ما جدوى الضربات الأمريكية البريطانية المحدودة؟!
سبتمبر نت/ منصور الغدرة
التحالف الأمريكي البريطاني قصف أكثر من 60 هدفا للمليشيا فكان ردها بقصف المواطنين في مأرب والضالع.
الضربات الجوية الأمريكية- البريطانية المحدودة، التي أعلنت أمريكا وبريطانيا إنهما نفذتها، الجمعة الـ 11 من يناير، عند الساعة 2:30 صباحًا (بتوقيت صنعاء)، كانت بدعم من أستراليا وكندا وهولندا والبحرين، واطلق خلالها أكثر من 100 صاروخ موجه من الطائرات والسفن والغواصات، على 60 هدفًا حوثيًا في (16) موقعًا ومعسكرًا، ومراكز قيادة وسيطرة ومخازن ذخيرة وأنظمة إطلاق مسيرات ومنشآت تصنيع وأنظمة رادار خاصة بالدفاع الجوي تابعة للحوثيين، في العاصمة صنعاء ومحافظات “الحديدة، حجة، ذمار، تعز، وصعدة- بحسب بيان للقوات الجوية الأمريكية.
بينما المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية- البنتاجون، قال في وقت لاحق أن عملية التقييم لنتائج الضربة ماتزال جارية، في الوقت الذي قال فيه وزير الدفاع البريطاني: شاركنا بأربع طائرات نوع تايفون هاجمت بمشاركة امريكية هدفين عسكريين للحوثيين، وفي وقت سابق للضربة بثلاث ساعات، اعلنت(شبكة السي إن إن)الاخبارية الامريكية عن ضربة امريكيا بريطانية خلال الساعات القادمة.
رد المليشيا
وإعلام مليشيا الحوثي أعلن عن 73 غارة لما سماه بالعدوان الأمريكي- البريطاني، أسفر عن مقتل 5 وجرح 6 اخرين من قواته، في الوقت الذي قال أنه أخلى المواقع من الأسلحة والأفراد التي تم تحديدها كبنك أهداف، ونقلها إلى أماكن اخرى، مؤكدا انه سيوسع هجماتهم ليشمل كل السفن والمصالح الامريكية والبريطانية التي اصبحت اهدافا مشروعة- حد قوله.
إلا أن مليشيا الحوثي وسعت هجماتها بقصف مدينة حريب- جنوب محافظة مأرب، الاحد الماضي، بطائرة مسيرة ادت إلى استشهاد واصابة 6 ستة افراد، كما أطلقت اليوم التالي (الإثنين الماضي)، من قرية ” الجعيفري” مدينة دمت بمحافظة الضالع، صاروخا إيرانيا على منطقة الجدس بجحاف في الضالع دون وقوع خسائر.
هذه التناقضات أثارت جدلا حول جدية هذه الضربات، وتأثيرها على القوة التسليحية للمليشيا الايرانية في اليمن!
المحلل العسكري فائز الدويري يقول: الحوثي تلقى انذارا بالضربة قبل 48 ساعة، خاصة من الجانب البريطاني، مستغربا أمريكا مشاركة احدى غواصاتها الموجودة في البحر الأحمر في الضربة واطلاق صواريخ، معتبرا أن مكان حروب ومعارك الغواصات عادة لا تتم الا في المحيطات وأعماق البحار الواسعة، والبحر الأحمر غير مناسب لمعركة تشارك فيها أي من الغواصات الأمريكية.
ونستقرئ جدوى ومدى حقيقة هذه الضربات الأمريكية- البريطانية، وذلك من خلال الرصد واستقراء آراء خبراء ومحللين عسكريين وسياسيين، يمنيين وعربا، فضلا عن رصد وتحليل اعلانات مواقف طرفي الأعداء الحلفاء، ومدى تناقض أقوالهم مع أفعالهم ما جعل تلك الضربات والقصف المحدود مسرحية مفضوحة ومكشوفة للقاصي قبل الداني..
