web النسخة الكاملة
wifi_tethering أخبار من نيوز فور مي
widgets اخبار سياسية widgets اخبار محلية widgets اخبار اقتصادية widgets أخبار دولية widgets اخبار رياضية widgets اخبار تقنية widgets أخرى ومتنوعة widgets فن وثقافة widgets أراء وكتابات widgets علوم وتكنولوجيا widgets صحة ومجتمع
mail راسلنا
menu

الإعراض عن الميسور

تم نشره منذُ 2 يوم،بتاريخ: 21-11-2024 م الساعة 12:45:57 الرابط الدائم: https://newsformy.com/amp/news-2155296.html في : أراء وكتابات    بواسطة المصدر : صحيفة الرياض - مقالات

من الخطأ إعراض الإنسان عن الميسور في شؤونه، فمن الخطأ أن يعامل الناس هكذا، فيتجاهل جهود من بذل الميسور، ولا يعذره فيما عذره الله فيه، فيقلّل من شأن هذا ويسخر من ذاك؛ لأنهما لم يُنجِزا ما يرى أنّه الإنجاز المنشود..

لا بدَّ للإنسان من سعيٍ حثيثٍ في أمر معاده ومعاشه، وتقتضي الطبيعة البشريّةُ أن يكون الكسب الحاصل من هذا السعي متفاوتاً؛ لأن بين النفوس بوناً شاسعاً في الصفاء والاهتمامات، وبعض الناس أكثر جَلَداً وأطول نفَساً، لا تخور عزائمهم، ولا تثنيهم العقبات عن أهدافهم، كما أن هناك تفاوتاً كبيراً بين مستويات المصالح التي يرغب الناس في تحصيلها، والمفاسد التي يراد اجتنابها، فمن المصالح ما يسهل تحصيله، ومن المفاسد ما يندرئ بأدنى سعي، كما أن من الصنفين (المصالح والمفاسد) ما تتضافر الهمم للتعاون في شأنه؛ لعموم الحاجة إلى هذا التعاون، ويسر الجهد المبذول في ذلك، ومنها أمورٌ دقيقةٌ ومهماتٌ ساميةٌ تتقاصر دونها أغلب الهمم، ومن صَمَدَ للاعتناء بها لم يَسَعْ أغلبَ الناس مجاراتُه، كما قال القائل: "إذا عظم المطلوبُ قلَّ المساعدُ"، والموفّق من يبذل جهوده في الأعمال الصالحة التي ترضي ربّه، ويسعى في منافعه الخاصّة وفي منافع مجتمعه ووطنه، والمهمل من يتكاسل عن جميع ذلك، ويحتجُّ لتبرير إهماله بأن المساعيَ التي يرضاها لنفسه صعبةٌ، ولا يلتفت إلى ما هو ميسورٌ في متناول يده مما يعود عليه بالمنفعة في دينه ودنياه، ولي في خطورة الإعراض عن الميسور وقفات:

الأولى: معالي الأمور غير متعذرة ولا مستحيلة، لكن حكمة الله تعالى اقتضت أن تكون على قممٍ عاليةٍ، بحيث تكتنفها الكُلَفُ، وتحرسها المشقّات عن أن تكون مبتذلةً، وتبقى المنافسة عليها محصورة بين أهل الهمم السامية، وذوي العقول الراقية، وصدق من قال:

لولا المشقَّةُ ساد الناس كُلُّهُمُ ... الجودُ يُفقِرُ والإقدام قتّالُ

وأينما وُجدت فستصل إليها أيدي المثابرين؛ لتظهر الحكمة في رفع الله تعالى بعض عباده على بعضٍ درجاتٍ، وهذا الرفع شاملٌ في شؤون الدارينِ، فما من مزيةٍ ماديةٍ أو معنويةٍ إلا ولها مراتب، ورفعة هذه الدّرجات تبين تميُّز نائلها؛ لأن المزايا لا تتأتَّى دون تدبيرٍ ولا تسبُّبٍ ولا بذلٍ لأي جهد، بل إذا نظر الـمُنصفُ إلى أصحاب الدرجات العليا عرف أنهم مجتهدون في العمل والصيانة، وبذل ما يقتضيه ذلك من الجهود، ومن الخطأ الظنُّ بأن النّعمة تُخلي صاحبَها من مسؤوليّة السعي في جلب المصالح ودرء المفاسد، وهذا الظنُّ من المنطلقات الخاطئة التي ينطلق منها من يحسد الناسَ على ما أنعم الله به عليهم، فتجدهم يبتكرون أسباباً جانبيّةً خارجة عن دائرة السعي والتسبب، ويربطون بها نجاح النّاجح؛ لئلا يضطرّوا إلى الاعتراف بجهوده، وليجدوا عذراً لتكاسلهم وتقاعسهم عن الأسباب حتى الميسور منها.

الثّانية: من القواعد الشرعية المقررة: أن الميسور لا يسقط بالمعسور، فعلى الإنسان أن يجتهد في تذليل عقبات المعسور، فإن غلب عليه لم يُعرض عن الميسور، وهو معذور إذا أتى بميسوره، وهذا من لطف الله تعالى بعباده، والرخص الشرعية جارية في هذا الباب، كما أن للأعمال المكلفة ماديّاً بدائل أخرى معنويّة ميسورةٌ ليس دونها أيُّ عائق، وقد نبَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على هذه الموازنة كما ورد في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ»، متفق عليه، ففي هذا الحديث ترغيبٌ في الصدقة، ولـمّا كان الأصل فيها بذل المال نبّه على أن لها صوراً أيسر من بذل المال، فما عذر تاركها؟ والمعرضون عن الميسور يُناقضون هذه القاعدة، فيزهدون في الأعمال التي لا عائق دونها، ويرفضون الأسباب المؤدية إلى المقاصد ولو لم تسدّ أمامهم الأبواب، ويتخلون عن الميسور بلا أدنى عسرٍ يكتنفه، وقد يتحدث بعضهم عن الصعوبات المانعة من النجاح فتسمع جدلاً قويّاً، وأفكاراً مرتبةً لو سُخّرت للمصالح لجاءت بثمرةٍ.

الثالثة: كما أنه من الخطأ إعراض الإنسان عن الميسور في شؤونه، فمن الخطأ أن يعامل الناس هكذا، فيتجاهل جهود من بذل الميسور، ولا يعذره فيما عذره الله فيه، فيقلّل من شأن هذا ويسخر من ذاك؛ لأنهما لم يُنجِزا ما يرى أنّه الإنجاز المنشود، مع أنَّ مثل هذا التقييم لا يصدر إلا من أهل النقد الجائر، ومعلومٌ أنه لا منجاة من ألسنتهم، ولو أنجز الإنسانُ أقصى ما يُمكنه لم يسلم منهم، فالتحطيم جاهزٌ عندهم، ولا يُكلّفون أنفسهم مسؤولية الاطّلاع على تفاصيل ما ينتقدونه قبل إصدار الأحكام عليه، وقد ذمَّ الله تعالى سالكي هذا المنهج، فقال: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ)، وهو منهجٌ منافٍ للإنصاف ولواجب تحسين الظنِّ بالمسلمين.

مشاركة الخبر: الإعراض عن الميسور على وسائل التواصل من نيوز فور مي

offline_bolt تريند اليوم، الأكثر بحثاً الآن

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

صدر حديثا أوضاع العالم 2023 لن يكون العالم كما كان

منذُ 14 ساعة

صدر حديثا عن مؤسسة الفكر العربى كتاب أوضاع العالم 2023 لن يكون العالم كما كان المصدراليوم السابعصدر حديثا أوضاع العالم 2023...

أفضل 100 كتاب فى القرن الحادى والعشرين بعيدا عن الشجرة

منذُ 14 ساعة

اختارت نيويورك تايمز كتاب بعيدا عن الشجرة كأحد أفضل الكتب فى القرن الحادى والعشرين المصدراليوم السابعأفضل 100 كتاب فى...

حكاية من التاريخ استقالة سعد زغلول بعد إنذار بريطانى لحكومته

منذُ 14 ساعة

تمر اليوم ذكرى توجيه المندوب السامى البريطانى أدموند اللنبى إنذارا لحكومة سعد باشا زغلول المصدراليوم السابعحكاية من...

فوز دار الشروق الأردنية بجائزة عبد العزيز المنصور لأفضل ناشر عربى

منذُ 14 ساعة

فازت دار الشروق الأردنية الفلسطينية للنشر والتوزيع بجائزة عبد العزيز المنصور لأفضل ناشر عربى فى دورتها السادسة...

القصة الكاملة لاستغاثة ابنه منير فهيم بسبب تزوير أعمال والدها
منذُ 14 ساعة

كشف الناقد التشكيلى صلاح بيصار عن محتال يدعى قرابته للفنان منير فهيم ويزور أعماله عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل...

5 مشروبات تمنحك عظاما أقوى لو عندك نقص فى الكالسيوم إنفوجراف
منذُ 14 ساعة

الكالسيوم ضرورى للحفاظ على قوة العظام والأسنان والصحة العامة ومع ذلك أصبح نقص الكالسيوم شائعا بشكل متزايد بسبب...

widgets إقراء أيضاً من صحيفة الرياض - مقالات