المغتربون اليمنيون في قبضة الحوثيين: من السجن والتعذيب إلى الإخفاء القسري”
تشهد اليمن منذ سنوات حالة من النزاع المسلح، تسببت في تفاقم معاناة الشعب اليمني بشكل كبير، بما في ذلك المغتربون الذين عادوا إلى البلاد بسبب الحرب أو لأسباب شخصية أخرى. ولكن للأسف، وجد هؤلاء المغتربون أنفسهم في قبضة الحوثيين، الذين استغلوا أوضاعهم الهشة لممارسة أشكال متعددة من الانتهاكات ضدهم، بدءاً من السجن والتعذيب وصولاً إلى الإخفاء القسري. منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء في عام 2014، مارست مليشيا الحوثي سلسلة من الانتهاكات ضد مختلف فئات المجتمع اليمني. ولم يسلم المغتربون العائدون من هذه الانتهاكات، حيث استغل الحوثيون عودتهم إلى البلاد لفرض سيطرتهم وإرهابهم بغرض ابتزازهم مالياً أو سياسياً، أو حتى لتحقيق أهداف أخرى. تبدأ معاناة المغتربين العائدين من لحظة وصولهم إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث يتم اعتقال الكثير منهم بدون أسباب واضحة أو تهم رسمية. غالباً ما تتم هذه الاعتقالات تحت ذريعة الانتماء إلى منظمات أو جهات معارضة للحوثيين، أو بسبب الشكوك حول مصادر دخلهم وعلاقاتهم وانتماءاتهم الخارجية. هؤلاء المعتقلون يتعرضون لظروف سجن قاسية، تشمل الحبس الانفرادي، والحرمان من التواصل مع ذويهم، وغياب الرعاية الصحية. تعتبر مليشيا الحوثي هؤلاء المغتربين مصدرًا للتمويل، لذا يتم استهدافهم بخطط ممنهجة للسلب والابتزاز. تعدُّ ممارسة التعذيب من الأساليب الشائعة التي يلجأ إليها الحوثيون لانتزاع الاعترافات أو لإرهاب المعتقلين. تقارير حقوقية عديدة وثقت حالات متعددة من التعذيب الذي يتعرض له المغتربون داخل السجون الحوثية، ومن بين أساليب التعذيب المستخدمة: الضرب المبرح، الصعق الكهربائي، والتجويع، وأحياناً حتى العنف الجنسي. واحدة من أكثر الممارسات بشاعة هي الإخفاء القسري، حيث يتم احتجاز المعتقلين في مواقع سرية دون الكشف عن مكانهم لذويهم أو السماح لهم بالتواصل مع الخارج. في كثير من الحالات، يتم نقل هؤلاء المغتربين من مكان إلى آخر لتجنب اكتشاف مواقع احتجازهم. هذا الإخفاء القسري يترك عائلاتهم في حالة من اليأس والقلق، خاصةً في ظل غياب أي معلومات عن مصيرهم. تسعى مليشيا الحوثي من خلال استهدافها للمغتربين إلى تحقيق عدة أهداف منها الابتزاز المالي، حيث في كثير من الأحيان، يتم اعتقال المغتربين بهدف الحصول على فدية من ذويهم أو استنزاف أموالهم من خلال تهديدهم بالتعذيب أو القتل. بالإضافة الى الضغط السياسي، حيث تستخدم مليشيا الحوثي هؤلاء المغتربين كورقة ضغط على أطراف النزاع الأخرى أو على دول أخرى لتحصيل مكاسب سياسية. كما ان هذه الممارسات تهدف الى تعزيز سيطرتهم إلى إرهاب المجتمع وفرض السيطرة الكاملة على كل من يعيش تحت سيطرتهم، بما في ذلك المغتربين الذين يُنظر إليهم كخطر محتمل بسبب ارتباطهم بالخارج. لا تقتصر تداعيات هذه الممارسات على المعتقلين وحدهم، بل تمتد لتشمل عائلاتهم التي تعاني من تبعات فقدان معيلها أو عائلها الرئيسي. يعاني أفراد الأسر من أزمات نفسية واقتصادية حادة، إضافة إلى الخوف المستمر من مصير مجهول. كما تترك هذه الممارسات أثراً سلبياً على النسيج الاجتماعي في اليمن، حيث تساهم في تفاقم التوترات والانقسامات المجتمعية. في ظل هذه الانتهاكات المستمرة، تزداد الدعوات من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي للتحرك والضغط على الحوثيين للإفراج عن المعتقلين ووضع حد لهذه الممارسات. يتطلب الوضع تدخلاً دولياً جاداً لفرض عقوبات على المسؤولين عن هذه الانتهاكات وضمان محاسبتهم أمام العدالة.
يعد استهداف المغتربين اليمنيين من قبل الحوثيين جزءاً من استراتيجية أوسع لفرض السيطرة والابتزاز على المجتمع اليمني. هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتتطلب تدخلًا دوليًا عاجلاً لحماية المدنيين ووضع حد لهذه الانتهاكات. المجتمع الدولي مطالب بالتحرك للضغط على الحوثيين لوقف هذه الأعمال وضمان حماية المغتربين اليمنيين من هذه الانتهاكات المستمرة. ورغم كل الصعوبات، يظل الأمل قائماً في أن تُحدث الضغوط الدولية والمحلية أثراً ملموساً يؤدي إلى إنهاء معاناة هؤلاء المغتربين، ويعيد لهم حقوقهم المسلوبة، ويفتح صفحة جديدة من الأمان والكرامة للشعب اليمني بأسره.
مشاركة الخبر: المغتربون اليمنيون في قبضة الحوثيين: من السجن والتعذيب إلى الإخفاء القسري” على وسائل التواصل من نيوز فور مي