العراق يفتتح خط الربط الكهربائي مع تركيا بعد تلكؤ دام 20 عاماً
افتتح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم الأحد، خط الربط الكهربائي بين العراق وتركيا الذي كان من المنوي تنفيذه منذ 20 عاماً، وذلك في إطار سعي بغداد إلى تنويع مصادر الطاقة بغية الحد من الانقطاع المزمن للتغذية بالتيار الكهربائي. فيما أكد وزير الكهرباء أن الخط يغذي المنطقة الشمالية بـ300 ميغاواط.
ووفقاً لبيان مكتب السوداني، فإنه "ثمّن جهود استكمال هذا المشروع المتلكئ منذ عام 2004، بعد أن أنجز بعمل متواصل في تشييد محطات ثانوية، وخطوط ناقلة، وتفاهمات مع الجانب التركي"، مؤكداً "أهمية إقامة ربط يمتد إلى الشبكة التركية، ومنها إلى الجانب الأوروبي، وهو ما يعد خياراً استراتيجياً للطاقة مستقبلاً". وأضاف أن "الخط يأتي ضمن رؤية البرنامج الحكومي للربط مع دول الجوار، تمهيداً للربط مع هيئة الربط الكهربائي الخليجي قبل نهاية هذا العام، ليستكمل العراق تواصله مع منظومة الطاقة الإقليمية بما يسمح بالتنوّع والتبادل في مختلف ظروف ذروة الأحمال الكهربائية". واعتبر السوداني الربط مع الشبكة التركية "خياراً استراتيجياً للطاقة مستقبلياً، ويأتي ضمن رؤية البرنامج الحكومي للربط مع دول الجوار".
تغذية 3 محافظات بالكهرباء
من جهته، قال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، خلال الافتتاح، إن "مشروع خط الربط الكهربائي (العراقي – التركي) يغذي المنطقة الشمالية والوسطى بـ 300 ميغاواط". والمشروع اشتمل على إنشاء محطة الكسك التحويلية (400 كي في)، واستخدام الأسلاك الحرارية فائقة الدقّة للمرّة الأولى في تشييد الخط البالغ طوله 115 كيلومتراً، وكذلك مدّ خط (132 كي في) وصولاً إلى تلعفر (شمال غربي محافظة نينوى)، ونصب مكثفات استقرار الجهد. وسينقل الخط 300 ميغاواط من تركيا إلى العراق لتزويد محافظات نينوى، صلاح الدين، كركوك أثناء زيادة الأحمال.
وأكدت الشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية إلى المنطقة الشمالية، أن "الخط العراقي التركي (جزرة - كسك 400 ك ف) يمر جزء منه في الأراضي التركية وجزء في محافظة دهوك، والجزء الأكبر في محافظة نينوى حيث تمت المباشرة به عام 2004 ولكنّ التلكّؤ أخر اكتماله لعدة أسباب"، موضحة في بيان أن "الشركة عملت بشكل متواصل طوال السنوات الخمس الماضية على إكمال متطلبات وتوقيع الاتفاقية التشغيلية وملحقها مع وزارة الطاقة التركية، التي ضمنت المتطلبات الفنية والإدارية والقانونية للاتحاد الأوروبي كون تركيا مرتبطة كهربائياً بدول الاتحاد".
وأضافت أن "هذا الربط يضمن تجهيز طاقة بحدود 300 ميغاواط لمناطق محافظة نينوى، كذلك طلب الجانب التركي في ملحق الاتفاقية التشغيلية إضافة بند يسمح بتجهيز المناطق التركية المقابلة بـ150 ميغاواط في الفترات التي توجد لدينا طاقة فائضة لباقي فصول السنة، مقابل تجهيزنا في حمل الذروة الصيفي، بسبب اختلاف درجات الحرارة ليصبح المشروع تبادلاً للطاقة".
وأشارت "أكملنا أيضا خلال السنوات الخمس كل المتطلبات الفنية من إكمال الخط وإنشاء محطة الكسك 400 ك ف ومعدات الحماية والاتصالات وإنشاء خطوط الـ 132 ك ف لتصريف أحمال الخط، وآخرها تبديل أسلاك خطي كسك - تلعفر 132 ك ف بأسلاك حرارية تقوم بنقل طاقة ضعف السلك القديم وبكلف أقل من إنشاء خطوط جديدة، وهي تجربة أولى قامت بها شركتنا لاستخدام هذا السلك في مشاريع عدة، كذلك قمنا بنصب مجاميع مكثفات في محطات الـ 132 ك ف التي تتغذى من الخط لضمان استقرار الجهد".
الفساد سبب رئيس
المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي، أكد أن ملف الكهرباء في بلاده "معقد للغاية، وأن الفساد تسبب بانهيار الملف"، وقال فادي الشمري في تصريحات لوسائل إعلام محلية اليوم الأحد، إن "منظومة خطوط نقل الطاقة الكهربائية انتهى عمرها الافتراضي منذ عام 2000، وأن 11 مليار دولار تُدفع سنوياً لـ 58% من الطاقة الكهربائية المهدورة"، مؤكداً أن "الفساد هو السبب الرئيسي في انهيار ملف الكهرباء، وليس لإيران أو أميركا علاقة بالأمر، وأن الملف يسبب حالة استنزاف للمواطن والدولة، حيث يتم صرف 16 مليار دولار من دون حلول فعالة".
وأشار إلى "عدم وجود حلول آنية لأزمة الكهرباء، وأن هناك أكثر من 400 مشروع لفك الاختناقات في نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، حيث يحتاج كل مشروع إلى سنتين لإكماله".
وطالما شدد السوداني على ضرورة تنويع العراق لمصادر الطاقة لديه، بهدف زيادة إنتاجه من الكهرباء ووضع حدّ لانقطاع التيار الكهربائي.
وبلغ إنتاج العراق من الكهرباء العام الماضي 24 ألف ميغاواط، بينما يبلغ حالياً 25 ألف ميغاواط. وعلى الرغم من أن الإنتاج الحالي أكبر من إنتاج العام الماضي، إلا أن التجهيز أسوأ بكثير. ويعزو مختصون سبب ذلك إلى الزيادة السنوية في معدل حجم الاستهلاك السنوي. وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن المشكلة الرئيسية المسببة لتدهور قطاع الكهرباء في العراق هي سوء شبكات النقل والتوزيع، لأن جزءاً كبيراً منها قديم ولا يتحمّل درجات حرارة عالية، وجزء آخر يعاني زخماً وأحمالاً زائدة تفوق قدرته، بالإضافة إلى التجاوزات الحاصلة على شبكات النقل والتوزيع.
أزمة انقطاع التيار
ويعد قطاع الكهرباء من أكثر القضايا الشائكة في العراق، حيث تشتدّ الانقطاعات اليومية للتيار الكهربائي، خصوصاً في الصيف عندما تقترب الحرارة من 50 درجة مئوية، ممّا يؤدي إلى تفاقم السخط الشعبي في بلد ذي بنية تحتية متهالكة ويقوّضه الفساد. ويستورد العراق حالياً ما بين ثلث و40% من الإمدادات من الكهرباء والغاز من إيران، لكنه لا يزال يعاني انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، خاصة في أشهر الصيف الحارة عندما يرتفع الطلب على الكهرباء لأغراض التبريد.
وتقطع إيران إمداداتها بشكل متكرر عندما تحتاج إلى المزيد من الكهرباء في الداخل، وأيضاً لأن العراق يواجه صعوبة في سداد تكلفة الواردات بسبب العقوبات الأميركية على إيران. وتضغط الولايات المتحدة على العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، لخفض الاعتماد على الغاز الإيراني.
بدأ خط ربط كهربائي بين الأردن والعراق في توصيل الإمدادات في مارس/آذار، ليزود الشبكة في غرب العراق بقدرة 40 ميغاوات، في المرحلة الأولى، و150 ميغاواط في المرحلة الثانية بعد اكتمال الخط لغاية محطة القائم، على أن يصل الإنتاج إلى 500 ميغاواط، مستقبلاً، لتغذية أجزاء كبيرة من محافظة الأنبار غربيّ البلاد.
وقالت وزارة الكهرباء العراقية إن العراق سيكمل أيضاً خط ربط بشبكة الكهرباء الكويتية بحلول نهاية عام 2024، إذ ستبدأ بالحصول على 500 ميغاواط من الكهرباء. ومن المقرر أن يمتد خط الربط، الذي تصل تكلفته إلى 228 مليون دولار، من محطة الوفرة في الأراضي الكويتية إلى محطة الفاو جنوبي العراق. ويواجه الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج العربية عراقيل تهدد تشغيل مرحلته الأولى المخطط لها نهاية العام الجاري 2024، بينها وجود بعض المخلفات الحربية في أماكن تنفيذه بالعراق، ما قد يزيد من معاناة بغداد من انقطاعات الكهرباء هذا العام.
مشاركة الخبر: العراق يفتتح خط الربط الكهربائي مع تركيا بعد تلكؤ دام 20 عاماً على وسائل التواصل من نيوز فور مي