نمو دون المتوقع لاقتصاد ألمانيا وانحسار القطاع الخاص الفرنسي
لا تزال المؤشرات الاقتصادية الأوروبية السلبية تتوالى، وجديدها نمو دون المتوقع لاقتصاد ألمانيا في الربع الثالث من 2024، وانحسار لنشاط القطاع الخاص الفرنسي في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بأعلى معدل له منذ بداية العام. وقد أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن، اليوم الجمعة، استناداً إلى تقدير ثانٍ أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ارتفع في الربع الثالث بنسبة 0.1% مقارنة بالربع السابق له. وكان المكتب أعلن من قبل أن الاقتصاد الألماني حقق في الربع الثالث نموا بنسبة 0.2%، بحسب "فرانس برس".
وأرجع المكتب النمو الطفيف في الاقتصاد إلى زيادة استعداد المستهلكين للإنفاق. فبعد أن هدأت موجة التضخم وفي ضوء ارتفاع الأجور، صار المستهلكون أكثر استعدادا لزيادة الإنفاق. ويعد انتعاش الاستهلاك الخاص أحد أهم عوامل النهوض بالاقتصاد الألماني المتعثر. وإلى جانب ذلك، أنقذ ارتفاع الإنفاق الحكومي الاقتصاد الألماني من الركود في الربع الثالث. في المقابل انخفضت الصادرات بشكل ملحوظ.
وفي الربع الثاني انكمش الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا بنسبة 0.3%. ولو كان الناتج المحلي الإجمالي انكمش مرة أخرى في الربع الثالث، لكان الاقتصاد الألماني انحدر إلى "ركود تقني"، بحسب وصف خبراء الاقتصاد لحالة التراجع الاقتصادي لربعين متتاليين. وعلى الرغم من بصيص الأمل الأخير، لا يزال الاقتصاد الألماني في مرحلة ضعيفة، ومن المرجح أن تستمر في الربع الأخير الحالي، وفقا للبنك المركزي الألماني. ويواجه الاقتصاد الألماني الكثير من الرياح المعاكسة، حيث فقدت الصين زخمها باعتبارها محركا للنمو في الأسواق العالمية، وعلى المستوى المحلي يتزايد عدد حالات إفلاس الشركات بشكل حاد في ألمانيا.
وفي الوقت نفسه، فإن آفاق التصدير لقطاع التصنيع في ألمانيا لا تزال قاتمة، كما أن أسعار الطاقة المرتفعة نسبيا بالإضافة إلى البيروقراطية واسعة النطاق تضع ضغطا على ألمانيا بما هي موقع اقتصادي. وتواجه صناعات رئيسية مثل المواد الكيميائية وقطاع السيارات أزمة حاليا، حيث تريد على سبيل المثال شركة تصنيع السيارات "فورد" شطب 2900 وظيفة في ألمانيا، كما أن شركة "فولكس فاغن" تخطط لإغلاق مصانع.
ونقلت الوكالة عن خبراء اقتصاد قولهم إن انخفاض أسعار الفائدة الرئيسية من البنك المركزي الأوروبي، والذي يجعل القروض أرخص بالنسبة للشركات والمستهلكين، من المرجح أن يكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد. ومع ذلك، سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن ينعكس خفض أسعار الفائدة على الاقتصاد الحقيقي.
وإضافة إلى ذلك، زادت حالة عدم اليقين بشكل كبير مع فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية وتفكك الائتلاف الحاكم في ألمانيا. وقد خفض بعض خبراء الاقتصاد بالفعل توقعاتهم للاقتصاد الألماني. وإذا قرر ترامب زيادة الرسوم الجمركية كما أُعلن من قبل، فسوف يؤثر ذلك بشكل خاص على الاقتصاد الألماني الموجه نحو التصدير.
وتتوقع الحكومة الألمانية أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% هذا العام. وستكون هذه هي السنة الثانية من الركود على التوالي بعد عام 2023، عندما سجل الاقتصاد انكماشا ضئيلا بالفعل. وبحسب الحكومة الألمانية، من المتوقع أن ينتعش الاقتصاد الألماني العام المقبل بنمو قدره 1.1%. وفي المقابل، يتوقع مجلس حكماء الاقتصاد الألماني زيادة بنسبة 0.4% فقط في عام 2025.
ومن باريس، كشفت بيانات اقتصادية تراجع نشاط القطاع الخاص في فرنسا خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بأعلى معدل له منذ بداية العام، حيث أدت حالة الغموض على صعيدي الأوضاع السياسية والجيوسياسية إلى تراجع غير متوقع في قطاع الخدمات. وأفادت وكالة بلومبيرغ للأنباء أن المؤشر المركب لمديري المشتريات لدى مؤسسة "إس أند بي" للدراسات الاقتصادية سجل في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 44.8 نقطة، في انخفاض عن مستوى 50 نقطة الذي يعتبر الحد الفاصل بين النمو والانكماش.
وتمثل هذه البيانات انتكاسة للحكومة الفرنسية الجديدة التي تحتاج إلى تحقيق معدلات نمو قوية للمساعدة في مواجهة عجز الميزانية الذي تجاوز الحدود المسموح بها في إطار الاتحاد الأوروبي. وتوقع خبراء شاركوا في استطلاع أجرته وكالة بلومبيرغ أن يسجل المؤشر 48.3 نقطة، حيث لم يكن من المتوقع أن يتراجع مؤشر قطاع الخدمات إلى مستوى 45.7 نقطة.
ونقلت بلومبيرغ عن الخبير الاقتصادي لدى مصرف هامبورغ التجاري، طارق كمال تشودري، قوله إن "الاقتصاد الفرنسي يواجه الغموض"، في إشارة إلى الصراع السياسي في باريس والحرب الدائرة في أوكرانيا، مضيفاً أن "الشركات تأثرت بقوة من الأزمات على الصعيدين المحلي والدولي".
مشاركة الخبر: نمو دون المتوقع لاقتصاد ألمانيا وانحسار القطاع الخاص الفرنسي على وسائل التواصل من نيوز فور مي