واذا ما استعرضنا اعلانات منفذي الهجمات او القصف المزعوم، وردود الافعال حيالها، لكن قبل الذهاب إلى ما اثارته تلك الضربات الامريكية-البريطانية المشتركة، المحدودة، ضد اهداف تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية- ذراع إيران في اليمن- في ست محافظات تخضع لسيطرتها، لوجدنا جدلا واسعا لدى الرأي العام على المستوين المحلي والدولي وفي الأوساط السياسية والعسكرية اليمنية والعربية معظمه يؤكد أنها تأتي وفق اتفاق مسبق بين إيران وأمريكا وبريطانيا.
لكن لابد لنا أن نعرج على الخلفية التاريخية لعلاقات البلدين- بريطانيا وامريكا- مع إيران ومليشياتها في المنطقة العربية وفي مقدمتها مليشيا الحوثي الارهابية، ومشروع ايران الشيعي الصفوي التوسعي وتمكينه من السيطرة على الحكم في الدول العربية.. إذ أن لبريطانيا وأمريكا دورا كبيرا في دعم ورعاية لمشروع أيران التوسعي ومليشياتها في المنطقة العربية، طوال الاربعة العقود الماضية، بل ان بريطانيا وامريكا عملتا على بناء ووجود مليشيا الحوثي ومكنتها من السيطرة على الحكم في عدة دول عربية بما في ذلك اليمن، ووفرتا لهذه المليشيا الحماية والغطاء السياسي والعسكري لإبقائها قوية يجنبها الهزيمة والسقوط امام قوات الحكومة اليمنية، في الحرب التي تشنها هذه المليشيا على الشعب اليمني على مدى العقدين الماضيين..
فأمريكا وبريطانيا صاحبتا نظرية تلازم وتكامل المشروع الايراني الصفوي الشيعي مع المشروع الصهيوني المزروع في قلب الوطن العربي لحماية المصالح الغربية من جهة، ومن جهة أخرى العمل في زعزعة امن واستقرار المنطقة العربية من خلال ابتزاز الانظمة العربية والحكومات والشعوب العربية ونهب ثرواتهم، وبالتالي محاربة الاسلام بإسقاط الانظمة والحكومات السنية لصالح الاقلية الشيعية الحليفة للمشروع الصهيوني والحامية للمصالح الغربية في المنطقة..
تساؤلات عدة تطرحها الاحداث والتطورات الاقليمية والدولية على الساحتين العسكرية والاقتصادية، فلماذا تفرط امريكا وبريطانيا بحلفائهما التقليديين في المنطقة- كدول الخليج- وتصنعان خنجرا مسموما في خاصرتها ممثلا بالأجنحة الارهابية الشيعية وعلى رأسها جماعة الحوثي الارهابية، وما جدوى تلك الضربات الامريكية- البريطانية على صعيد القضية اليمنية.. وهل هي ضربات مؤثرة فعليا على القوة التسليحية لمليشيا الحوثي وربيبتها ايران؟
تعاطيا ناعماً
وعن هذه التساؤلات، قال المحلل العسكري اليمني، العميد الركن/ محمد عبدالله الكميم لـ”26سبتمبر”: نحن كيمنيين لا يمكن ان نغفل دور امريكا وبريطانيا في معارك اليمنيين ضد جماعة الحوثي الارهابية، مؤكدا أن الدولتين هما من اوقفتا المعارك ضد هذه المليشيا في جبهة نهم، وهما من اوقفتا معركة تحرير الحديدة، وهما الدولتان اللتان تحاولان تسليم رقاب اليمنيين للحوثي، وتحاولان فرض الحوثي كأمر واقع، وهما اللتان تتعاطيان مع الحوثي تعاطيا ناعما.
واضاف العميد الكميم: ان امريكا هي الراعي الرسمي للحوثي منذ عام 2004، فهي دائما ما تعتبره احد اسلحتها واوراقها الرابحة في المنطقة.. مشيرا إلى أن الحوثي الذي يظهر نفسه انه الوحيد الذي يقاتل القاعدة وداعش، وأمريكا تعتبر الحوثي ورقتها الرابحة في المنطقة لأنه يشكل اذى للسعودية وبالتالي تريد امريكا ان يبقى هذا الاذى موجودا..
