موسم الهجوم على "الفيدرالي"
كان لافتاً هذا الأسبوع، تلك الانتقادات اللاذعة التي شنها الملياردير الأميركي إيلون ماسك على الاحتياطي الفيدرالي، والتي وصلت إلى حد وصفه للبنك الأول في العالم "بالأحمق"، بسبب عدم خفض أسعار الفائدة، وقد تفجر غضب ماسك بعد أن نشرت شركة "بيركشير هاثاواي"المملوكة للمستثمر الأميركي الشهير وارن بافيت، قائمة أرباح توضح زيادة احتياطيها النقدي بقيمة 277 مليار دولار، وارتفاع استثماراتها في سندات الخزانة قصيرة الأجل، بعد أن باعت نصف حصتها في شركة آبل خلال الربع الثاني، وقد اكتسبت انتقادات ماسك زخماً كبيراً متدثرة بسلسلة من البيانات الضعيفة التي تشير إلى عاقبة تلكؤ الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، مما أدى إلى الإضرار بالاقتصاد الأميركي.
يمكن أن نلاحظ بسهولة مدى توافق الآراء بين إيلون ماسك ومرشحه المفضل للرئاسة دونالد ترمب، فقد وعد المرشح الجمهوري بخفض أسعار الفائدة إذا تم انتخابه، وعندما سئل ترمب عما سيفعله في اليوم الأول من رئاسته، شدد على أن إحدى أولوياته ستكون "الحفر، يا حبيبي، الحفر"، وأخفض أسعار الفائدة، وأخفض التضخم بشكل كبير"، والحفر شعار مختصر يتبناه ترمب للترويج لإنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، ونظرياً، لا يمارس الرئيس الأميركي أي سيطرة مباشرة على أسعار الفائدة، بينما يحدد الاحتياطي الفيدرالي، الذي يتمتع بالاستقلالية عن البيت الأبيض، سعر الفائدة، والذي تؤثر معدلاته على تكاليف الاقتراض للمستهلكين والشركات وجميع أنشطة الاقتصاد.
مؤخراً، ألمح ترمب في أكثر من مناسبة انتخابية، أن الفيدرالي سوف يقوم بخفض أسعار الفائدة في حال نجاحه بالانتخابات الرئاسية، ويسوق ترمب سببا فنيا وهو أن التضخم سيكون أقل في عصره، فيما يرى منتقدوه أن بعض سياساته المقترحة ستؤدي إلى تسريع التضخم، إلا أن ما نستنتجه من تعليقات الثنائي المتحالف سياسياً، ماسك وترمب، يؤكد مدى أهمية أسعار الفائدة كسلاح اقتصادي مع اقتراب انتخابات نوفمبر، وربما تكون الأشهر القليلة المتبقية محفوفة بالمخاطر للاحتياطي الفيدرالي الذي يكافح من أجل البقاء خارج معمعة السياسة، وكما ذكر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في بدايات عام 2024، إن هذا العام سيكون"عامًا ذا عواقب وخيمة بالنسبة للفيدرالي والسياسة النقدية"، وهذا أمر واضح جداً للجميع في عام الانتخابات الأميركية.
من المرجح أن يتواصل موسم الهجوم على الفيدرالي كلما اقتربنا أكثر من موعد الانتخابات، ولا ننسى أن ترمب اتهم رئيس الفيدرالي الحالي، خلال فترة ولايته السابقة، بأنه يرفع سعر الفائدة بشكل مبالغ فيه، مما صعب الاقتراض على الشركات والمستهلكين، ومع ذلك، لم تؤثر هذه الانتقادات على تصرفات الفيدرالي وقتها، وهذا يعني، أن أي رئيس للاحتياطي الفيدرالي لا بد أن يظل مخلصاً لتفويض البنك ضد أي ترهيب من البيت الأبيض، وبسبب هذه العلاقة المتوترة، تعهد الرئيس السابق بعدم إعادة تعيين باول لقيادة البنك مرة أخرى، فضلاً عن ذلك، فإن ترمب يشكك في ولاء باول السياسي، ويتوقع دوماً أنه سيفعل شيئًا ما لمساعدة الديمقراطيين، وصرح في إحدى مقابلاته الأخيرة أن خفض الفائدة قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية هو"شيء يعرف مسؤولو البنك المركزي أنهم لا ينبغي لهم القيام به"، في المقابل، يرفض باول نظرة التشكيك، ويؤكد أن تركيز الفيدرالي الأول والأخير على الاقتصاد فقط، ويشدد: "نحن لا نغير أي شيء لمعالجة عوامل أخرى مثل التقويم السياسي. لا نستخدم أدواتنا أبدًا لدعم أو معارضة حزب سياسي أو أي نتيجة سياسية".
مشاركة الخبر: موسم الهجوم على "الفيدرالي" على وسائل التواصل من نيوز فور مي