روتشيلد يتوسع في الإمارات... مغزى التوقيت والمكان
على مدى سنوات طويلة سعى بنك "روتشيلد" العالمي، المثير للجدل، للتوسع في منطقة الشرق الأوسط خاصة بدول الخليج الثرية، لكنه لم ينجح بشكل كبير لأسباب عدة منها ما يتعلق بدوره المشبوه في تمويل تأسيس إسرائيل، وحشد أثرياء العالم من الصهاينة لتقديم الدعم المالي لدولة الاحتلال وتنفيذ وعد بلفور الشهير، وأسباب تتعلق بعزوف أثرياء العرب عن التعامل مع البنك ومخاوف من ربط ثرواتهم وسمعتهم باسم عائلة "روتشيلد" التي لعبت دوراً كبيرا في قيام دولة الاحتلال على أرض فلسطين عام 1948، وموّلت العديد من العمليات العسكرية والحروب ضد العرب، وقدمت التبرعات الضخمة لنقل المهاجرين اليهود إلى فلسطين، ودعم المشروع الصهيوني حول العالم.
حدث ذلك الإخفاق من قبل البنك المملوك لعائلة "روتشيلد" على عكس ما حدث مع مصارف عالمية كبرى نجحت بالفعل في الوجود بقوة في منطقة الشرق الأوسط عبر تأسيس بنوك وفروع ومكاتب تمثيل وصناديق استثمار وشركات متخصصة في إدارة الأموال. كما جذبت إليها أموال كبار المستثمرين العرب بل ومدخرات صغار المودعين، ودخلت في شراكة مع دول وحكومات ورجال أعمال عرب.
وخلال تلك السنوات أسفرت محاولات "بنك روتشيلد" عن اقتناص عدد محدود من الفرص داخل منطقة الشرق الأوسط حيث أسس عدة مكاتب تمثيل صغيرة لا يتجاوز عددها الستة فروع موزعة على الخليج وتركيا، وكانت بمثابة همزة وصل بين بنوكها وشركاتها في أوروبا وأصحاب الأموال والثروات في المنطقة، لكنها لا تقدم أعمالا وأنشطة مصرفية مثل منح القروض وتلقي الودائع.
خلال تلك السنوات أسفرت محاولات "بنك روتشيلد" عن اقتناص عدد محدود من الفرص داخل المنطقة حيث أسس عدة مكاتب تمثيل صغيرة لا يتجاوز عددها الستة
لكن أهم خطوة أقدم عليها البنك البريطاني المثير للجدل هي توسعه في الإمارات عبر افتتاحه مكتباً رئيسيا في إمارة دبي يوم الثلاثاء يتولى إدارة ثروات وأموال كبار رجال الأعمال في المنطقة.
ووفق بيان صادر عن البنك فإن المكتب الجديد، الذي بدأ العمل بالفعل، سيخدم العائلات ذات الثروات الضخمة ورجال الأعمال والجمعيات الخيرية والمؤسسات، وأن فريق العمل المعني بالشرق الأوسط والذي يتخذ من جنيف مقرا سيستفيد الآن من خبراء محليين في الإمارات.
اعلان بنك "روتشيلد" عن افتتاح مقر في دبي والتوسع داخل الإمارات هذه الأيام تحديدا يطرح عشرات من علامات الاستفهام نظرا لطبيعة البنك المملوك لعائلة روتشيلد اليهودية التي لها تاريخ طويل في دعم ومساندة إسرائيل حتى قبل تأسيسها على أرض فلسطين، حيث قام جيمس أرماند روتشيلد (1878-1957) بجمع متطوعي الفيلق اليهودي داخل الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى (1918- 1919)، ثم تولى رئاسة هيئة الهجرة إلى فلسطين.
وعقب قيام دولة الاحتلال، ركزت العائلة، التي يصنف بعض أبنائها في لائحة أثرياء العالم وعلى رأسهم اللورد جاكوب روتشيلد الذي توفى في فبراير الماضي عن عمر يناهز 87 عاماً، على الدفاع عن المصالح الإسرائيلية حول العالم، وتشويه صورة العرب والفلسطينيين ونعتهم بالإرهاب.
أبرز تلك الأسئلة المتعلقة بالخطوة التي أقدم عليها بنك روتشيلد، يوم الثلاثاء، يتعلق بمغزى توقيت افتتاح مكتب دبي، وسر التوسع في الإمارات هذه الأيام، ولماذا اختيار دبي، التي تصنفها مؤسسات دولية على أنها أكثر مدن العالم غسلاً للأموال القذرة.
وهل هناك ارتباط بين تلك الخطوة والجهود التي يقوم بها داعمو دولة الاحتلال لجمع مزيد من الأموال والمساعدات النقدية من دول العالم لتمويل حرب الإبادة الجماعية التي يقودها جيش الاحتلال على غزة منذ أكثر من عام، خاصة وأن إسرائيل باتت تعاني عجزا ضخما في الموازنة والإيرادات العامة وتراجع في الأنشطة الاقتصادية وهروب للأموال مع ضخامة كلفة الحرب على غزة ولبنان؟
أم أن البنك العالمي، المساهم الرئيسي في تمويل تأسيس إسرائيل، سيمارس دوره الاستثماري فقط من حيث إدارة ثروات أثرياء وأموال "حيتان" منطقة الخليج والمليارديرات الهاربين من دول العالم خاصة من روسيا وأفريقيا وبعض الدول العربية، وربما يلعب دور الممر أو الكوبري المطلوب لخروج الثروات من دول المنطقة نحو البنوك السويسرية والبريطانية والغربية بشكل عام؟
وهل هناك ضمانات بأن يقتصر دور مكتب دبي على العمل الاستثماري وتقديم الاستشارات المالية فقط شأن كل البنوك الاستثمارية العالمية المتواجدة في المنطقة بما فيها الخليج مثل مصارف: سيتي بنك وجيه بي مورغان وغولدن مان ساكس الأميركية، ويو بي إس السويسري ودويتشه بنك الألماني وسانتاندير الإسباني وأتش أس بي سي وباركليز وستاندرد شارتريد البريطانية؟
أم أن، روتشيلد الإمارات، وغيره من المكاتب المحدودة في المنطقة سيلعب دورا خلفيا في تقديم الدعم لإسرائيل في حربها الإجرامية الحالية على غزة ولبنان، وجمع المساعدات المالية سواء من أثرياء بالمنطقة داعمين لإسرائيل أو من جمعيات خيرية يتولى إدارة أموالها؟
مشاركة الخبر: روتشيلد يتوسع في الإمارات... مغزى التوقيت والمكان على وسائل التواصل من نيوز فور مي