تعلق بحرب غزة
واكد المحلل العسكري الكميم ان امريكا لا تريد انهاء الحوثي، وقال: أمريكا لا تريد دحر الحوثي على الاطلاق، حتى الآن وان كان الحوثي يشكل تهديدا لمصالح امريكا وبريطانيا- حسب قولهم- وانه يشكل لهم اذى في البحر الاحمر وتهديدا للتجارة الدولية وخط الملاحة الدولية.
واشار إلى “انه رغم اننا سبق وان حذرناهم اكثر من مرة ان الحوثي يعتبر خطرا كبيرا على خط الملاحة البحرية في البحر الاحمر، وانه خطر كبير على المنطقة وعلى مصالح العالم في المنطقة، ولكن البريطانيين والامريكيين تجاهلوا كل تلك التحذيرات”.
وتابع قائلا: “اليوم تعاظمت قوات الحوثي التدميرية، طبعا الحوثي في الاخير مشروع ايراني، فاستغل حرب الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة وتعلق بهذه الحرب لغرض ايذاء العالم وإظهار نفوذ ايران في المنطقة من خلال تهديده لخط الملاحة البحرية في البحر الاحمر”..
واضاف” كل هذا حذرنا منه مرارا، غير أن امريكا وبريطانيا تجاهلته تماما أو انهما تغاضتا وتعاطتا مع الحوثي تعاطيا ناعما”.
واكد” انه حتى اليوم ومع هذه الضربات البريطانية- الامريكية، التي افتقدت لعنصر المفاجئة وعنصر المباغتة، والتي جاءت بعد أن تم ارسال تنبيهات وتحذيرات بقدوم هذه الضربات، واماكن القصف وبنك الاهداف وتوقيت القصف”..
وقال: “هذه الضربات تعتبر فضيحة كبرى لأمريكا وبريطانيا، واظهرتهما بمظهر المتخبط الذي لا يدرك ولا يفهم خطر هذه الجماعة التي لا يقل خطرها عن خطر القاعدة وداعش.. ولكن بريطانيا وامريكا متساهلا مع هذه الجماعة الخطيرة المليشاوية الإرهابية، وهما اليوم- امريكا وبريطانيا- تجني ثمار هذه التعاطيات المؤذية التي يمارسها الحوثيون ضد الشعب اليمني.
واضاف: أن امريكا وبريطانيا تجاهلتا معاناة الشعب اليمني وتجاهلتا نضالات اليمنيين وتريدان أن تفرضا الحوثي أمرا واقعا..
وأكد” اليوم امريكا وبريطانيا عسكرتا البحر الاحمر و تستخدمان صواريخ بذريعة حماية مصالحهما القومية، وبالتالي استطاعتا من استخدام الحوثي في حرف الانظار عن ما يجري في قطاع غزة من حرب ابادة للشعب الفلسطيني من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي”.
وأشار المحلل العسكري الكميم، إلى أنه إذا ما حسب حجم الانفاق على حماية أمن البحر الاحمر والضربات التي تمت حتى الآن، لكانت قادرة على توفر ذخيرة كافية للقوات المسلحة اليمنية لمقاتلة الحوثي لفترة، لكن هذا هو ما يريدوه البريطانيون والامريكيون الذين لا يريدون القضاء على الحوثي، وما يريدونه فقط قرصة اذن الأب لولده، أو انها- الضربات الامريكية-البريطانية- رسالة الأب لابنه العاصي، وليست ضربات تؤدي إلى هدف او نتيجة على الاطلاق.
وعن مدى تأثير هذه الضربات، قال الكميم: “بالنسبة لمدى تأثير هذه الضربات على قدرات الحوثي وقواته، فالحوثي ينتظر مثل هذه الضربات منذ زمن بعيد، فاليوم الحوثي يقول لليمنيين وللعالم العربي، انا في مواجهة مباشرة مع امريكا وبريطانيا واسرائيل”.
