جامعات أميركا وإسرائيل... أعلى درجات الشراكة
يحمل طلاب الجامعات الأميركية المحتجين مطالب عدة، أبرزها سحب استثمارات جامعاتهم من إسرائيل، وإنهاء برامج التعليم المتبادل.
تحوّل عدد من الجامعات الأميركية إلى مراكز للاحتجاج على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث يرفع الطلاب أصواتهم مطالبين بضرورة إنهاء الشراكات والاستثمارات لجامعاتهم مع الجانب الإسرائيلي، وإنهاء برامج التعليم المتبادل، ودعم المقاطعة. وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرئيلية، يلتحق الطلاب الإسرائيليون بالجامعات الأميركية من خلال برامج تعليمية عدة ومنح مشتركة بين الجانبين. وفي العام الدراسي 2021 ـ 2022، بلغ عدد الطلاب الإسرائيليين الذين يتلقون تعليمهم الجامعي في الولايات المتحدة حوالى 2027، بزيادة 10 في المائة عن العام الدراسي الذي سبقه. ويعود السبب في إقبال الإسرائيليين على تلقي تعليمهم في الولايات المتحدة إلى الرعاية المقدمة من السلطات الأميركية، إذ ترعى سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل مجموعة متنوعة من برامج التبادل بالتعاون مع مكتب الشؤون التعليمية والثقافية التابع لوزارة الخارجية الأميركية (ECA). وتغطي هذه البرامج والمنح الدراسية مجموعة واسعة من التخصصات، منها الاتصالات والصحافة والقانون وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والعلوم والتكنولوجيا وتعليم اللغة الإنكليزية وغيرها.
هذه البرامج يرفضها اليوم الطلاب المحتجون في الجامعات الأميركية، تضاف إليها قائمة واسعة من المطالب الداعمة لوقف جميع أشكال العلاقات مع إسرائيل.
جامعة كولومبيا
ليست الاحتجاجات التي تشهدها جامعة كولومبيا جديدة بالنسبة إليها، وخصوصاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. فللجامعة تاريخ طويل من النشاط الطلابي من أجل فلسطين بدأ منذ عام 1948. وبحسب إذاعة صوت أميركا، يعود النشاط الطلابي الأميركي من أجل فلسطين إلى ما قبل النكبة بعد تدمير القرى على يد المليشيات الصهيونية، واتسع مع وصول العديد من الطلاب العرب إلى جامعة كولومبيا. يرفع الطلاب عادة شعارات تطالب بالمقاطعة. ومن أبرز المطالب الحالية، بحسب موقع أكسيوس الأميركي، قطع العلاقات مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، إذ إن للجامعة تاريخاً طويلاً في التعامل مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية. عام 2019، وقّعت جامعة تل أبيب وكولومبيا اتفاقية تتعلق بافتتاح برنامج "الدرجة المزدوجة"، الذي يتيح للطلاب في إسرائيل الدراسة لمدة عامين في الجامعة الأم تل أبيب ثم الانتقال إلى جامعة كولومبيا. وهناك اتفاقية موقعة بين مراكز كولومبيا العالمية وجامعة تل أبيب بهدف التبادل الطلابي.
من جهة أخرى، وبحسب موقع جامعة كولومبيا، وُقِّع اتفاق بين كلية الطب في جامعة بن غوريون وكلية فاغيلوس للأطباء والجراحين بجامعة كولومبيا، لتوفير التعاون المشترك في برامج الأبحاث الخاصة بالصحة العامة، بالإضافة إلى تنظيم دورات صيفية مشتركة لطلاب السنوات الأولى.
