قبائل البشتون ترفض جريمة زواج "سورا"
اعتادت قبائل البشتون التي تتوزع على الحدود بين باكستان وأفغانستان اللجوء إلى الزواج من أجل تصفية النزاعات، خصوصاً جرائم القتل، ويُعرف ذلك باسم زواج "سورا"، لكن الاجتماع الأخير الذي عقده المجلس القبلي (جركا) في مقاطعة خيبر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قرر رفض هذا العرف.
وترجع عادة "سورا" إلى إقرار الاجتماع القبلي تزويج فتاة لتصفية النزاعات والصراعات القبلية على الفور، ومن دون أية مراسم زواج. تؤخذ الفتاة "راكبة" على فرس أو حمار إلى القبيلة الثانية، وهذا ما تعنيه كلمة "سورا".
يقول الزعيم القبلي محمد خان ألفت لـ"العربي الجديد": "لا ندري متى بدأ هذا العرف، لكنه قديم. عمري 65 سنة حالياً، وتوفي أبي حين كنت في سن الـ35، وعشت مع جدي فترة طويلة، وكانا يقولان لي إن هذه العادة كانت موجودة حين كانا صغيرين، وكانت منتشرة جداً قبل غزو السوفييت لأفغانستان (1979)، ثم بدأ الناس يعارضونها بعدما هاجر بعض أبناء القبائل، وبدأوا يتعلمون ويحتكون بثقافات مختلفة، ما جعلها انتشارها أقل، لكنها لا تزال موجودة".
يضيف: "لا يُشترط نيل رضا الطرفين المعنيين بالزواج لتطبيق هذه العادة، خصوصاً إذا كانت النزاعات بين قبيلتين، لأن المصالحة تحصل بوساطة المجلس القبلي بعد أن يعطي طرفا النزاع المجلس ضمانات بتوكيله بهذه المهمة مع عدم إمكان رفض القرار".
ومن المعتاد أن يحدد أول اجتماع يعقده المجلس القبلي حجم الغرامة التي تسمى "مشلغة"، وهي مبلغ مالي كبير يؤخذ إذا رفضت أي جهة قبول قرار المجلس، وقد تكون الغرامة حرق منازل الطرف الذي يُناهض القرار. ما يجعل من الصعب على أي طرف رفض القرار بعد تكليف المجلس القبلي تنفيذ مهمة الوساطة بين المتنازعين.
وفي شأن التبعات الثقيلة لهذه العادة على حياة القبائل، خصوصاً الأسرة التي تعطي ابنتها لخصمها، يقول ألفت: "في العادة لا يحق للبنت أن تزور أهلها لسنوات، ويجري التعامل معها بقسوة في بيت زوجها لأنها تأتي إلى أسرته بعد قتل أو شجار كبير، ورغم أن القتال ينتهي في معظم الأحيان، لكن التعامل مع الفتاة يكون سيئاً، وهي تكون عادة أخت القاتل أو ابنة عمه أو قريبته".
ويذكر أنه يعرف أسرة قتل أحد أبنائها شخصاً من قبيلة أخرى بسبب خلاف على المياه. واستمر النزاع أكثر من عام حاولت خلاله أسرة القتيل أن تنتقم من القاتل، لكنها فشلت في ذلك، فتدخل المجلس القبلي، وحلّ المشكلة من خلال اتخاذ قرار تزويج أخت القاتل برجل من أبناء عم القتيل، والذي كان متزوجاً أصلاً قبل 18 عاماً من دون أن يرزق بأولاد ذكور، وكان يبحث عن زوجة.
يتابع: "تزوج الرجل أخت القاتل من دون أي مراسم بقرار من المجلس القبلي، ونفذه رجال من أسرة القاتل، والذين اقتحموا منزل عائلة الفتاة وأخرجوها منه، وسلموها إلى أسرة القتيل. وضع الفتاة كان أفضل نسبياً من أخريات كثيرات عرفن المصير نفسه لأن الزوج كان رجلاً جيداً وثرياً، كما أن زوجته الأولى تعاملت معها بشكل جيد، لكن الفتاة لم تستطع زيارة بيت أبيها لثمانية أشهر، وأمها أصيبت بمرض نفسي، ووالدها أصيب بالسكري. بالتأكيد، عانت البنت من مشكلة حرمانها من كل مراسم الزواج، ورغم أن زوجها عاملها بشكل جيد، لكن بقية أفراد الأسرة عاملوها باحتقار".
وتصف الناشطة الاجتماعية رضوانة جبار، لـ"العربي الجديد"، زواج "سورا" بأنه "عادة تسلب الفتيات والنساء حقوقهن وتقضي على حياتهن كونها تتضمن أنواعاً من الجرائم. أحياناً تتزوج قاصرات كبار في السن، وأيضاً من دون رضاهن، وبلا مراسم، ولا أي من مظاهر الاحترام، ثم يجرى التعامل معهن بطريقة سيئة للغاية".
وتضيف جبار: "رحب كثير من النساء والرجال بقرار المجلس القبلي الذي عقد في أكتوبر الماضي، وشارك فيه مئات من زعماء القبائل وآلاف من أبنائها، والذي قرر القضاء على عادة زواج سورا، ومنع تزويج القبائل الفتيات من أجل تصفية النزعات. هذه الخطوة أهم ما أسفر عنه الاجتماع، لكننا نريد إلزام القبائل بتطبيق القرار، وسن قرارات أخرى مماثلة تعيد حقوق نساء القبائل المحرومات من كل حقوقهن".
مشاركة الخبر: قبائل البشتون ترفض جريمة زواج "سورا" على وسائل التواصل من نيوز فور مي