واكد أن هذه المواجهة هي التي تمناها الحوثي والتي حصل عليها محققا هدفه وامنيته، ستقوي موقفه داخل اليمن ولدى بعض الشارع العربي، وستجعله يتهرب من استحقاقات السلام التي كنا على وشك التوقيع عليها والذي كان الحوثي يرفضه، وايضا هذه الضربات ستخفف عنه الضغط الشعبي الذي كان يواجهه في المناطق الخاضعة لسيطرته..
الحوثي يتهرب من استحقاقات السلام
واضاف: “يعني الضربات الامريكية- البريطانية ساعدت مليشيا الحوثي في ترحيل مشاكل الداخل اليمني، وليس لتلك الضربات المزعومة اي اثر لا عسكري ولا استراتيجي، فلا افعال الحوثي-كما يدعي انه ما يمارسه من اعمال قرصنة في البحر الاحمر- هي لنصرة غزة، فلا نفعت أبناء غزة، ولا أضرت اسرائيل، وإنما أضرت اليمنيين..
واشار إلى أن الحوثي اليوم سيتهرب من استحقاقات السلام وسيتهرب من حقوق اليمنيين وسيتهرب من دفع المرتبات، وسيخف الضغط الشعبي عليه، يعني في الاخير هذه الضربة، كان الحوثي يتمناها كثيرا وحلم بها، وامريكا وبريطانيا حققتا له هذا الحلم، كجزء من دعمهما والرعاية المستمرة للحوثي منذ عقود طويلة ماضية..
وفيما يخص التخادم الامريكي البريطاني الايراني، اكد العميد الركن الكميم، أن هذه الضربة الامريكية والبريطانية، ساعدتا الحوثي الذي اصبح يقدم نفسه للشارع العربي والاسلامي كمشروع مقاومة اسلامية للمشروع الصهيوني الامريكي..
وقال: ان “هذا التخبط الامريكي- البريطاني واضح جدا، فهم يقدمون خدمات جليلة للمشروع الايراني ومليشياته في المنطقة، والحوثي جزء من مليشيا ايران”.
واشار إلى أن التخادم الامريكي الايراني اعتقد انه شبه واضح ومعروف ولم يعد خافيا على احد.
وقال: إذا ما عدنا إلى كل الضربات الامريكية التي استهدفت الدول والانظمة المخالفة لإيران ومشروعها الشيعي، على سبيل المثال لا الحصر، الضربات التي نفذتها لإسقاط النظام العراقي بقيادة الرئيس صدام حسين، واحتلال العراق وتسليمه للمشروع الشيعي الايراني، وكذا النظام الليبي بقيادة الرئيس معمر القذافي، وهناك امثلة كثيرة للضربات الامريكية البريطانية في اسقاط الانظمة العربية وتدمير الدول السنية وتسليمها لايران الراعية للمشروع الشيعي كسوريا ولبنان واليمن ومحاولتهما في تسليم افغانستان وباكستان لكنهما فشلتا في افغانستان.. لكن محاولتهما مستمرة وستعاودان من تلك المحاولات عند تفرغهما من خطتهما في المنطقة العربية.
ولفت إلى أنه “يمكن لأي متابع العودة إلى تلك الزعامات والقيادات العربية ذات التوجه السني التي تم القضاء عليها من قبل امريكا وبريطانيا خدمة لهيمنة وتوسع المشروع الشيعي الصفوي الفارسي في المنطقة العربية، وبالتزامن كيف قضوا على قيادات التنظيمات الارهابية مثل القاعدة وداعش كتصفيتها لأسامة بلادن والبغدادي وغيرهما..
واضاف” قد قضوا ومازالوا على قيادات تنظيمي القاعدة وداعش بسهولة ويسر، رغم ان قيادات هذه التنظيمات الارهابية كانت من صناعاتها لكن عندما انتهت من تأدية المهمة المكلفة بها تخلصت منها وتم القضاء عليها لتصنع تنظيمات ارهابية أخرى تنحدر من الدين الشيعي الذي يدعون انه هو الاسلام الحقيقي”.