جامعة هارفرد
الاحتجاجات التي تشهدها جامعة هارفرد ليست جديدة أيضاً. ففي فبراير/ شباط 2024، نظّم الطلاب تظاهرة طالبوا خلالها بمقاطعة البرامج التعليمية المشتركة بين الجانبين، كنوع من أنواع المقاطعة والرد على الحرب الإسرائيلية. ونظمت كليتا الحقوق والطب احتجاجين لقطع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية، وتحديداً في ما يتعلق ببرامج التبادل الطلابي بحسب ما جاء في صحيفة الجامعة "هارفارد كريمسون". ووفق جامعة تل أبيب، وُقّعت اتفاقيات خلال السنوات الماضية لتوسيع دائرة التبادل الطلابي مع 19 جامعة أميركية، وخصوصاً في ما يتعلق بالقانون والطب. وعام 2023، تعززت العلاقات بين إدارتي جامعة هارفرد وجامعة تل أبيب، واتفق على تعزيز التعاون في مجال الأبحاث والدراسات، وذلك بعد زيارة قام بها وفد من إدارة جامعة هارفرد لإسرائيل، كما ذكرت صحف إسرائيلية. وفي الاحتجاجات الحالية، يطالب المحتجون الإدارة بالكشف عن أي استثمارات في إسرائيل وسحبها. كذلك دعت "مجموعة هارفارد خارج فلسطين المحتلة" الجامعة إلى "إعادة استثمار الموارد في المبادرات الأكاديمية والمجتمعات والثقافة الفلسطينية".
جامعة برينستون
النضال من أجل الفلسطينيين وقطع العلاقات مع إسرائيل وسحب الاستثمارات والتعاون الأكاديمي المشترك، عنوان أساسي لطلاب الجامعة منذ أشهر. ففي مارس/ آذار 2024، وقّع 683 طالباً وكوادر تعليمية على عريضة تطالب الجامعة بسحب استثماراتها من إسرائيل. وانطلقت مبادرة "سحب الفصل العنصري الإسرائيلي" (PIAD) في جامعة برينستون في أواخر الخريف الماضي من خلال مسيرة وعريضة تحث الجامعة على "عدم المشاركة في كل من المذبحة المستمرة في غزة والتنفيذ المستمر لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي". ووقّعت جامعة بن غوريون الإسرائيلية، وتحديداً كلية الطلب الدولية، اتفاقاً مع الجامعة يتم بموجبه التعاون في مجال الأبحاث الطبية لطلاب السنوات الأولى. كذلك توجد برامج تعليمية مشتركة عن بعد لتبادل الحصص التعليمية بين كليات الطلب المشتركة، فضلاً عن افتتاح جامعة بن غوريون مركزاً تابعاً لها في الجامعة لتفعيل التبادل الطلابي المشترك.
جامعة ييل
على الرغم من المذابح في الأراضي الفلسطينية، والاحتجاجات التي شهدتها الجامعات منذ الخريف الماضي، إلا أن فريقاً علمياً من جامعة ييل الأميركية سافر إلى إسرائيل خلال شهر إبريل/ نيسان، لتعزيز التعاون الأكاديمي المشترك، بحسب ما أظهرته بيانات موقع جامعة ييل الأميركية. هذه الزيارة والاتفاقيات تعتبر موضع رفض بالنسبة إلى المحتجين منذ أكثر من أسبوع. وبحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية، يُطالب المحتجون بالمقاطعة الأكاديمية للجامعات الإسرائيلية وتوقيف تمويل الأبحاث الخاصة ببرمجيات وآليات وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تساعد في قتل الفلسطينيين. وترتبط جامعة ييل الأميركية مع أخرى إسرائيلية ببرامج تعليمية مشتركة، أهمها منحة Fox International Fellowship، ويمكن لطلاب الدراسات العليا في جامعة تل أبيب المشاركة في برنامج التبادل التعليمي لمرحلة الدكتوراه وما بعد الدكتوراه. وبحسب بيانات الجامعة، فإن ما لا يقل عن 20 إلى 30 طالباً من تل أبيب يفوزون سنوياً بهذه الفرصة.
جامعة جنوب كاليفورنيا
على غرار غيرها من الجامعات الأميركية، توفر الجامعة منحاً لطلاب إسرائيل بما لا يقل عن 100 منحة سنوياً لطلاب جامعة تل أبيب وحدها. وتنظم مع جامعة تل أبيب سلسلة من المؤتمرات وورش العمل المشتركة، وتحديداً مع مركز UCLA Y&S Nazarian للدراسات الإسرائيلية وغيره. هذه العلاقات المشتركة بين الجانبين ليست محل ترحيب من قبل المحتجين. وبحسب موقع أكسيوس الأميركي، فإن المجوعة الطلابية حددت قائمة من ستة مطالب، من ضمنها العفو الكامل عن الطلاب والموظفين وأعضاء هيئة التدريس، والعمل على إنهاء برامج الدراسة المشتركة مع إسرائيل، وقطع العلاقات الأكاديمية والبحثية مع الجامعات الإسرائيلية.
