بلدة "بعادوين" الصومالية.. شوكة في حلق مسلحي حركة الشباب
مقديشو / نور جيدي / الأناضول
- "محمد سعيد" أحد شيوخ "بعادوين": نخوض معركة للدفاع عن النفس والمال ضد المبتزين من حركة الشباب
- عمدة بلدة "بعادوين" أحمد طاهر: استياء من تصرفات حركة الشباب المبنية على قوانين السطو على أموال السكان.
- الضابط المتقاعد يوسف محمد: محاولة السيطرة على بعادوين رغم عدم تمتعها بأهمية إستراتيجية تعبر عن خوف الحركة من كسر هيبتها.
منذ أغسطس الماضي، باتت بلدة "بعادوين"، شرقي إقليم مدغ وسط الصومال، ميدانا للمواجهات بين السكان و"حركة الشباب" المسلحة، رفضا لمحاولات سيطرتها على البلدة، وفرض إتاوات غير شرعية.
ورغم تكرار المواجهات في "بعادوين"، البالغ عدد سكانها 6500 نسمة، لم يظفر أحد من الجانبين بالمعركة، ما أسفر حسب إحصائيات محلية، عن مقتل ما يزيد عن 150 شخصا من الطرفين.
وفي محاولة لحسم المواجهات، شنت حركة الشباب، الثلاثاء الماضي، هجوما مباغتا في ثلاث جبهات على البلدة، بما فيها المركز العسكري للفرقة 21 بالجيش.
وأدى الهجوم لاندلاع مواجهات عنيفة، استمرت ساعات، بين القوات الحكومية والسكان من جهة، ومقاتلي حركة الشباب من جهة أخرى، موقعا ما يقرب من 70 قتيلا.
ويخوض الصومال حربا منذ سنوات ضد "الشباب" التي تأسست مطلع 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكريا لتنظيم "القاعدة"، وتبنت العديد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة المئات.
** دفاع عن النفس
عبر قوات قبلية مدعومة بقوات حكومية، تحاول بلدة "بعادوين"، التي تبلغ مساحتها 145 كم مربع، صد هجمات مقاتلي حركة الشباب في ثلاث معارك شرسة، سيطرت الأخيرة خلالها على جزء من البلدة، لتنسحب لاحقا بعد هجوم مضاد من السكان.
"محمد سعيد" أحد شيوخ بلدة "بعادوين"، يقول إن "السكان يخوضون معركة للدفاع عن النفس والمال، ضد المبتزين"، في إشارة إلى مقاتلي حركة الشباب، الذين ارتكبوا "مجازر ضد المدنيين لتخويفهم وسلب حقوقهم" وفق قوله.
ويضيف محمد، للأناضول، أن "سكان البلدة الذين يعتمدون على الرعي، غير راضين عن سلب أموالهم عبر طرق مختلفة، كالتبرعات والزكوات، وهي أحد أهم مصادر الحركة لتمويل أنشطتها".
ويشدد الشيخ محمد على أن "السكان سيصمدون، أمام كل من يحاول التعرض لحقوقهم".
وتتبع حركة الشباب طريقتين لفرض سيطرتها على سكان القرى والبلدات جنوب ووسط الصومال، إذ تفتح قنوات اتصال مع الأعيان لإخضاعهم، عبر تأمين أموالهم، مقابل أن يكونوا أداة تواصل مع السكان عند جمع الأموال.
بينما تلجأ الحركة للقوة، في حال أبدى السكان أي اعتراض على أجنداتها أو محاولات فرض سيطرتها، من خلال تخويفهم والهجوم عليهم.
** رفض شعبي
ومنذ نحو سنتين، بدأت حركة الشباب تواجه نوعا من الانتفاضة الشعبية المتقطعة، في عدد من البلدات والقرى جنوب ووسط الصومال، رفضا للإتاوات التي تفرضها الحركة على الرعاة والمزارعين.
وعن ذلك، يقول عمدة بلدة "بعادوين" أحمد طاهر، إن "المعارك الضارية التي شهدتها البلدة، نتجت عن استياء من تصرفات الحركة، المبنية على قوانين السطو على أموال السكان، بذريعة ما يسمى بالتبرعات والزكوات لدعم أنشطتهم في البلاد".
