بايدن وبوتين والصين وخيارات التنمية
تحدث الرئيس الأميركي في الكلمة التي ألقاها أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو عن أمرين مهمين، الأول:- يخص الرئيس الروسي، حينما وجه خطابه إلى نائبته كامالا هاريس قائلاً لها: أنا لم ولن أنحني قط للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعدكم بأن كامالا هاريس هي الأخرى لن تنحني أبدا إذا فازت في الانتخابات المقبلة. كما أشار إلى إنجازات إدارته وتمكنها من توحيد أوروبا، والحيلولة دون تخلف الولايات المتحدة تكنولوجياً عن الصين.
وهاتان إشارتان خطيرتان. فالرئيس الأميركي لم يقصد بالتأكيد تمجيد بوتين وتحويله روسيا إلى قوة، بحيث أصبحت الولايات المتحدة بين خيارين: تنحني أو لا تنحني لروسيا. فهذا وضع تتميز به الولايات المتحدة التي وصلت من القوة، بحيث أصبح بإمكانها إجبار معظم الدول على الانحناء لها. فالأرجح إن إشارة بايدن تدل على أن خصوم الولايات المتحدة، أو على الأصح البلدان غير الصديقة لها قد بلغوا من القوة شأوا، بحيث أصبحت الولايات المتحدة غير قادرة على إجبارهم للانحناء لها. وهذا يعني من ضمن ما يعني أن روسيا أصبحت قوة لا يستهان بها. وقد يكون ما قاله بايدن عن بوتين استقاه من كتاب آن إليزابيث أبلباوم، بيلاروسية (روسيا البيضاء) الأصل الذي صدر كتابها مؤخراً بعنوان: الطغاة الذين يريدون أن يحكموا، والذي أشارت فيه إلى أن يد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحة في مختلف أنحاء العالم. وكتاب آن أبلباوم من الكتب الصفراء، ولكنه سوف يدر رزقا على صاحبته.
إن أقرب الاحتمالات، هو إن إشارة الرئيس الأميركي إلى بوتين، تعني على الأرجح عدم تمكن الولايات المتحدة من تدمير الاقتصاد الروسي، أو تحويله إلى أشلاء كما توعد بذلك الرئيس الأميركي السابق باراك حسين أوباما عام 2015. فالاقتصاد الروسي هذا العام 2024، يعتبر من بين الاقتصادات التي حققت، حسب بيانات النصف الأول من العام، معدلات نمو مرتفعة 5 %. ولهذا نسمع همسات بأن هناك استعدادات لعقد ما يشبه مؤتمر يالطا بين روسيا والولايات المتحدة، وذلك لحل النزاع في أوكرانيا ووضع خطوط حمراء بين البلدين لا يتعداها أين منهما.
بالمثل، فإن إشارة الرئيس الأميركي للصين لم يقصد بها أن الولايات المتحدة على أبواب التخلف عن هذا البلد. فتلميحة، ربما يشير إلى مستوى التطور التكنولوجي الذي وصلت إليه الصين. وهذا مؤشر مهم، مفاده أن تطور الاقتصاد الصيني هو تطور ليس كميا كما يحاول البعض تصويره، وإنما نوعي مدعوم بمستوى عالٍ من التطور التكنولوجي.
وهكذا، فإن كلا التلميحين للرئيس الأميركي لهما دلالات تتعدى الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة، والتي حسب وصف بايدن لها: إنها مصيرية. فهذه التصريحات تقودنا إلى استنتاج، أن المرحلة الانتقالية التي يمر بها النظام العالمي قد وصلت إلى مرحلة من التطور، بحيث أصبح أمام الدول الناشئة والنامية خيارات، أو فلنقل فرص متعددة لتحقيق التنمية.
مشاركة الخبر: بايدن وبوتين والصين وخيارات التنمية على وسائل التواصل من نيوز فور مي