جامعة تكساس
العلاقات التعليمية بين جامعة تكساس ونظرائها في إسرائيل متنوعة، إلا أن أبرزها برامج التبادل مع جامعة تل أبيب وتوقيع جامعة حيفا وتكساس اتفاقاً للعمل في مراكز بحثية مشتركة، وخصوصاً بالنسبة إلى طلاب الدكتوراه لثقل مهارتهم بالخبرات العملية. ويطالب المحتجون بحسب صحيفة دالاس الأميركية، بضرورة إلغاء البرامج التعليمية المشتركة كجزء من المقاطعة. إلا أن المطلب الأبرز حالياً يتركز في سحب الاستثمارات من الشركات الداعمة لإسرائيل، وتحديداً الشراكات مع المختبرات العسكرية وشركات الدفاع. ويقول الطلاب إن شركات لوكهيد مارتن وبوينغ ونورثروب غرومان ورايثيون وجميع الشركات المدرجة في صندوق الجامعة الدائمة لنظام 2023 لجامعة تكساس، ساعدت في تسليح دولة إسرائيل. وكانت مجموعات مثل طلاب من أجل العدالة في فلسطين قد دعت الجامعة في السابق إلى سحب استثماراتها من الشركات الداعمة لإسرائيل.
جامعة ميشيغن
سنوياً، تقوم جامعتا ميشيغن وتل أبيب بدورات مشتركة، وتحديداً لطلاب ماجستير إدارة الأعمال في كلية إدارة الأعمال الإسرائيلية "كولر". ويأخذ الطلاب دورات مشتركة، ويُستضاف الطلاب للانخراط في الأبحاث والدراسات المشتركة، بالإضافة إلى إمكانية الإقامة مع العائلات الأميركية للانخراط في الحياة اليومية للسكان المحليين. ولا توجد أي إحصائيات واضحة لعدد التبادل الطلابي أو المنح المشتركة بين الجانبين. ورغم ذلك، يُصرّ الطلاب في احتجاجاتهم الحالية على إنهاء الاستثمارات المالية مع إسرائيل وإيقاف برامج التعليم. وينفي مسؤولو الجامعة وجود استثمارات أو برامج تمويلية مع الجانب الإسرائيلي. وبحسب وكالة أسوشييتد برس الأميركية، فإن الاستثمارات غير المباشرة تتم من خلال أموال الوقف، ولا تتعدى 1 في المائة من وقف الجامعة البالغ 18 مليار دولار.
نماذج سابقة
في الثاني من إبريل/ نيسان 2024، قامت كلية بيتزر، وهي مدرسة ومؤسسة تعليمية غير ربحية خاصة في أميركا، بإلغاء برنامج الدراسة في الخارج في جامعة حيفا، من قائمة البرامج المعتمدة مسبقاً. وعلى الرغم من أن مسؤولي الكلية يعتبرون أن توقف البرنامج، إلى جانب عشرة برامج أخرى، ألغي من القائمة بسبب انخفاض معدلات التسجيل أو مخاوف أخرى، وليس بسبب أي موقف سياسي معين، لكنّ هذه الخطوة لاقت ترحيباً من قبل الطلاب المؤيدين للفلسطينيين، الذين رأوا أنها تتويج لسنوات من الدعوة إلى منع بيتزر من التعاون مع جامعة حيفا، وانتصار لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. وهناك العديد من البرامج التعليمية والتدريبية المشتركة، فضلاً عن المنح الجامعية. وهناك على سبيل المثال برنامج مشترك بين مركز الأبحاث البحرية المشترك مع جامعة تكساس إيه آند إم الأميركية، الذي تقدر تكلفته بـ6 ملايين دولار أميركي، فيما وقّعت جامعة حيفا أكثر من 500 اتفاقية عالمية مع الجامعات في جميع أنحاء العالم، من شأنها إقامة برامج تبادل الطلاب.
مشاركة الخبر: جامعات أميركا وإسرائيل... أعلى درجات الشراكة على وسائل التواصل من نيوز فور مي