"الدفع أولاً".. مشافي خاصة تزيد معاناة مرضى كورونا بأوغندا
كمبالا/ حمزة كيون/ الأناضول
رفعت إحدى منظمات المجتمع المدني دعوى قضائية ضد الحكومة الأوغندية إلى المحكمة العليا، بسبب فشلها في تنظيم الأجور الباهظة لإدارة وعلاج مرضى فيروس كورونا في المرافق الصحية الخاصة.
ومع عودة الوباء إلى أوغندا إثر نقص حاد في اللقاحات، اتُهمت المستشفيات الخاصة بالتربح من الوباء، حيث لا يتم التعامل مع المريض في العديد من المرافق الصحية الخاصة، إلا بعد سداد دفعة كبيرة من أجور التداوي.
في 18 يونيو/حزيران الماضي، توفيت أنجيل ناكاسانغو في مستشفى كمبالا بعد أن فشلت في الحصول على رعاية طارئة من ثلاثة مستشفيات، بسبب عدم تمكن أسرتها من تسديد الدفعة الأولي للعلاج.
طلب مستشفى كمبالا الدولي، الذي نُقلت ناكاسانغو إليه أولاً، من أسرتها دفع 4 ملايين شلن أوغندي (1120 دولارًا) كوديعة قبل أن يتمكنوا من استقبال الحالة.
ومن ثم أخذتها عائلتها إلى مستشفى ديفاين في كينغيرا، الذي طلب وديعة بقيمة 2 مليون شلن أوغندي (560 دولارًا)، والتي لم تكن متوفرة لديهم.
وبعد الصعوبات التي واجهتها العائلة في مستشفى ديفاين، استأجرت سيارة إسعاف وأخذت المريضة، وهي في حالة حرجة، إلى مستشفى كمبالا، حيث طُلب منهم أيضًا دفع وديعة بقيمة 2 مليون شلن أوغندي. وخلال هذه العملية، توفيت المريضة في سيارة الإسعاف بعد انتهاء الأكسجين.
** تنظيم القطاع الصحي الخاص
قال مقدم العريضه، موسى مولومبا، رئيس مركز الصحة والتنمية وحقوق الإنسان، إن وزارة الصحة مخولة بتنظيم الرسوم التي تفرضها المستشفيات والعيادات الخاصة بموجب قانون الصحة العامة وقانون ممارسي الطب وطب الأسنان.
وقال إنه من غير المعقول أن تفشل الحكومة في ضمان وجود نظام صحي عام وفعال، وإنكار واجبها الأساسي في تنظيم التكاليف التي يفرضها القطاع الخاص مقابل الخدمات الصحية أثناء الوباء.
وخاطب مولومبا الصحفيين بعد تقديمه العريضة قائلًا: "لا يمكن للحكومة تنظيم أي شيء يتعلق بكورونا باستثناء تكاليف العلاج. نتوقع من وزارة الصحة استخدام صلاحياتها القانونية لحماية الأوغنديين من التكاليف غير المعقولة التي يفرضها القطاع الخاص على علاج الفيروس".
وقالت الدكتورة ديانا عطوين، السكرتيرة الدائمة بوزارة الصحة، للصحفيين في كمبالا، إن قانون الصحة العامة لا يمنح الوزارة صلاحيات لإصدار أوامر للمرافق الصحية الخاصة بخفض الأسعار.
ويطالب مقدمو العريضة من المحكمة العليا التدخل وإجبار الحكومة على تحمل المسؤولية وتنظيم عمل الممارسين الصحيين في القطاع الخاص.
** قضايا أخلاقية
تشهد أوغندا تزايداً في عدد الوفيات والشكاوى من الناس حول القضايا الأخلاقية حول علاج كورونا والأجور الباهظة في المرافق الصحية الخاصة، إضافة إلى عدم خضوع الممارسين الصحيين للمساءلة.
كما يمتلك بعض المختصين في المستشفيات العامة مستشفيات خاصة، وغالبًا ما يقومون بإحالة المرضى اليها للقيام بعمليات الفحص والتشخيص وخدمات المختبرات وأمور أخرى.
وعند الوصول إلى العديد من المرافق الخاصة، يتعين على المرضى الدفع نقدًا عند الدخول. وفي بعض الحالات، يتم احتجاز المرضى أو الجثث إلى أن يقوم الأقارب بدفع جميع الفواتير المستحقة.