حربهم على السنة
واكد ان امريكا وبريطانيا متى ما ارادتا ان تشن حربا حقيقية وصادقة ضد عدو معين او مفترض، فهم يشنون حربا حقيقية وصادقة بالفعل، لكن حربهما الحقيقية نجدها كلها تشن على الجماعات والكتل ذات الاغلبية السنية.
واضاف: “إذ تحشد امريكا كل الطاقات والامكانيات والوسائل لتدمير التجمعات والكتل ذات التوجه السني- سواء كان دول او جماعات- فالعراق وليبيا واليمن، هذه كلها دول سنية قوية في التصدي للمشروع الصفوي الشيعي، لكن الآن كيف صار وضع هذه الدول بعد ان عملت بريطانيا وامريكا على تدميرها تدميرا كاملا، وبنفس الطريقة قضوا على التنظيمات الارهابية مثل القاعدة وداعش ويحاربونها ليل نهار، لكن في ما يتعلق بإيران ومليشياتها، كحزب الله في لبنان وسوريا والحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن، لا تحاربهم امريكا وبريطانيا وانما على العكس من ذلك تحاربان معهم وتساعدانهم في التوسع من سيطرتهم، فلبنان وسوريا سلموها لشيعة ايران، ونفس الشيء سلموا العراق لإيران والشيعة، وقس على ذلك الامور في كل بلدان المنطقة..
وأكد الكميم في ختام حديثه، بأن التخادم الامريكي- الايراني واضح بأنه يتجه لتسليم المنطقة والحكم في المنطقة للأقلية الشيعية في المنطقة لأنها تمثل مصالحهم وتخدم مصالحهم، ويعتبرون السنة الخطر الكبير عليهم.. وهذه هي المشكلة التي تواجهها امريكا بأنها تتعاطى بخبث شديد مع المنطقة، ولذلك ابقائهما للحوثي في خاصرة الجزيرة العربية هو إبقاء مقصود ولأهداف مقصودة.
المحلل السياسي العراقي، الدكتور عادل الاشرم، يتفق مع العميد الكميم، في التشكيك بجدية وحقيقة الضربات الامريكية البريطانية لمواقع واهداف حوثية في اليمن، واصفا تلك الضربات بالفضيحة، مشبها هذه الضربات المزعومة بمسرحية تلك الضربات التي تزعم تنفيذها أيران ضد المصالح الامريكية بدعوى أنها تأتي ردا على الاغتيالات الامريكية للمسؤولين الايرانيين واستهداف مصالحها داخل ايران أو خارجها.
وتساءل الدكتور الاشرم في قناته “البصمة الحمراء” على منصة اليوتيوب بقوله: ألا يذكركم هذا القصف بالقصف الايراني على المصالح الامريكية تحت دعوى أن ايران قامت بالرد على اغتيال مسؤولين لها أو استهداف مصالحها داخل إيران أو خارجها، فإذا بالرد صفر على الورق، وأنه لا يؤثر إطلاقا ولا واحد بالمائة في الجهة أو الاماكن المستهدفة، وأن الغاية منها هي الغاية الاعلامية وتوظيف اعلامي للأنصار والاتباع، ولمن يصفق لإيران ومشروعها، وعلى أنها ردت على الضربات الامريكية، حيث يجري التهويل إعلاميا وخلف الكواليس الكل يعلم أنه غير ذي جدوى ولا يرقى إلى مستوى الرد حتى تتكشف الأمور أكثر ليجد ان هناك اتفاقا اساسا حتى في هذا الصفر على الورق أو الصفر على الشمال في التأثير على أنه جرى ايضا بالتوافق مع امريكا، وذلك من خلال تلك الاحداث الني كشف عنها الرئيس الامريكي السابق ترامب، من خلال ما ادعت إيران على أنه رد باتجاه امريكا إلا خير دليل ومثال حي، قالها ترامب بصريح العبارة على أن الرد الذي تم من خلال صواريخ استهدفت ما أعلن عنه على انه قواعد امريكية كانت في الصحراء، وجرى التوافق مع امريكا وإخبار امريكا في هذا، انما هو فقط لذر الرماد في العيون للمحافظة على ماء الوجه.
واضاف الدكتور الاشرم: “القصف الامريكي البريطاني، اليوم بذاك القصف الذي ادعت إيران انها نفذته ضد القواعد الامريكية، وحوادث مشابهة كثيرة تتم في حالة التوافق الأمريكي البريطاني مع الايراني من جهة أخرى، نفس المنوال ونفس النموذج ونفس الطريقة”.. مؤكدا “وها هي امريكا وبريطانيا تبلغ الحوثي قبل وقوع القصف أو ما قالت عنه قصف يشمل العديد من المواقع وبنك الاهداف المحددة سلفا، وما ادعت على أنه يمثل ضربة محدودة، وكأنهما يقولان للحوثي هناك خطوط حمراء لا يجب تجاوزها”.
واشار الاشرم، إلى الضربة لم تكن ضربة بمعنى الضربة، وانما هي قرصة اذن فقط، لافتا إلى أن الامريكيين والبريطانيين ارادوا أن يقولوا للحوثي، “فلا يجب أن تذهب بعيدا أكثر من المسموح لك ضمن المستويات المعمولة، سيما وأن امريكا وبريطانيا والغرب هما من حمى الحوثي الذي يمثل الآن ظاهرة إرهاب حقيقية اساسا انعكاسها السلبي في اتجاه الشعب اليمني لا باتجاهات اخرى”.
هم من دعموا الحوثي
واكد أنهم- اي الامريكان والبريطانيون والغرب، هم من دعموا الحوثي وتهوراته واستهتاره، وهم من عملوا على تمكين الحوثي من الشعب اليمني المغلوب على امره، وإدخاله في حروب وصراعات وفقر، وهم من اوجدوا الحوثي في هذا المكان الاستراتيجي الحيوي من العالم”.
وتابع قائلا: “والآن من خلال هذه الضربات تأكدوا ان الهدف سيكون الشعب اليمني والاستقرار العالمي بعكس ما ان كانت هناك نية حقيقية في مواجهة من يريد ان يحدث خللا في الاستقرار العالمي وطرق الملاحة البحرية- أي بمعنى أنهم لا يريدون استهداف الحوثي وهم يقولون بصريح العبارة لا نريد اضعاف الحوثي، ولا نريد استهداف الحوثي بالصورة المباشرة، وإنما تقليم اظافر على الطريقة الاسرائيلية في التعامل مع مليشيا ايران في سوريا وفي كل محاور ايران في أكثر من مكان، فهو تقليم اظافر ضمن مستوى معين، يقولون للحوثيين: لديكم مستوى فنحن من مكنكم ولولانا لما بقيتم، ولكن لكم مستوى لا تتجاوزونه، وإن تجاوزتموه سنعيدكم إلى ما تحت المستوى وإلى الدرجة التي لا تسمح لكم ان تتمردوا عن هذا المستوى..
ضربات وقائية
“البريطانيون والامريكان يتعاملون الآن على نفس الطريقة، فهم من روج على ان هناك عمليات عسكرية، وأن هناك قصفا، ولكن هم يقولون للحوثي: اطمئن لن يشملك ولا يمسك القصف إلى الدرجة التي تضعفك وتصبح فريسة سهلة للشعب اليمني ليتخلص منك”..
