خصـوم الفراعنـة
حين عبّر الشاعر عبدالمجيد الذيابي في لقاء إعلامي عن رأيه في الشاعر ناصر الفراعنة جاء رأيه شديد الارتباك ويوحي للمشاهدين بأن الأخير شاعر سيئ وأن مجمل قصائده مسيئة للشعر وللشعراء بحسب ما يفهم من كلامه، وقد ذكر في بداية حديثه أنه «لا يحب أشعار الفراعنة»، وهذا حق من أبسط حقوقه. لكنه لم يستطع التعبير عن مبرر رأيه في شاعرية الفراعنة بصورة واضحة وموضوعية. إذ ردّد عبارة «لا يمثلني شعره»، وذكر أن الفراعنة من الشعراء الذين «يسيئون للشعر»، وهذا كلام سطحي يتوهم قائله أنّ خطأ الشاعر -أي شاعر- أو تجاوزه في عدد من قصائده أمر قد يسيء للشعر أو يضر به، مع أن الشعر فن لا يختلف عن بقية الفنون والمحسن فيه يضيف لهذا الفن ولتجربته الإبداعية الخاصة، أمّا المسيء والمقصر فإن إساءته تؤثر على تجربته هو ولا تؤثر على ذلك الفن بأي صورة من الصور.
الفراعنة شاعر مبدع يمتلك موهبة عظيمة وتجربة طويلة وثرّية مكّنته من الوصول إلى شريحة كبيرة من الجمهور، ومن الظلم أن يتجاهل الناقد أو المنتقد ما تحفل به تجربته من روائع شعرية أو يركز على بعض السقطات والأخطاء التي لا تخلو منها تجارب شعراء عرب كبار خلّد تاريخ الشعر تجاربهم، وهي سقطات وأخطاء أجزم أن الشاعر وأمثاله من المبدعين يدركونها في مرحلة لاحقة وقد يندمون عليها وقد لا يندمون لأنها نتاج ظروف معينة أنتجت القصائد التي وردت فيها تلك السقطات.
في فترة مشاركة الفراعنة في برنامج (شاعر المليون) والفترة التي تلتها كنت أحد الذين كتبوا ينتقدون هجاء الشاعر لبعض خصومه، وبعد النظر للمسألة من زاوية أوسع توصلّت لقناعة بأن ما فعله كان أمراً مبرراً وطبيعياً نتيجة ما تعرض له من ظلم ومن حرب إعلامية غير نزيهة شارك فيها شعراء وإعلاميون بهدف النيل منه. ولكن خفاء تلك الحرب توهم المتابع بأن الفراعنة شاعر هَجَاء وعدواني.
وأشار الذيابي إلى مسألة أخرى يُلاحظ تكرّرها في أحاديث منتقدي الشاعر وهي مسألة استعراض الثقافة القرائية في أشعاره، يقول الذيابي: «ناصر الفراعنة يربط القراءة في الشعر، والقراءة ما لها علاقة في الشعر». والحقيقة أن هذه المسألة وإن كانت سلبية في قليل من القصائد التي يبدو فيها الشاعر متكلفاً إلا أنها تعد مزية في معظم قصائده. صحيح أنني أتفق مع مقولة: «أن الشعر شيء والقراءة شيء آخر» إلا أن استثمار الشاعر لثقافته القرائية بصورة جيدة في إبداع القصيدة أمر محمود يحسب له لا عليه. ومَن يطّلع على إنتاج الفراعنة الغزير والمتنوع يلحظ أن انعكاس ثقافته على أشعاره انعكاس إيجابي غالباً، ويجد فيه جوانب إبداعية مشرقة جديرة بالإعجاب وبالتأمل والدراسة، لكن غياب النقد الحقيقي في ساحة الشعر الشعبي يساعد على انتشار المغالطات والتحيز والتركيز على الجوانب السلبية وتضخيمها كما يحدث في تعامل بعض المنتقدين مع تجربة ناصر الفراعنة.مشاركة الخبر: خصـوم الفراعنـة على وسائل التواصل من نيوز فور مي