الدكتور جويل أوكولو، رئيس المجلس الأوغندي لطب الأسنان، تحدث إلى الصحفيين في كمبالا قائلاً: "غير أخلاقي أن تطلب المستشفيات وديعة قبل تقديم الرعاية الصحية".
يتألف النظام الصحي في أوغندا من ثلاثة قطاعات صحية: الخدمات العامة، الخدمات الخاصة غير الربحية، والقطاع الخاص الربحي، بالإضافة إلى ممارسي الطب التقليدي والتكميلي.
كما تعود ملكية 45.16٪ من المرافق الصحية للحكومة، و 42٪ مرافق خاصة هادفة للربح، والبقية مرافق خاصة غير ربحية.
وفي حديث للأناضول، قال الدكتور آدم سيبيالا، المحاضر بجامعة المصطفى، إنه بمجرد أن يكون هناك حجم كبير من الخدمات الصحية التي توفرها الكيانات غير الحكومية، يوضع الناس أمام خيار الدفع أولاً. وفي حالات أخرى، يتم احتجاز المرضى أو الجثث حتى يتم دفع الأجور كاملة.
وتعاني البلاد من غياب نظام فعال للاستجابة الطارئة، وتمتلك أقل من 220 سريرًا لوحدة العناية المركزة، بما في ذلك أجهزة التنفس الصناعي، وشاشات مراقبة المرضى، والأشعة السينية، ومولدات الأكسجين.
** تصدع اجتماعي
أدت جائحة كورونا إلى تحويل المرافق القليلة المتاحة إلى سلع، حيث تظهر بعض فواتير المستشفيات التي حصلت الأناضول عليها من عائلات مرضى الفيروس الخارجين من العناية المركزة، مبالغ تصل 15 ألف دولار، والتي تعد ثروة في بلد يبلغ فيه دخل الفرد السنوي 777 دولارًا.
لا يثق العديد من الأوغنديين بالمستشفيات الحكومية، بحجة عدم الكفاءة وسوء الإدارة ونقص الموظفين وسوء الأجور ونقص الإمدادات الأساسية في بعض الأحيان بالإضافة إلى الفساد، مما يكشف تصدعا اجتماعيا حيث لا يستطيع سوى الأثرياء تحمل تكاليف الخدمات الصحية.
يسعى كبار المسؤولين الحكوميين بشكل روتيني إلى العلاج في الخارج، حيث تم نقل رئيس البرلمان، جاكوب أولانيا، الأسبوع الماضي، إلى خارج البلاد لتلقي العلاج، ومثله العديد من كبار المسؤولين الذين يتدفقون على مستشفيات أوروبا وآسيا.
وقالت المعلمة زيتوني سيتيندا، للأناضول: "إذا كان الأشخاص الذين لديهم تفويض لإنشاء نظام فعال في البلاد لا يستخدمون المستشفيات العامة، فإن الحل لا يزال بعيد المنال".
** إدعاءات حكومية
وفي المقابل، تصر الحكومة على أن النظام الصحي تحسن، مستشهدة بنتائج مكتب الإحصاءات بأن 86٪ من الأوغنديين يعيشون على بعد 5 كيلومترات (3.1 ميل) من منشأة صحية.
وتعد أوغندا من بين الدول الإفريقية التي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في عدد الإصابات بفيروس كورونا وسط نقص حاد في اللقاحات، حيث حصل أقل من 1٪ من السكان على التطعيم الكامل حتى مطلع يوليو الجاري. كما تم تسجيل 79 ألف و 434 حالة إصابة مع 989 حالة وفاة.
كما أقرت الهيئة الوطنية للأدوية (NDA)، وكالة حكومية مخولة بتنظيم الأدوية في البلاد، على COVIDEX كعلاج عشبي داعم ضد فيروس كورونا.
وأفادت منظمة الصحة العالمية، مؤخرًا، أن الوباء يتجدد في 12 من أصل 54 دولة في إفريقيا، قائلة إن الموجة الحالية من الفيروس "تنتشر بشكل أسرع وتضرب بشكل أقوى".
وقال كبير مسؤولي الصحة العامة في إفريقيا، جون نكينجاسونج، رئيس مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، إن الموجة الثالثة في القارة "مدمرة للغاية" لأن النوع المتحور من الفيروس (دلتا) ينشر العدوى في العديد من البلدان.
مشاركة الخبر: "الدفع أولاً".. مشافي خاصة تزيد معاناة مرضى كورونا بأوغندا على وسائل التواصل من نيوز فور مي