وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد
رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف المملكة العربية السعودية إلى "Aa3" من "A1"، مشيرة إلى جهود البلاد لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. وقالت موديز في بيان الجمعة، إن "التقدم المستمر من شأنه، بمرور الوقت، أن يقلل بشكل أكبر من انكشاف السعودية على تطورات سوق النفط والتحول الكربوني على المدى الطويل". كما عدلت الوكالة نظرتها المستقبلية للبلاد من إيجابية إلى مستقرة، مشيرة إلى حالة الضبابية بشأن الظروف الاقتصادية العالمية وتطورات سوق النفط.
وتوقعت الوكالة أن يكون قطاع الهيدروكربونات المحرك الرئيسي للدخل والثروة في المستقبل المنظور، كما سيشكل الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة خطرا على التطورات الاقتصادية في الأمد القريب. والسعودية منتج رئيس للنفط بمتوسط إنتاج يومي 11 مليون برميل في الظروف الطبيعية، وتعتبر أكبر مصدّر عالمي بمتوسط يومي 7.4 ملايين برميل في الظروف الطبيعية.
وبلغ عجز الموازنة في السعودية 30 مليار ريال ( ثمانية مليارات دولار) في الربع الثالث من عام 2024، وهو ما يزيد على نصف إجمالي العجز المالي للبلاد حتى الآن هذا العام، إذ أثر انخفاض أسعار النفط على الإيرادات وارتفاع الإنفاق. وسجلت المملكة عجزاً بلغ 58 مليار ريال في الأشهر التسعة حتى 30 سبتمبر/ أيلول، وفقاً لبيانات نشرتها وزارة المالية في وقت سابق من الشهر الجاري.
وقالت وزارة المالية في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، في البيان التمهيدي للميزانية إن المملكة تتوقع عجزاً نسبته 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2025. كما تتوقع أن يبلغ إجمالي الإنفاق 1285 مليار ريال (342 مليار دولار) وأن تسجل إيرادات تبلغ 1184 مليار ريال في عام 2025. وتشير توقعاتها إلى تسجيل 0.8% نمواً في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2024 و4.6% في 2025. وبحسب تقرير سابق لوكالة بلومبيرغ، فإن الحكومة تحتاج إلى أن يكون سعر برميل النفط الخام أعلى من 96 دولاراً لتحقيق التوازن في ميزانيتها هذا العام، وفقاً لأحدث التقديرات من صندوق النقد الدولي.
جهود السعودية لتنويع الاقتصاد
وتعمل أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم على "مضاعفة الجهود" في الإصلاح الاقتصادي الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات، إذ تستثمر مئات المليارات من الدولارات لتحقيق أهداف استراتيجية التحول الاقتصادي المعروفة باسم "رؤية 2030". وتهدف الاستراتيجية إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط مع الاستثمار في مشروعات البنية التحتية الضخمة التي تهدف إلى تنشيط قطاعات مثل السياحة والرياضة والتصنيع.
وقال ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي السعودي)، الشهر الماضي، إن الصندوق يستهدف خفض استثماراته الدولية إلى نطاق 18-20% من 30% حاليا، والاتجاه إلى التركيز بشكل أكبر على الاقتصاد المحلي. وأضاف الرميان، الذي يدير الصندوق السعودي الذي يمتلك أصولاً بنحو 925 مليار دولار في الكلمة الافتتاحية للنسخة الثامنة من مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض: "في البداية كان لدينا أقل من اثنين في المئة من الاستثمارات الدولية... لكنها زادت بعد ذلك من 2% إلى 30%. والآن هدفنا هو خفضها إلى نطاق يتراوح ما بين 18 و20%".
وتستهدف الحكومة جذب 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر بحلول عام 2030؛ أي نحو 6% من الإنتاج المحلي الإجمالي. ويعكف الصندوق السيادي السعودي على تنفيد عشرات المشروعات في أنحاء المملكة، وانخرط في شراكات مع شركات عالمية لبناء مشروعات ضخمة، مثل مشروع نيوم الذي يتضمن مدينة مستقبلية ومنحدراً للتزلج في الصحراء ومواقع سياحية شديدة الترف تضطلع بها شركة البحر الأحمر الدولية، ومدينة القدية الترفيهية، جنوب غربي الرياض.
