الأسير الفلسطيني عاصف الرفاعي... السرطان يضاعف معاناة الاعتقال

لا تكفي الأسير الجريح عاصف عبد المعطي الرفاعي (20 عاماً)، من قرية كفر عين، شمال غرب رام الله، وسط الضفة الغربية، إصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي ومعاناته من الاعتقال المتكرر، لتزيد إصابته بالسرطان من معاناته، خلال فترة اعتقاله الرابعة، في ظل قلق متواصل من استشهاده بأي لحظة!

في الرابع والعشرين من سبتمبر/أيلول 2022، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عاصف البرغوثي، بذكرى ميلاده العشرين، حيث ولد عاصف في اليوم ذاته من عام 2002، قبل اعتقال والده بنحو ستة شهور، حيث أمضى والده عشر سنوات في السجون، ليبدأ عاصف منذ صغره رحلة المعاناة، وما أن بلغ 15 عامًا، حتى أصيبت أطرافه السفلية بالرصاص خلال مواجهات مع الاحتلال، وفق ما يؤكده والده لـ"العربي الجديد".

بعد ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال عاصف نحو شهر وكان عمره 16 عامًا، وبعدها أصيب مرة أخرى في أطرافه بالمواجهات، ليعتقل مجددًا لأيام، وصولاً لاعتقاله الثالث والذي أمضى فيه عشرة شهور.

يقول والده: "عاصف نموذج الطفل الفلسطيني الذي خلق بالمعاناة، كان يزورني بالسجن، وها هو اليوم كبر ليعيش التجربة ذاتها، لقد قلقت عليه وطلبت منه أن يكف عن ذلك، إلا أنه أجابني إجابة رجل (لقد تركتني وأنا رضيع واليوم أصبحت رجلاً)".

عاصف، الذي كان يعيش في أحضان عائلته المكونة من والديه و7 أخوة (ثلاثة صبيان وأربع بنات)، حرمه الاحتلال من تعليمه وبناء مستقبله بسبب الاعتقالات المتكررة له.

ما يقلق عائلة عاصف، بحسب والده، ليس اعتقاله الرابع الحالي، لكنه أصيب بسرطان القولون بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال بأربعة أشهر من اعتقاله الثالث، وكان يبلغ من العمر 18 عاما ونصف العام، وما زال الألم يلازم عاصف وعائلته مع تدهور حالته الصحية وانتشار السرطان في أنحاء مختلفة من جسده.

يقول والده: "لا يوجد لدينا دليل حول ما إذا كانت إصابة عاصف بالسرطان ناتجة عما ورثه من إهمال في سجون الاحتلال، لكننا مصدومون من إصابته بسرطان القولون، حتى الأطباء مصدومون لكون هذا النوع من السرطان يصيب الإنسان في الخمسينيات من عمره".

قلق على حياته

لا يهم عبد المعطي الرفاعي اعتقال ابنه عاصف حتى لو كان حكمه عاليًا بتهمة مقاومة الاحتلال، فالسجن بنظره لن يغلق على أحد، إلا أن أكثر ما يقلقه إصابته بالسرطان وبدء انتشاره في عدة أماكن من جسده خلال أشهر.

ويقول والده: "في شهر ديسمبر/كانون الأول 2022، أجريت لعاصف فحوصات في مستشفى هداسا الإسرائيلي، ليتبين انتشار السرطان في الأمعاء وجدار الصدر والكبد، ما يقلقني في ظل تدهور الحالة الصحية لعاصف، وما يمارس بحقه من إهمال طبي، فإنني أخشى إبلاغي باستشهاده بأي لحظة، خاصة أن السرطان المصاب به شرس وينتشر بسرعة".

كانت آخر جلسة علاج بالإشعاع الكيماوي لعاصف قبل شهرين من اعتقاله، وكان من المفترض أن ينهي أربع جلسات أخرى، لكن العلاج توقف مدة ستة أشهر، وأعطي في السجن لمرة واحدة فقط في شهر مارس/ آذار الماضي، وهو يعيش الإهمال الطبي في مستشفى سجن الرملة.