يقولون ضربات محدودة.. ضربات وقائية.. ضربات دفاعا عن النفس، ضربات احتوائية لا ضربات اضعاف مباشر لهذه البنية الارهابية، وهذه القاعدة الإيرانية وهم بأنفسهم يقولون أن ايران مسؤولة مسؤولية مباشرة عن ما يجري من قبل الحوثي في نفس اللحظة يتغاضون عن معاقبة المسؤول المباشر عن ذلك، بل ويقولون بصريح العبارة: على انه مسؤول، انظروا إلى التناقض الدولي وإلى المواقف المنافقة الكذابة المخادعة التي هي اساس الابتزاز واساس التخادم المصلحي حتى وان اختلفوا ضمن البعد التنافسي داخل محورهم فتجدهم يتعاملون ضمن زوايا محددة لا تسمح بأن تضعف طرفا يريدونه أن يبقى على منوال وعلى ورق. يستخدمونه للأضرار بالبلدان التي وقعت تحت جور وظلم وفتنة هؤلاء، فيأتي الرد مسبقا ويقولون أنهم يستهدفون اماكن محددة، وهذه الاماكن المستهدفة هي معسكرات غالبيتها معسكرات مهجورة، وان كان فيها عناصر من الحوثي قد أخلوها بناء على معلومات توفرت بأن الضربات ستكون بعد ساعتين إلى ثلاث ساعات..
وقال: “أنا متأكد أنهم ابلغوهم بساعة الصفر وحددوا لهم الاماكن المستهدفة، وحتى اكدوا لهم بأن تأثير الضربات لا يرتقي إلى مستوى أن يكون مدمرا أو مؤثرا إلى الدرجة التي يضعف الحوثي، وانما فقط كالاتفاق التي كانت إيران تجريه من وراء الكواليس لكي ترد، فهم الآن يتفقون مع الحوثي ومع إيران على نفس المنوال وبطريقة معاكسة، بقصف اماكن يمين يسار سنحددها لك فقط لن يكون هناك تأثير عليك بالمستوى المباشر، ولكن استثمرها اعلاميا وقول: إنني اواجه حربا من بريطانيا وامريكا حتى تكسب لك انصار في الداخل، وترد ايضا على من يتهمك ويتهم اذناب ايران على انها متخاذلة ومخادعة لا هدفها نصرة غزة ولا مهاجمة اسرائيل ومصالح اسرائيل في البحر الاحمر والمنطقة- كما تدعي، وانما لها حسابات وتوجهات بناء على المركزية الايرانية.
وتابع المحلل السياسي العراقي، الدكتور عادل الاشرم، في تفنيد وفضح مسرحية تلك الضربات المزعومة، بالقول: هذه هي اللعبة، وهذه الاذناب وهذه الحركات ما كان لها أن توجد لولا دعم امريكا وبريطانيا، الحوثي كلما يضيق عليه الخناق وكلما اوشكت قوات الشرعية اليمنية، ذات الغالبية المؤثرة في اليمن، على هزيمة الحوثي في الحرب الدائرة منذ اكثر من عقد، تسارع امريكا وبريطانيا إلى نجدته وانقاذه والتدخل في ايقاف الحرب.
منعوا سقوط الحوثي
ومثلما افتتح الدكتور الاشرم حديثه بالتساؤلات الاستغرابية، ختمه ايضا، بالتساؤلات الاستغرابية عن الدعم الامريكي البريطاني للحوثي في الحرب التي يشنها حاليا ضد الشعب اليمني، قائلا: من الذي أنقذ الحوثي ومنع سقوطه امام قوات الحكومة اليمنية في كل المناطق الحيوية التي تشكل للحوثي مصدر قوة وتحريرها يمثل عامل سقوط للحوثي في اليمن والمنطقة.. فمن الذي منع القوات الحكومية من تحرير محافظة ومدينة الحديدة وموانئها، أليست بريطانيا وامريكا، من اوقفتا معركة تحرير الحديدة بحجة مزاعم انسانية واهية، ومن الذي انقذ الحوثي عندما صارت القوات المناوئة له على تخوم ومشارف العاصمة صنعاء، ومن الذي رفع الحوثي من قائمة الإرهاب الامريكية، ومنع ادراجه في قائمة الارهاب الدولية؟! أليست امريكا ممثلة بإدارة بايدن التي رفعته من القائمة بعد اشهر من ادراجه من قبل ادارة سلفه ترامب في القائمة..
نخلص من قراءة الاحداث والتطورات، ان الجميع يدرك تماما ان اليمنيين ومعهم غالبية العالم العربي، بأن إيران ومليشياتها في اليمن وبقية الدول العربية، مجرد أدوات وحارس للمصالح الامريكية والغربية في المنطقة، وان هذا الاخير يعمل ليل نهار على حمايتها وابقائها قوية، وأن مليشيا الحوثي افتعلت التصعيد العسكري في البحر الاحمر ومضيق باب المندب بإيعاز من امريكا وبريطانيا، لصرف الانظار عن حرب الابادة التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فضلا إلى عسكرة البحر الاحمر والبحر العربي من خلال خلق الذريعة والشرعنة واستدعاء البارجات والسفن الحربية إلى المنطقة وفي نفس الوقت خنق وعسكرة مضيق باب المندب للإضرار بقناة السويس كنوع من الضغط على القيادة المصرية لإخضاعها للقبول بمخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتوطينهم في سيناء، والرضوخ للقرار البريطاني الامريكي تصفية القضية الفلسطينية نهائيا، والذي اعلنت عنه صراحة الكيان المحتل واكدته الادارتان الامريكية والبريطانية وايدته بعض مراكز ودوائر صنع القرار في الدول الغربية، وثالثا، قطع مشروع الطريق التجاري الصيني- طريق الحرير.
ورغم كل المعطيات التي تكفي لأن تجعل تعامل وحزم وجدية ما تقوله امريكا وبريطانية تجاه إيران ومليشياتها بالمنطقة، وتأتي جماعة الحوثي في مقدمتها، أفقدت امريكا مصداقيتها، وتضع كل تحركاتهما للقضاء على إيران وادواتها أو على الأقل الحد من نفوذها في دائرة الشك، ومستبعدة تماما، لذلك يرى عامة اليمنيين، وخبراء السياسة والمحللون العسكريون اليمنيون والاقليميون والمتابعون العرب للشأن اليمني والعربي، عدمية تلك الضربات المعلن عنها، وغير جادة، ومشكوك في حقيقتها..
ما يريده اليمنيون
إلا أن الشعب اليمني ينظر إلى هذه الضربات بالعدمية، وأنها تزيد من الآم ومعاناته، كونها تستهدف المدن والبنى التحتية لليمنيين، فما يتطلع إليه اليمنيون من بريطانيا وامريكا، قادتا المجتمع الدولي، ليس المزيد من ضربات الإلام، ولا المزيد من الحصار، والجوع والفقر، وانما ما يريدونه منهما، ان كانتا بالفعل تريدان اثبات عداوتهما مع ايران ومليشياتها في المنطقة بما في ذلك الحوثيين، فالأولى بأمريكا وبريطانيا، القيام بثلاث خطوات اجرائية حقيقية وفعلية، وليست شكلية، الاولى: اعادة ادراج ايران ومليشياتها وعلى رأسها الحوثيين، في قائمة الارهاب الدولي ويتم التعامل معها على هذا الاساس، والبدء باستهداف قيادتها كما تفعل مع قيادة التنظيمات الارهابية الاخرى كالقاعدة وداعش وغيرها..
الخطوة الثانية: قطع الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي المباشر وغير المباشر، وتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي الخاص بحظر تصدير السلاح لإيران ومليشياتها في المنطقة وعلى رأسها مليشيا الحوثي، والثالثة: على امريكا وبريطانيا تقديم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي لقوات الشرعية اليمنية بتحرير محافظتي الحديدة وحجة، وموانئهما وكامل ساحل البحر الاحمر ان كانت الغاية فعلا تأمين خطوط التجارية العالمية في البحر الاحمر وخليج عدن!
ظهرت المقالة ما جدوى الضربات الأمريكية البريطانية المحدودة؟! أولاً على سبتمبر نت.مشاركة الخبر: ما جدوى الضربات الأمريكية البريطانية المحدودة؟! على وسائل التواصل من نيوز فور مي