وفي الشهر الماضي، سعى وزير الاستثمار السعودي إلى طمأنة المستثمرين في مؤتمر بالرياض بأن السعودية تظل مركزا مزدهرا للاستثمار على الرغم من عام اتسم بالصراع الإقليمي. ومع انخفاض أسعار النفط وانخفاض الإنتاج، تراجعت أرباح الحكومة. ونتيجة لهذا، تعيد المملكة النظر في إنفاقها، وهو ما يعني أن بعض مشاريع رؤية 2030 سوف تؤجل أو تُقلص، في حين ستحظى مشاريع أخرى بأولوية أكبر.
سيتي غروب يفتتح مكتبا إقليميا في الرياض
وتتطلع المملكة إلى جذب المزيد من المكاتب الإقليمية للشركات عبر تقديم إعفاءات ضريبية في إطار مساعي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتقليل اعتماد اقتصاد البلاد على النفط من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية. وتُلزم حزمة قواعد جديدة في المملكة الشركات الأجنبية بإقامة مكاتب إقليمية في السعودية أو المخاطرة بخسارة عقود حكومية بمئات المليارات من الدولارات. وأظهرت مذكرة اطلعت عليها وكالة رويترز أمس الجمعة، أن بنك سيتي غروب الأميركي حصل على موافقة لتأسيس مكتبه الإقليمي في العاصمة السعودية الرياض. وحصل غولدمان ساكس على رخصة في مايو/أيار لإنشاء مقره الإقليمي في الرياض.
وأعلنت وزارة السياحة السعودية، الأربعاء الماضي، أن الحكومة والقطاع الخاص يعتزمان ضخ استثمارات بقيمة إجمالية 500 مليار دولار في قطاع السياحة خلال السنوات الـ15 المقبلة. وقال وزير السياحة أحمد الخطيب، خلال مشاركته في فعالية اقتصادية بالعاصمة الرياض، إن "المملكة تنفق 100 مليون دولار سنوياً لرفع نسبة التوطين في القطاع السياحي"، وأشار إلى أن السعودية تطمح لتكون في المرتبة السابعة عالميا كأكبر مستقبل للسياحة الوافدة.
ولفت إلى أن المملكة تسير بخُطى ثابتة للوصول إلى نسبة 10% من مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي، موضحا أن "هذه النسبة تشكل ما قيمته 600 إلى 700 مليار ريال من دخل السياحة، وهذا الدخل يتمتع بالاستمرارية مثل دول كفرنسا وإسبانيا، اللتين تتمتعان بدخل سياحي قوي". وفي يوليو/تموز الماضي، قال الخطيب إن بلاده استقبلت خلال النصف الأول من 2024، نحو 60 مليون سائح أنفقوا خلالها 143 مليار ريال (38.13 مليار دولار). وقال حينها: "كنا نطمح للوصول إلى 150 مليون سائح محلي ودولي بحلول 2030، والذي تحقق العام الماضي بالوصول إلى 109 ملايين سائح محلي ودولي".
وفي سبتمبر/أيلول، عدلت وكالة ستاندرد اند بورز نظرتها المستقبلية للسعودية من مستقرة إلى إيجابية، وذلك على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وأشارت الوكالة إلى أن المملكة لا تزال في وضع مريح لإصدار المزيد من السندات، نظراً لأن مستوى ديونها إلى الناتج المحلي الإجمالي يظل منخفضاً نسبياً مقارنة بمعظم البلدان الأخرى. وعززت شركة التصنيف الائتماني مؤخراً توقعاتها للبلاد من مستقرة إلى إيجابية.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في العام الجاري، إلى 1.5% وتوقع تسارع النمو إلى 4.6% العام المقبل، وذلك في أحدث نسخة من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي أصدره الصندوق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وكان الصندوق خفض في يوليو /تموز توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للسعودية في عام 2024 بنحو نقطة مئوية واحدة مقارنة مع تقديراته في إبريل/نيسان إلى 1.7%.
(رويترز، العربي الجديد)
مشاركة الخبر: وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد على وسائل التواصل من نيوز فور مي