خشية من ضياع حقوق ضحايا "أفريكوم" لانحسابها من الصومال
عبرت منظمة العفو الدولية، عن خشيتها من ضياع حقوق ضحايا الغارات الأمريكية من المدنيين إثر انسحاب قوات "أفريكوم" من الصومال.
وكشف عبدالله حسن، الباحث المعني بملف الصومال بمنظمة العفو الدولية،
أن القيادة الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" ارتكبت "جرائم ضد الإنسانية"، خلال عملياتها ضد مقاتلي حركة "الشباب" المسلحة.
وأوائل
الشهر الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أن الرئيس دونالد ترامب أمر
بسحب معظم قوات بلاده من الصومال، مع ضرورة استكمال الانسحاب بحلول 15 كانون ثاني/يناير
المقبل.
ويوجد
نحو 700 جندي أمريكي في الصومال، لمساعدة القوات المحلية على مواجهة حركة "الشباب"
المرتبطة بتنظيم "القاعدة".
ومنذ
2017 نفذت القيادة الأمريكية "أفريكوم" 198 غارة جوية في الصومال بينها
51 غارة في العام الجاري، بهدف تقويض قدرات حركة "الشباب" جنوب ووسط الصومال،
وفق بيانات أمريكية.
غير
أن الباحث حسن، قال في حديثه مع "الأناضول" إن تحقيقا أجرته "العفو الدولية" في 9 غارات فقط من أصل
الـ198 التي نفذتها أفريكوم منذ 2017، كشف مقتل 21 مدنيا وإصابة 11 آخرين، "وهو
عدد يثبت أن أفريكوم انتهكت القانون الدولي الإنساني خلال عملياتها بالصومال".
"جرائم
أفريكوم"
وأضاف
أن القانون الدولي الإنساني يقر بأنه قبل تنفيذ كل عملية، لابد من تأكيد أنها لن تضر
بالمدنيين، غير أن "المعطيات حول خسائر المدنيين جراء عمليات أفريكوم تشير إلى
أنها لم تتخذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين".
اقرأ أيضا: مقتل 5 أشخاص في تفجير استهدف سيارة جنوب الصومال
وعن
مصير حقوق المدنيين الذين تضرروا من هجمات "أفريكوم" عقب إتمام انسحاب القوات الأمريكية، قال حسن، "إننا
معنيون بحقوق هؤلاء، وإن كان قرار سحب القوات يثير مخاوفنا من أن يمر الأمر بدون مساءلة
أو عدم تحقيق العدالة".
وأشار
إلى أن الضحايا الصوماليين جراء الغارات لن يحصلوا على تعويضات مالية من قبل
"أفريكوم" رغم تزايد أعدادهم يوما بعد الآخر.
ومضى
قائلا: "نستقبل اتصالات يومية من أقارب ضحايا الغارات الأمريكية لتقديمهم مشورة
حول تحقيق العدالة، وكيفية إيجاد تعويضات مالية، إلا أن أفريكوم لم تجر أي اتصالات
بأسر ضحايا هجماتها رغم إقرارها بمقتل مدنيين".
وحول
خطوة "أفريكوم" بإنشاء موقع إلكتروني
يسمح لأسر الضحايا بالتواصل معها، أكد الباحث أنه رغم تشكيل هذه الخطوة "بصيص
أمل في توخي الشفافية لتحقيق العدالة، إلا أنها لن تفيد الغالبية العظمى من المدنيين
الذين يعيشون في مناطق نائية، لن تتوفر فيها شبكات الإنترنت والهواتف الذكية".
ودعا
حسن، قيادة "أفريكوم" إلى إتاحة طرق أخرى غير الموقع، تمكّن أقارب ضحايا
القوات الأمريكية الذين يعيشون في المناطق النائية من التواصل، كافتتاح مكتب لها في
الصومال حتى لا تضيع حقوق هؤلاء.
وأوضح
أن الحكومة الصومالية لا تعمل على مساعدة مواطنيها للحصول على تعويضات مالية جراء العمليات
الأمنية والغارات الجوية، بل وتفند أحيانا سقوط مدنيين خلال العمليات الأمنية، وفق
تعبيره.
"جرائم
متعددة الأطراف"
وبيّن
حسن، أن العفو الدولية سجلت في حزيران/يونيو الماضي جريمة قتل جماعي بحق طاقم صحي مكون
من 8 أشخاص في بلدة جلولي بإقليم شبيلي الوسطى، من قبل مسلحين يرتدون الزي العسكري
الحكومي، وهي خطوة مقلقة توحي بأن أطراف الصراع تمارس الانتهاكات على نطاق واسع بحق
المدنيين الأبرياء.
ووفق
الباحث، فإنه حسب التقارير الأممية، تضرر نحو 618 شخصا خلال 2020، جراء الحرب المستعرة
في الصومال بين قتيل وجريح.
وأوضح
أن 207 أشخاص من هؤلاء تضرروا بفعل أساليب حركة "الشباب" و103 من قبل القوات
الحكومية و15 من قبل القوات الأفريقية "أميصوم" و 117 من قبل ميليشيات قبلية
مسلحة.
وشهد
2020 أيضا، تشريد نحو مليون ونصف صومالي جراء الحرب المستعرة في البلاد، بينهم 213
ألف نازح، حسب المنظمات الأممية.
وفي
معرض رده على سؤال حول جرائم العنف الجنسي، كشف حسن أن الهيئات الأممية سجلت ما بين
أيار/مايو وآب/أغسطس الماضيين، نحو 45 حالة اغتصاب في الأقاليم التي شهدت العمليات
الأمنية الحكومية، بواقع 41 فتاة و4 سيدات.
وحول
انتهاكات "أميصوم"، قال الباحث إن العفو الدولية، تستقبل بلاغات بمقتل مدنيين
في العاصمة مقديشو، بسبب قيام القوات الإفريقية بالرد بشكل عشوائي على الهجمات التي
تتعرض لها من قبل مسلحي "الشباب" بأحياء العاصمة، دون مراعاة سلامة المدنيين.
وأكمل
أن "هذا الرد العشوائي من قبل أميصوم تسبب في سقوط عدد كبير من المدنيين، بينهم
15 مدنيا خلال العام الجاري فقط".
اقرأ أيضا: بوارج أمريكية تصل إلى الصومال تمهيدا لسحب القوات العسكرية
وتابع،
أن سجل حالات العنف الجنسي للقوات الأفريقية "لا يزال مفتوحا"، مشيرا أن "أميصوم" "تورطت في حالات اغتصاب
داخل العاصمة مقديشو والأقاليم الأخرى في البلاد".
وأكد
عبدالله حسن، أن "جميع أطراف الصراع الصومالي لم يحترموا قواعد الحرب أو القانون
الدولي الإنساني خلال النزاعات المسلحة، بل ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية بشكل متكرر".
الإقرار
بالجرائم
ورغم
صعوبة التوصل إلى تحقيق متكامل في جميع الانتهاكات التي تحدث خلال الغارات الجوية والعمليات
الأمنية في معظم الأقاليم جنوب ووسط الصومال، إلا أن العفو الدولية، وفق الباحث، تحاول
كشف الحقائق والانتهاكات ضد المدنيين والجهة الفاعلة لذلك.
وفي
هذا الصدد، قال إن إقرار "أفريكوم" لأول مرة مؤخرا، بتسببها في خسائر بين
المدنيين، جاء بعد نشر العفو الدولية تقارير تثبت مقتل مدنيين جراء الغارات الجوية
الأمريكية في الصومال.
وأشار
إلى أن "أفريكوم" أقرت بمقتل 5 مدنيين وإصابة 8 آخرين في غارات جوية بمناطق
عيل بور بإقليم جلجدود وسط الصومال وبلدة كونيبرو ومدينة جيليب بإقليم جوبا الوسطى
(جنوب).
وتابع
أن المفارقة هو حجم الغارات التي نفذتها "أفريكوم" في الأقاليم الصومالية،
وسجل اعترافها بمقتل عدد قليل من المدنيين جراء هذه الغارات، مشيرا أن عددا كبيرا من
المدنيين دفعوا الثمن حياتهم بسبب الغارات.
وأوضح
عبدالله حسن أن القوات الحكومية والإفريقية أيضا تتعهد بفتح تحقيقات حول جرائمها ضد
المدنيين خلال عملياتها الأمنية، إلا أن تلك التحقيقات لم تؤت ثمارها، بل وستبقى مفتوحة
للأبد وتمر دون مساءلة أو تعويض المدنيين.
وحول
الآلية التي اعتمدت عليها العفو الدولية في تحقيقاتها للغارات الجوية والعمليات الأمنية
في المناطق التي تخضع لسيطرة مقاتلي الشباب، أكد الباحث أن المنظمة تتبع وسائل عدة
للتأكد من وقوع جرائم إنسانية.
وهذه
الوسائل، وفق الباحث، بينها جمع أدلة من أقارب وشهود عيان، وتحليل الصور ومقاطع فيديو
التقطت من موقع الحادث، واستخدام صور الأقمار الصناعية لمعرفة طبيعة الموقع قبل وبعد
الحادث، إلى جانب جمع ومقارنة الأخبار حول الحادث من وسائل إعلام المحلية أو بيانات
"أفريكوم".
وأشار
إلى أن "كل هذه الوسائل تقربنا أو تمكننا من التوصل إلى معرفة ما إذا كان هناك
خسائر للمدنيين أو لا، عندها قمنا بإصدار تقرير بالتعاون مع الجهات المعنية ومن ثم
إدانة الجهة المسؤولة عن العملية أو الغارة التي تسببت في خسائر المدنيين".
مشاركة الخبر: خشية من ضياع حقوق ضحايا "أفريكوم" لانحسابها من الصومال على وسائل التواصل من نيوز فور مي