أواني الطعام النحاسية تستعيد بريقها قبل رمضان في تونس

أواني الطعام النحاسية تستعيد بريقها قبل رمضان في تونس

تم نشره منذُ 6 شهر،بتاريخ: 22-03-2023 م الساعة 06:49:24 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-1598005.html في : أخبار دولية    بواسطة المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

أواني الطعام النحاسية تستعيد بريقها قبل رمضان في تونس

الأربعاء - 29 شعبان 1444 هـ - 22 مارس 2023 مـ

تونسي يقف أمام ورشة لـ«قصدرة» الأواني النحاسية في السوق (أ.ف.ب)

تونس: «الشرق الأوسط»

يقف الحرفي الشاذلي المغراوي في ورشته بالعاصمة التونسية وسط أباريق وأقدار متراصة هنا وهناك وفي انتظاره عملاء دأبوا منذ سنوات على جلب أواني الطبخ النحاسية لطلائها بطبقة من القصدير وتلميعها لاستعمالها في إعداد الأكل خلال شهر رمضان.
والمغراوي (69 عاما) من بين قلة قليلة من الحرفيين المتخصصين في طلاء وتلميع الأواني النحاسية، وفيّ منذ عشرات السنين لورشته التي أنشئت منذ العام 1977 في حي باب الخضراء بالقرب من المدينة القديمة بالعاصمة التونسية، فيما لم يعد بريق هذه الحرفة يجذب الشباب التونسي الذي هجر الأعمال الشاقة.
يحرص التونسيون قبل شهر رمضان من كل عام على حمل كل الأواني المصنوعة من النحاس إلى ورش متخصصة في تنظيفها وطلائها من جديد لتصبح جاهزة لإعداد مختلف الأطباق خلال هذا الشهر.
يكرّر العديد من العملاء، وغالبيتهم من النساء اللاتي يقفن في مدخل الورشة، طلب الإسراع بتجهيز أوانيهم قبل أول أيّام رمضان. يرد عليهم المغراوي بينما يعالج نيران موقده «لن يكون ذلك ممكنا. لدينا طلبات أخرى، وكما ترون أعمل بمفردي». يذيب بين أنامله قطعة من القصدير ثم يطلي بسائلها وعاء ليكشطه لاحقا ثم يغرقه في سطل كبير من الماء.
يطلق التونسيون على هذه العملية «القصدرة» وتتمثل في إكساء الأواني بطبقة من القصدير المُذاب لحماية الطعام وحفظه من الأكسدة التي يتسبب فيها معدن النحاس.
يصبح إثر ذلك «الكسكاس» (وعاء لإعداد أكلة الكسكسي) و«الكروانة» (وعاء لإعداد الحساء)، جميلا الشكل وشديدا اللمعان. ويشرح المغراوي أن هذا التقليد «موجود منذ قرون ويبقى دائما حيّا».
تحتفظ الأمّهات التونسيات بأواني النحاس في مطبخهنّ، يرثنها ويورّثنها لحفيداتهن لتكون من بين المستلزمات الأساسية في تجهيز بيوتهن قبل الزواج.
تقول سناء بوخريص (49 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بإحساس جميل عندما أستعمل الدوزان (قنينة من النحاس) وهو يلمع طوال شهر رمضان».
وتضيف بوخريص، وهي متخصصة في المحاسبة ومتزوجة منذ 28 عاما، «يذكرني هذا التقليد بالزمن الجميل واستعداد أمي للشهر الفضيل»، وتتابع «هذه الأواني الموروثة من أمي فيها بركة».
لم تتمكن دليلة بوبكر (53 عاما) وهي ربة بيت، هذا العام إلا من تلميع قطعتين فقط، بينما تكابد عائلات تونسية أخرى بحثا عما تطبخ وسط أزمة اقتصادية واجتماعية تمر بها البلاد. وتعلّق قائلة «أصبحت الأسعار مرتفعة جدا».
تبلغ تكلفة عملية «القصدرة» ما بين 20 و200 دينار (بين 6 و60 يورو) وتختلف الأسعار بحسب مقياس حجم الوعاء.
تشهد الصناعات الحرفية لأدوات المطبخ تراجعا بسبب ارتفاع أسعار معدن النحاس في كل أنحاء العالم، لكن في المقابل لا يزال ثمة طلب متزايد على تلميع الأواني القديمة في تونس، وفقاً للعديد من الحرفيين.
ينتظر الحرفي عبد الجليل العياري (60 عاما) كل سنة هذه الفترة التي تسبق شهر رمضان طوال الخمسين عاما التي قضاها في مهنته داخل ورشته في المدينة القديمة. ويلاحظ أن «العملاء يريدون أن تجهز أوانيهم قبل بداية شهر رمضان وتسعد المرأة لكون مطبخها مزيناً بأوانٍ نظيفة».
ويضيف، بينما يدندن أغنية للفنانة أم كلثوم تُبث من جهاز راديو قديم وضعه في ركن من الورشة: «لا يوجد من يريد تعلم هذه الحرفة اليوم. يرفضون العمل وسط ورشة كلّها سواد ويخشون أن يتسخوا».
يقول مبروك رمضان (82 عاما) وهو حرفي يملك ثلاثة محلات في «سوق النحاس» بالمدينة القديمة «لم يعد باستطاعتنا قبول مزيد من الطلبات».
وسط هذا السوق الشهير بالعاصمة، يعرض حوالي خمسين متجراً مستلزمات المطبخ التي أخرجها الحرفيون بحلّة وتصميم جديدين. ومع اقتراب شهر رمضان يشتري التونسيون أواني للطهو وإعداد القهوة وأباريق للشاي وأكواباً صغيرة وقدوراً.
كما يعرض رمضان للبيع أواني قديمة. «إنها مثل المجوهرات بالنسبة لبعض العملاء»، في تقدير الحرفي الذي يعرب عن أسفه لعدم اكتراث أبنائه بأهمية هذه المهنة.
وثمة حسرة لدى المغراوي الذي اشترى بنفسه ورشته قبل عشرين عاما من ورثة صاحبها الذين لم تعد لديهم رغبة فيها. ويقول «في كل مرة نفقد زميلاً في الحرفة، يكون ذلك خسارة لهذه المهنة وخطوة نحو اندثارها».
يكشف عن يديه الملطختين بالسواد والمتضررتين بأخاديد عميقة ويخلص إلى أن «الجيل الجديد يبحث عن عمل سهل ولا يحب أن يرى هذا».