ناشد عبد المعطي الرفاعي كافة المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية التدخل، وهو لا يترك أي اعتصام أو فعالية للأسرى، وسط قلقه على حياة نجله، الذي وصل السرطان في جسده إلى المرحلة الخامسة، وما يطلبه الوالد هو الكشف عن وضع ابنه الصحي.

قبل نحو أسبوعين زار عبد المعطي الرفاعي ابنه عاصف في مستشفى سجن الرملة، لأول مرة، لقد كانت رحلة مؤلمة أن يرى الأب فلذة كبده في سجون الاحتلال مريضًا بمرض خطير، لكن ما يهدئ روعه أن الأسرى أخبروه بأنه يعطيهم العزيمة والأمل، وكذلك إبلاغ الأطباء له أن معنوياته وعزيمته تساعده بمواجهة السرطان!

الإهمال الطبي معاناة مستمرة

تؤثر سياسة الإهمال الطبي على الأسرى وتفاقم آلامهم ومرضهم وتصبح حياة الأسير أكثر تعقيداً من ناحية التغذية والعلاج والحياة اليومية، بينما يزداد قلق عائلاتهم عليهم. يوضح مدير نادي الأسير عبد الله الزغاري أن المطلب الأساسي الآن للحركة الأسيرة ومؤسسات رعاية الأسرى هو ضرورة الضغط على الاحتلال لإجراء الفحص الطبي للأسرى بشكل عام بصورة دورية مرة واحدة كل عام على الأقل وخاصة للأسرى من ذوي المحكوميات العالية.

ووفق الزغاري، فإن عدم التشخيص الصحيح لمرض الأسير، وعدم المتابعة اللازمة وممارسة الإهمال الطبي بحق الأسير، هو أبشع ما يواجهه الأسير، لأن ذلك يعني تفاقم المرض بجسده، وانتشاره بطريقة سريعة، وربما استشهاده بأقرب وقت.

ونهاية الأسبوع الماضي، كان الأسرى المرضى بعيادة سجن الرملة ينوون خوض إضراب عن الطعام لمدة 3 أيام، لكنهم علقوا تلك الخطوة بعد الاتفاق على تلبية مجموعة من مطالبهم، بينها السّماح لعدد من الأسرى المرضى الذين نقلوا حديثًا إلى (عيادة الرملة) باستخدام الهاتف العمومي والتواصل مع عائلاتهم، ومن بينهم الأسير عاصف الرفاعي المصاب بالسّرطان.

وتعتقل قوات الاحتلال الإسرائيلي في سجونها نحو 5 آلاف فلسطيني موزعين على 23 سجنا ومركز تحقيق، من بينهم نحو 700 أسير مريض يعانون أمراضًا مختلفة، منهم 15 أسيرًا يقيمون بشكل دائم في مستشفى سجن الرملة الذي تجري المطالبة بإغلاقه كونه لا يصلح لرعاية المرضى، بينما يوجد 23 أسيرًا منهم مصابون بأنواع مختلفة من مرض السرطان، حالتا الأسيرين وليد دقة وعاصف الرفاعي هما الأخطر بينهم، وسط إهمال طبي وعدم رعاية خاصة لمرضى السرطان.

ووصل عدد الأسرى الذين استشهدوا في سجون الاحتلال إلى 237 شهيدًا، منهم 70 استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي، ولا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثامين 13 منهم، كما استشهد عشرات الأسرى المحررين بعد الإفراج عنهم نتيجة إصابتهم ومعاناتهم من أمراض ورثوها من سجون الاحتلال.

مشاركة الخبر: الأسير الفلسطيني عاصف الرفاعي... السرطان يضاعف معاناة الاعتقال على وسائل التواصل من نيوز فور مي