمان المخدرات والتدخين أو السرقة أو التلفظ بالألفاظ النابية.
تكاتف الجميع
وتطالب كثيراً من الدراسات المتعقلة بدراسة عمالة الأطفال في الدول العربية بأهمية تكاتف جميع الجهات المعنية، سواء الحكومية والقضائية أو منظمات المجتمع المدني، لمواجهة مشكلة عمالة الأطفال وتقول الدراسات إن التصدي لمشكلة عمل الأطفال أصبح ضرورة ملحة اليوم للسيطرة على الآثار النفسية والاجتماعية الناتجة عن عمل الأطفال، وتطرح تلك الدراسات المتعلقة بعمل الأطفال عدد من الحلول والتي من أبرزها المطالبة بتوسيع دائرة الحماية الاجتماعية، وتوفير سبل الحياة الكريمة للأسر الفقيرة، مع تعزيز السياسات وتحسين سبل المعيشة المستدامة وفرص التعليم، ويتزامن ذلك مع تشديد القبضة الأمنية والرقابية على الأطراف المشتركة في هذه القضية، بداية من الأسرة وحتى أصحاب الأعمال، وأيضًا تفعيل القوانين المنظمة لعمالة الأطفال، مع ضرورة إجراء المسوحات والدراسات لعمالة الأطفال سنويًا حتى تتوفر البيانات اللازمة لصناع القرار لتوفير برامج فعالة للحد من هذه المشكلة.
مجلس شؤون الأسرة نَفَّذ دورات في برنامج الدفاع عن حقوق الطفل التشريعات والقوانين في المملكة تمنع تشغيل الأطفال (عدسة/ نايف الحربي) قد يؤدي عمل الطفل إلى تسرّبه من التعليم (عدسة/ صالح الجميعة) قراءة - د. مناحي الشيبانيمشاركة الخبر: لا لعمل الأطفال في المملكة..! على وسائل التواصل من نيوز فور مي