مشاركة الخبر: أواني الطعام النحاسية تستعيد بريقها قبل رمضان في تونس على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

هكذا استغل حفتر وأبناؤه كارثة درنة التقاط صور وقمع للمحتجين

هكذا استغل حفتر وأبناؤه كارثة درنة التقاط صور وقمع للمحتجين

الآن

في ظل الكارثة التي حصلت في درنة هناك وجه آخر سلطت وسائل إعلام غربية الضوء عليه وهو محاولات خليفة حفتر استغلال الكارثة...

اليوم العالمي للغة الإشارة مشاهير تحدوا الصمم وحققوا نجاحات بمجالاتهم

اليوم العالمي للغة الإشارة مشاهير تحدوا الصمم وحققوا نجاحات بمجالاتهم

الآن

يوجد في الكثير من الأسر أشخاص حرموا من حاسة أو أثنين ولكن يتميزون بقدرات أخرى تجعلهم يتفقون على غيرهم في العديد من...

إسبانيا تزيل كلمة نساء من اسم منتخبها الوطني لكرة القدم

إسبانيا تزيل كلمة نساء من اسم منتخبها الوطني لكرة القدم

منذُ 5 دقائق

بإزالة عبارة كرة قدم نسائية من اسم المنتخب الوطني يأمل اتحاد كرة القدم الإسباني أن يعكس تحولا في المفاهيم ورؤيته...

المزارعون يستخدمون بذور الفواكه للتنبؤ بحالة الطقس لفصل الشتاء القادم كيف يفعلون ذلك

المزارعون يستخدمون بذور الفواكه للتنبؤ بحالة الطقس لفصل الشتاء القادم ...

منذُ 8 دقائق

يبحث المزارعون المحليون عن أدلة حول فصل الشتاء القادم من خلال دراسة بذور البرسيمون المحلية يقولون إن البذور تتنبأ هذا...

في برقية لخادم الحرمين الرئيس العراقي حريصون على تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات
في برقية لخادم الحرمين الرئيس العراقي حريصون على تعزيز العلاقات الثنائ...
منذُ 9 دقائق

هنأ رئيس جمهورية العراق الرئيس الدكتور عبداللطيف جمال رشيد أخاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن...

الرئيس العراقي يهنئ خادم الحرمين الشريفين باليوم الوطني
الرئيس العراقي يهنئ خادم الحرمين الشريفين باليوم الوطني
منذُ 12 دقائق

هنأ رئيس جمهورية العراق الدكتور عبداللطيف جمال رشيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل...

widgets إقراء أيضاً من صحيفة الشرق الأوسط

الطفلة الفلسطينية رهف تمني النفس لو تكتب أو تهرول إلى الحي مجددا
أميركا تبنى نظاما دفاعيا متكاملا في الشرق الأوسط
المغربي البقالي يحرز ذهبية سباق ثلاثة آلاف متر موانع ببطولة العالم
السودان حميدتي يحذر من الفوضى في حال التراجع عن الاتفاق الإطاري