هندسة المشاعر.. حال صراع الغزاة
د. أحمد ردمان
طبيعة الحياة تقتضي وجود الصراع، وليس بالضرورة أن يكون الصراع بين حق وباطل إذ أن الباطل المتعدد كثيرا ما يثار بين أطرافه الصراع خاصة في ظل وجود فرائس متنافس عليها.
ولعل من السذاجة أن تميل مشاعرك الإيجابية نحو أحد الغزاة حال تحقق نصر له لكن المشاعر السلبية الناقمة لا بد أن تظهر لدى الإنسان السوي حال تضرر أحد أعدائه من الاخر إذ في ذلك انتقاما من قاتلك على يد قاتل اخر.
ولا يعني بالضرورة أن ابتهاجك بهزيمة أحدهما ابتهاج بنصر الآخر كون أنظار المكلومين لا تلتفت إلى المنتصر ولا تتعاطى مشاعرهم مع انتصاره قدر ما ترقب الطرف المهزوم وتلتذ بجراحاته إذ أن المشاعر السلبية هي المتحكم في شخصية المظلوم نحو ظالمه.
إن أناتنا وجراحاتنا ممن اعتدى علينا لا تندمل حال دخوله في صراع مع من صنع جراحات إخواننا، وان كان لا بد من تقديم وتأخير فإن سافك دمك مقدم في العداء لديك على سافك دم أخيك لكن السمو الأخوي يقتضي أن يتساوى سافك دمك مع سافك دم أخيك، أما أن يطلب منك “عميق ” أن تتعاطف مع سافك دمك لأنه قد دخل في صراع مع سافك دم أخيك فذاك عين القبح والسفه معا، وذاك مالم يفهمه المغفلون أو لم يتنبه له العميقون.
والحق أن دخول الأعداء في صراع بينيّ مدعاة لتوليد مشاعر الفرح لدى المعتدى عليه من كليهما فكيف إذا كان صراعهما مبني على أرضية التنافس على المعتدى عليه باعتباره فريسة يريد كل منهما أن يستفرد به ويتلمظ وحده بدمه.
إن مناصرة الفريسة لأحد المفترسين غباء وحمق لا يتوفر حتى لدى حيوانات الغاب ولا ينبئ عن قيم “مدعاة ” بل ويؤكد أن المنظومة القيمية لدى مدعيها بهذا الشأن تعاني من خلل بنيوي في فهمها وبالتالي في تطبيقها فتظهر مواقف أقل ما توصف به التناقض والانفصام.
إن قطع دابر الذين ظلموا على أيدي بعضهما مدعاة لحمد الله وشكره ومحفز للعمل الدؤوب لمواجهة المنتصر منهما في قادم الايام.
ظهرت المقالة هندسة المشاعر.. حال صراع الغزاة أولاً على سبتمبر نت.مشاركة الخبر: هندسة المشاعر.. حال صراع الغزاة على وسائل التواصل من نيوز فور مي