أردوغان.. بين تناقض الجاليات ومساهمتها في تعايش سلمي مستدام

من الأمور المثيرة للتفكير هو تناقض بعض الجاليات المسلمة في اوروبا والتي تعيش في بيئة علمانية مطلقة، حيث يراودنا التساؤل حول سبب تناقض سلوكهم مع معتقداتهم. فمن المثير للدهشة رؤية احتفالات الجالية التركية وإقامة الولائم للاحتفال بفوز الطيب أردوغان رغم تقاربه المشؤوم مع جماعة الإخوان المسلمين، في حين أن منافسه يمثل التيار العلماني. إلا أن هذه التناقضات تعكس التحديات التي يواجهها المسلمون في بيئة متحدثة بلغة مختلفة عن قناعاتهم الدينية. تلك التناقضات تؤسس لبؤرة تنويرية دينية جديدة، تحمل في طياتها القدرة على بناء جيل مسلم في أوروبا يؤثر إيجابيًا على السلم العالمي في المستقبل.
من الملاحظ أن المساجد في أوروبا تسعى جاهدةً للتوازن بين الثقافة الغربية والأصالة الإسلامية. تعمل هذه المساجد على بناء مجتمعات متماسكة ومتعددة الثقافات، حيث يتم تعزيز القيم الإنسانية المشتركة مثل التسامح والتعايش السلمي بين المجتمعات المختلفة. إن وجود المساجد يساهم في إعادة الدين إلى جوهره الأصيل وترويض الأفكار المتطرفة التي تم تحريفها في المناهج الدينية على مر العقود.
بازدياد عدد المساجد وإحيائها في أوروبا، نرى تشكل خريطة معمارية إسلامية غنية في القرى والمدن. يمثل هذا التنوع الثقافي والديني إثراءً هائلاً وأساساً قوياً للتعايش السلمي والتفكير العقلاني في المجتمعات الأوروبية. إن المساجد تعزز الاندماج الاجتماعي وتبني جسورًا من التفاهم والتواصل بين المسلمين والمجتمعات المحلية، وهو ما سيسهم في خلق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
إن انتشار المساجد في أوروبا يشكل ظاهرةً فريدةً تحمل في طياتها تناقضات وتحديات كبيرة. ومع ذلك، يجب أن نرى فيها فرصة لإقامة تواصل بناء وحوار ثقافي يؤدي إلى تعايش سلمي وتفكير عقلاني في مجتمعاتنا. إن المساجد ليست مجرد مكان للعبادة، بل هي رمز للتعايش السلمي وترميم الهوية الإسلامية في أوروبا.

د / عيسى الشعري / الأمين العام للجالية اليمنية / هولندا

مشاركة الخبر: أردوغان.. بين تناقض الجاليات ومساهمتها في تعايش سلمي مستدام على وسائل التواصل من نيوز فور مي