ويضيف أحمد، للأناضول، أن "سكان البلدة رفضوا الخضوع لمقاتلي الشباب الذين يسعون إلى السيطرة عليهم وإذلالهم"، مشيرا إلى أن "الحركة تلقت ضربات قاضية، لم تكن في حسبانها، خلال المعارك التي شهدتها البلدة".
وعن قدرات السكان القتالية بمواجهة الحركة التي تتفوق عليهم عسكريا، يوضح أحمد إن "الإسلام أمرنا بالدفاع عن النفس والمال والعِرض، ولهذا كنا في موقف الدفاع وسنبقى حتى آخر رمق في حياتنا".
وشهدت بعض أقاليم جنوب ووسط الصومال، انتفاضة ضد مسلحي الشباب، وتتصاعد وتيرتها بشكل خاص في موسم "الزكوات"، الذي تجمع الحركة خلاله أموالا طائلة من المدن والقرى والبلدات التي تخضع لسيطرتها أو تنشط فيها.
وبحسب تقرير أعده معهد "هيرال" للدراسات الأمنية (صومالي مستقل)، فإن "حركة الشباب تحقق سنويا أموالا طائلة، تقدر بأكثر من مئة مليون دولار، عبر مختلف مصادرها جنوب ووسط الصومال، من إتاوات غير شرعية والزكوات والتبرعات".
** دعم رسمي
وفي ظل صمود مليشيات قبلية أمام مسلحي حركة الشباب، في ميادين القتال جنوب ووسط الصومال، بل وتحقيقها نجاحات في بعض المعارك، تصاعدت دعوات رسمية لدعم السكان عسكريا ضد الحركة.
والأسبوع الماضي، أشادت الحكومة الصومالية، بموقف سكان بلدة "بعادوين"، الذين "قاوموا الإرهابيين"، في إشارة إلى مقاتلي حركة الشباب.
وشددت الحكومة، في بيان أصدرته وزارة الإعلام والسياحة، أن "سكان البلدة بدعم من القوات الحكومية، ألحقوا خسائر بشرية كبيرة بمقاتلي حركة الشباب، حيث قتلوا 50 عنصرا، فيما اعتقلوا عددا آخرين من عناصرها خلال المواجهات".
يأتي هذا، فيما كشفت مصادر محلية، للأناضول، أن "نحو 20 شخصا من القوات الحكومية وسكان البلدة، لقو حتفهم خلال المواجهات".
فيما أعلنت الحركة عن تفوقها على أرض المعركة، ومصادرة سيارات عسكرية خلال المواجهات.
كما دعا نواب صوماليون إلى توفير دعم رسمي للقوات القبلية، التي تدافع وتقاتل ضد حركة الشباب التي استباحت دماء وأموال القرويين جنوب ووسط الصومال.
** كسر الهيبة
لا يكاد يمر شهر، إلا ويحاول مسلحو حركة الشباب الهجوم على "بعادوين"، في محاولة لحسم المعركة وإحكام سيطرتهم على البلدة، رغم المقاومة التي يبديها السكان.
ويقول الضابط المتقاعد يوسف محمد، إن "محاولة حركة الشباب المتكررة، السيطرة على بعادوين، رغم أنها لا تتمتع بأهمية إستراتيجية تذكر، بمثابة خوف من كسر هيبة الحركة أمام أبناء البلدة الصغيرة".
ويوضح محمد، للأناضول، أن "المسلحون سيدرسون كل خياراتهم لإحكام سيطرتهم على هذه البلدة، وقد يلجؤون إلى اغتيالات داخلها، بعد إخفاقهم في المواجهات المباشرة".
ويشير إلى أن "بقاء البلدة خارج نطاق حكم حركة الشباب، سيغذي شهية مناطق أخرى، وسيفتح جبهات للانتفاضة في جنوب ووسط الصومال، ما سيؤثر على نفوذ الحركة ومصادر أموالها، على الأقل في المرحلة المقبلة".
وبحسب محللين، فإن الحرب بين القوات القبلية وحركة الشباب في بعض المناطق، ستشكل فرصة ثمينة للحكومة الصومالية لدعم القبائل، مما قد ينسف نفوذ الحركة ويضعها في موقف ضعف، أمام عمليات القوات الحكومية والأفريقية في المرحلة المقبلة.
مشاركة الخبر: بلدة "بعادوين" الصومالية.. شوكة في حلق مسلحي حركة الشباب على وسائل التواصل من نيوز فور مي