كيفَ عاشت هذه الفكرةُ في رأسي؟
أخبروني الآن أنّه قد مات. أدارت الجميلة ظهرها للحائط دون أن تبتعد عنه.
خرجت لتلتقي أُمَّها.
الجميلة التي لطالما أرادت أن ترفع دواخلها في وجه هذا العالم. أن تنقص منهُ مسافة شبّاك.
تلك التي أقامت لخمسين سنة دون أيّ محاولة انتحار.
التي كلّما ضربها زوجها ذهبت إلى منزل أخيها ليومين فقط.
هي الآن حرّة. تركض في سماء بعيدة.
أسقي الآن وردة غرفتها من دمعي، أسمحُ لنفسي الكئيبة بأن تتذكرها.
لا تنفعني موسيقى arvo part.
قليلاً ويرتفع جسده فوق الأكف، معه سترتفعُ الصّلوات.
قليلاً وتحاول الأرض ابتلاعه
أنا ماكرٌ حتّى في الموت!
■
أُمّي تمسِّدُ جسدَه في الحفرة، الجسد المتروك لعزلته.
سأُرافقه رغم أنّني أعاني من مضاعفات الموت.
كأنني ضوء أو لهب.
أنا أضعفُ من أن أُشاهد هبوطه في الحفرة.
هل ينتظره أحدٌ في الحفرة؟ هل حجز لموته موعداً؟
تموتُ أُمّي الآن ولم تتخلّف عن موعدٍ في حياتها.
تُرى هل وصلت متأخرة؟ هل صحِبَها ملاكٌ إلى الحفرة؟
ذهبَتْ بروحها بعيداً، تخطَّت كلَّ الطوابق التي كانت تصعدُها مشياً بابتسامة.
لم يرفعها أحد.
المرأة التي عشقت الحكايات والأوقات تسقط بلا رجعة.
تسقطُ الطفلة مثل أناسٍ كبارٍ يسقطون الآن.
لولا أنني أخشى موتي، لكنتُ رافقتكِ.
ووضَّبتُ معكِ الخزانة.
■
سريعاً يصعدُ الرجل إلى بيته
سريعاً يدخلُ الغرفة النحاسيَّة
يدقُّ الباب رغبةً بأن يفتح له أحد. يقف خجولاً أمام نفسه، كأنّه يكره العودة لوحده.
هو والزجاج والتفاصيل الصغيرة ورغبة دائمةٌ بضيوف جدد.
لا يتكلَّم الرجل قبل أربع ساعات، أفكاره هي التي تتلاطم في رأسه.
يسير إلى الكورنيش بسرعة غريبة.
الرجل ذو المرايا. المرايا تسير بطيئة إلى حتفها. لا تستطيع قطرات المطر أن توقفه، أو تعيده إلى بيته.
سريعاً يصعدُ الرجل إلى بيته
سريعاً يدخلُ الخزانة، يُغلقُ الباب على نفسه.
وينام.
■
كيف
عاشت
هذه
الفكرة
في رأسي؟
* شاعر من لبنان
مشاركة الخبر: كيفَ عاشت هذه الفكرةُ في رأسي؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي