"ذاكرة الزعتر والزيتون": المبطخ الفلسطيني في مواجهة السرقة والطمس
ضمن سلسلة "سقط القناع عن القناع"، التي تُنظّمها "مكتبة تكوين"، بالتعاون مع "حركة BDS حرّية عدالة ومساواة"، استضاف مسرح "منصّة الفن المُعاصر" (كاب) في الكويت العاصمة، أمس الأربعاء، الشيف الفلسطينية سوسن دعنا في ندوة تحت عنوان "ذاكرة الزيتون والزعتر: مقاومة المطبخ الفلسطيني للسرقة التاريخية"، تحدّثت خلالها عن ثقافة وهوية المطبخ الفلسطيني، ومقاومته لمُحاولات سرقة التراث وطمسه من قِبل الاحتلال الإسرائيلي.
أشارت دعنا، في الندوة، إلى مكانة الزيتون في ثقافة فلسطين وتاريخها؛ فأشجارُه المعمّرة، والتي تتحمّل أقسى الظروف المناخية، ترمز إلى الصمود والسلام في آن، وبوصفها ثاني مصدر اقتصادي، لطالما كانت مُعيناً للفلسطينيّين في مواجهة الظروف الاقتصادية والسياسية التي يفرضها الاحتلال الذي يعمد إلى اقتلاع أشجار الزيتون بهدف التضييق على الفلسطينيّين.
أمّا الزعتر الذي تصفه دعنا بـ"الذهب الأخضر" في فلسطين، فتقول إنّه لا يقلّ أهمّية عن الزيتون في الثقافة الفلسطينية. هذه النبتة، المُعمّرة أيضاً، هي رمزٌ فلسطيني آخر ومصدر رزق ودخل لكثير من الفلسطينيّين؛ حيث تُعدّ زراعتها عملاً غير مجهد ومُربح. ومن هنا نفهم، حسب المُحاضِرة، استهداف المحتلّ الإسرائيلي لهذه النبتة وتجريمه قطفها؛ حتى أنّه رفع العشرات من الدعاوى القضائية ضدّ فلسطينيّين؛ والتهمة: "حيازة الزعتر".
تدخل هذه الممارَسات، كما تُضيف دعنا ضمن استهداف الصهاينة لمصادر رزق الشعب الفلسطيني، وأيضاً ضمن محاولاته تفكيك العلاقة بين الفلسطيني وأرضه. لا يتوقّف الأمر عند ذلك، بل يُحاول الاحتلال، أيضاً، سرقة هذه النبتة المُرتبطة بتراث فلسطين والشام، ونسبها إلى نفسه، من خلال الادّعاء بأنّها "نبتة إسرائيلية".
تؤكّد دعنا أنّ المطبخ الفلسطيني يُمثّل تراكُماً حضارياً وإرثاً ثقافياً وتاريخياً وجغرافياً، ويعكس جذور أهل الأرض الأصليين؛ حيث تمتدّ أصوله إلى الفلسطينيّين الكنعانيّين قبل أكثر من أربعة آلاف عام، والذين استخدموا ورق الغار وحبوب البهارات والبهارات الصحيحة للغلي مع طبق اللحم لإزالة رائحتها، وإضفاء نكهة أفضل عليها، كما عرفوا الكمّون والكزبرة وغيرهما من البهارات.
وتطرّقت دعنا أيضاً إلى تأثّر المطبخ الفلسطيني بالبيئات المختلفة في فلسطين؛ والتي تتنوّع بين ساحلية وصحراوية، وتتضمّن سهولاً وودياناً وجبالاً ومناطق زراعية، وكلّها مناطق غنّية بالنباتات والزهور. وهكذا، فإنّ كلّ بيئة تتميّز بأطباق خاصّة بها؛ فسكّان المناطق الساحلية، مثلاً، يهتمّون بأطباق البحريات والأسماك، وسكّان المناطق الصحراوية لهم أطباقهم الغنّية باللحوم. كما أنّ لكلّ منطقة أطباقها التي تشتهر بها؛ فالخليل، مثلاً، تشتهر المقلوبة، والقدس المحتلّة بكحك القدس بالسمسم، وغزّة بالبصارة.
كما أشارت إلى تأثّر المطبخ الفلسطيني بثلاث ثقافات: العربية والفارسية والتركية. فير أنّه حقّق هويته الخاصّة اعتماداً على بيئته الغنّية. وفي هذا السياق، تذكر أنّ الفلسطينيّين لا يستخدمون المعلّبات أو المثّلجات بسبب غنى الأرض بالفواكه والخضروات والبهارات.
ودعت سوسن دعنا إلى تسجيل الأكلات الفلسطينية وعناصر المطبخ الفلسطيني في "يونسكو"، مشيرةً إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي يعمد إلى تسجيلها باسمه، كما يفتتح الإسرائيليون مطاعم في أوروبا تقدّم الأكلات الفلسطينية والشامية على أنّها "تراث إسرائيلي"، في محاولة لتهويدها بهدف اختلاق هوية مزيّفة.
تستشهد المًحاضرة، هنا، ببرتقال يافا؛ أحد أجود أنواع البرتقال في العالَم، والذي يستولى عليه الاحتلال ويمنع المزارعين من زراعته، وأكثر من ذلك يقوم بتصديره باسمه، إضافةً إلى العديد من النباتات والأعشاب الفلسطينية التي يفرض إجراءات عقابية ضدّ الفلسطينيّين الذين يزرعونها، ويُطلق النار عليهم، ويصادر محاصيلهم وأراضيهم، ويفرض غرامات مالية باهظة عليهم. الحجّة في كلّ هذه الممارسات هي "حماية الطبيعة والمحافظة على البيئة"، غير الاحتلال يقوم بزراعة تلك المنتجات ويسجّلها باسمها ويصدّرها إلى الخارج تحت علاماته التجارية.
مشاركة الخبر: "ذاكرة الزعتر والزيتون": المبطخ الفلسطيني في مواجهة السرقة والطمس على وسائل التواصل من نيوز فور مي