هل يرى مشروع قانون إصلاح الإعلام الفرنسي النور؟
أجّل مجلس النواب الفرنسي مناقشته مشروع القانون الجديد لإصلاح الإعلام الفرنسي العمومي. في وقتٍ رصّت فيه نقابات المؤسسات الإعلامية العمومية صفوفها، وتظاهرت أمام وزارة الثقافة الفرنسية اعتراضاً على المشروع.
يحتدم الجدل حول القانون الجديد، سواء برلمانيًّا أو إعلاميًّا، وذلك لأسباب كثيرة. احتلّ الموضوع غلاف صحيفة ليبراسيون، التي عنونت التالي: "ماكرون يُشوّش على الموجات". فهل يمرّ القانون في جلسته التي من المُفترض أن تُعقد في شهر يونيو/حزيران؟
تقدّمت وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، بمشروع قانون جديد، يهدف إلى دمج مؤسسات الإعلام الفرنسي العمومية في إطار هيئة بثّ عمومية موحّدة. مشروع يقتدي بالتجربة البريطانية مع مؤسسة "بي بي سي"، كما وصفته داتي في مقابلاتها الإعلامية. في حال الموافقة على القانون، سيتمّ تنفيذه على مرحلتين: مع بداية عام 2025، ستبدأ عملية التقريب بين المؤسسات الإعلامية العمومية، وإنشاء "فرانس ميديا"، أي هيئة البثّ الرسمية الموحّدة. في المرحلة الثانية، خلال عام 2026، ستتمّ عملية الدمج الكاملة. غاية إنشاء هيئة بثّ موحّدة، حسب ما قالت وزيرة الثقافة الفرنسية، هو حشد القوى الإعلامية في قطب قويّ: "الإعلام العمومي، في دولة قانون، في الديمقراطيات، يجب المُحافظة عليه... وفي عالم يمرّ بتحولات تكنولوجية هائلة، إذا أردنا حماية الإعلام يجب حشد القوى". تطمح داتي إلى إجراء هذه الإصلاحات في أسرع وقت ممكن. فكرة المشروع ليست جديدة، حيث كان قد تقدّم بها نائبان فرنسيان في عام 2015، وكان يفترض البتّ بها والتصويت في عام 2020.
تعترض نقابات العاملين في الإعلام الفرنسي العمومي على مشروع الدمج، وقد بدأت تنظيم صفوفها للتعبير عن رفضها. حصلت وقفة احتجاجية أمام وزارة الثقافة يوم الخميس الماضي (أول أيام مناقشة المشروع في مجلس النواب قبل أن يتمّ تأجيله)، ووجهوا رسالة مفتوحة إلى النواب يشرحون من خلالها موقفهم. تتركّز مخاوف المعترضين على المشروع حول نقطتين: التمويل والاستقلالية. يتخوّف العاملون في المجال الإعلامي العمومي الفرنسي من تقليص الميزانية بعد ضمّ الوسائل الإعلامية في هيئة بث موحدة، وبالتالي تقليص عدد العاملين (الذي يبلغ اليوم 16 ألفا). هذا إضافة إلى المخاوف المتعلّقة بضمان استقلالية وسائل الإعلام الرسمية، وذلك بعد أن تصير إدارتها موحّدة، وتالياً ستصير تابعة لخط تحريري واحد.
في الرسالة المفتوحة، التي تم توقيعها بإجماع تام من جميع النقابات، تم وصف مشروع القانون بالخطير، واعتباره تهديداً لمستقبل الإعلام المرئي والمسموع العمومي في فرنسا، في وقت يتعرّض فيه للتهديد من الإعلام الخاصّ ومن المنصات الرقمية مثل "نتفليكس" وغيرها... في بداية الرسالة، اعتبرت النقابات العمالية أنّ الدمج يعني توحيد وإفقار المعلومة، كما أنه سيجعل الإعلام الرسمي أضعف أمام ضغوط السلطة. ومن الجدير بالذكر، أن الإعلام العمومي الفرنسي لا يتبع للحكومة، بل إنه مموّل من ضرائب الشعب، وبالتالي تخضع هذه المؤسسات إلى مسؤولية تقديم معلومات دقيقة وذات جودة للشعب ومساءلة السلطة.
في حال الموافقة على مشروع القانون، ستضمّ هيئة البثّ مجموعة تلفزيون فرنسا، ومجموعة راديو فرنسا، والمعهد الفرنسي السمعي والبصري، ومجموعة فرانس ميديا الدولية (فرانس 24 بلغاتها الأربع، إذاعة فرنسا الدولية، وراديو مونت كارلو). ولكنّ نقاشا آخر يدور في الوقت نفسه، وهو يخصّ مجموعة فرانس ميديا الدولية، التي لم يتمّ الاتفاق إذا ما كان سيتمّ ضمّها إلى الهيئة. تتمحور النقاشات حول فكرة إمكانية تأثّر تمويل المجموعة، وحول ضرورة أن تتبع لخطّ تحريري أكثر استقلالية، كونها مؤسسة دولية تتوجّه إلى الخارج.
مشاركة الخبر: هل يرى مشروع قانون إصلاح الإعلام الفرنسي النور؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي