المـوت يحـاصر غـزة
نتنياهو وحماس يتبادلان الاتهام بإفشال المفاوضات
تنديد عربي بجرائم الاحتلال ضد الإنسانية في القطاع
تواصل اقتحامات «الأقصى».. واعتقالات في الضفة
تغرق خيام النازحين في الظلمة عند حلول الليل في قطاع غزة، داخلها عيون كثيرين تبقى مفتوحة يؤرق أصحابها أزيز المسيّرات فوق رؤوسهم وأصوات القصف الذي لا يتوقف، ويخشون ألا تطلع عليهم الشمس، ونزح غالبية سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة من منازلهم مرة واحدة على الأقل خلال الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر بين إسرائيل وحركة حماس. وأصبحت الخيام التي قدمت بعضها المنظمات الدولية، أماكن لإقامة النازحين. فيما اشترى عدد كبير من السكان خيامهم بأسعار مرتفعة للغاية. وتفرض إسرائيل حصارا مطبق على قطاع غزة منذ اندلاع الحرب، الأمر الذي منع دخول المواد الأساسية بما فيها مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار أو تصليح المساكن، علما أن القصف متواصل في مناطق مختلفة من القطاع، ودخول المساعدات الإنسانية نادر وكميتها قليلة جدا، ويضطر العديد من سكان غزة إلى النوم على أنقاض المباني المدمّرة وحتى في الشوارع حيث تنتشر الحشرات والذباب ومياه الصرف الصحي.
وجنوب القطاع استشهد صحفي فلسطيني في قصف لقوات الاحتلال على مدينة خان يونس، وأفادت مصادر طبية فلسطينية في مستشفى ناصر الطبي، أن الطواقم الطبية عثرت أمس على جثمان صحفي فلسطيني، استشهد بعد استهداف قوات الاحتلال لمجموعة من الصحفيين الليلة قبل الماضية، في محيط منطقة القرارة بمدينة خان يونس، وبذلك يرتفع عدد الصحفيين الذين استشهدوا منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة مطلع أكتوبر الماضي إلى نحو 170 شهيداً، وإصابة واعتقال العشرات، في سياق متصل، واصلت مدفعية الاحتلال قصفها المكثف لمدينة حمد السكنية غرب خان يونس، مجبرة آلاف العائلات على النزوح من خيامها مرة أخرى.
وارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في عدوان الاحتلال المستمر على قطاع غزة لليوم الـ318 على التوالي إلى 40139 شهيدًا، ونحو 92743 جريحًا، معظمهم من النساء والأطفال.
وجدد مستوطنون أمس عمليات اقتحامهم للمسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من قوات الاحتلال. وأفادت دائرة الأوقاف في القدس، أن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وتجولوا في باحاته بشكل استفزازي، وسط انتشار مكثف لقوات الاحتلال في شوارع البلدة القديمة بالقدس، في سياق متصل، هدمت قوات الاحتلال بناية سكنية في بلدة الرام شمال مدينة القدس، ضمن خطة إسرائيلية لهدم 17 منزلاً في ذات المنطقة، لضمها للمخططات الاستيطانية، والتي تتسارع بشكل مكثف خاصة في القدس ومحيطها.
وفي الضفة الغربية اعتقلت القوات الإسرائيلية، منذ مساء الاحد وحتّى صباح الاثنين، 14 فلسطينيا على الأقل. وقال نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين في بيان مشترك أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، إن "الاحتلال يواصل بشكل أساسي استهداف الأسرى السابقين، حيث اعتقل الأسيرة السابقة دانيا حناتشة، وهي إحدى الأسيرات اللواتي أفرج عنهن ضمن صفقات التبادل". وأضاف البيان أن عمليات الاعتقال توزعت على محافظات، بيت لحم، والخليل، ورام الله، ونابلس، وطولكرم، رافقها اعتداءات وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين.
من جهتها أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الاثنين تنفيذها بالاشتراك مع سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد، العملية "الاستشهادية" التي وقعت مساء الأحد في مدينة تل أبيب. وأكدت كتائب القسام، في منشور أوردته وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا" على منصة إكس، أن "العمليات الاستشهادية بالداخل المحتل ستعود للواجهة طالما تواصلت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين واستمرار سياسة الاغتيالات".
وكانت الشرطة الإسرائيلية قالت إنها تجري تحقيقا في انفجار مميت في تل أبيب يعتقد أنه مرتبط بمحاولة هجوم إرهابي.
وأضافت الشرطة أن عبوة ناسفة انفجرت في حقيبة ظهر شخص الاحد أثناء سيره في أحد شوارع الجزء الجنوبي من المدينة. ولقى الشخص الذي كان يحمل القنبلة حتفه، وأصيب أحد المارة والذي كان يستقل دراجة كهربائية.
من جانبها نددت جامعة الدول العربية بالجرائم ضد الإنسانية التي تقترفها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، مؤكدة أن ما يحدث هو انتهاك صارخ لكافة المواثيق والأعراف الدولية. جاء ذلك في بيان للأمانة العامة للجامعة العربية "القطاع الاجتماعي - إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية" بمناسبة اليوم الدولي للعمل الإنساني الذي يوافق التاسع عشر من شهر أغسطس من كل عام. واستنكرت الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية السفيرة هيفاء أبو غزالة، استمرار القوة القائمة بالاحتلال في سياسة التجويع ضد المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها بقطاع غزة. وأكدت دعم الجامعة العربية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لدورها داخل قطاع غزة رغم كافة الضغوطات التي تتعرض لها من قبل القوة القائمة بالاحتلال، ومحاولات عرقلة عملها، داعية كافة الأطراف الدولية والدول المانحة إلى تقديم الدعم اللازم إلى "الأونروا". وثمنت رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية، جهود الدول الأعضاء في دعمها المستمر والمتواصل للدول التي تعاني من أوضاع إنسانية صعبة للتخفيف من حدة هذه الآثار.
على صعيد آخر تبادل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة حماس الاتهام بإفشال جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وذلك في مستهل زيارة يجريها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل.
ودعا نتنياهو إلى "توجيه الضغوط على حركة حماس" و"ليس على الحكومة الإسرائيلية"، مستنكرا ما وصفته بـ"الرفض المتعنت" للحركة الفلسطينية لإبرام اتفاق، بعد يومين من المناقشات في الدوحة بين الوسطاء الأميركيين والقطريين والمصريين وبحضور إسرائيلي.
وحذر بلينكن الاثنين من أن أحدث جهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن ربما تشكل أفضل وآخر فرصة لوقف الحرب وحث إسرائيل وحماس على انتهاز ذلك.
وشككت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" في فرص التوصل إلى اتفاق منذ توقف المحادثات في قطر الأسبوع الماضي دون تحقيق انفراجة، لكن المفاوضات ستستأنف هذا الأسبوع بناء على "مقترح لسد الفجوات" قدمته الولايات المتحدة. واجتمع بلينكن مع الرئيس الإسرائيلي الاثنين قبل التوجه إلى اجتماع مع نتنياهو. وقال بلينكن للصحفيين قبل الاجتماع مع "هذه لحظة حاسمة، قد تكون الفرصة الأفضل وربما الأخيرة لإعادة الرهائن والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ووضع الجميع على مسار أفضل للسلام والأمن الدائمين".
وتركزت محادثات متقطعة تجري منذ أشهر على ذات المشكلات، إذ تقول إسرائيل إن الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا بالقضاء على حماس كقوة عسكرية وسياسية، وتقول حماس إنها لن تقبل إلا بوقف دائم لإطلاق النار ينهي الحرب.
وتوجد أيضا خلافات على استمرار وجود إسرائيل العسكري داخل قطاع غزة، وتحديدا على الحدود مع مصر، وعلى حرية تنقل الفلسطينيين داخل القطاع، وعلى هوية وعدد السجناء الذين سيُحررون في اتفاق للتبادل مع الرهائن.
ورغم تعبير الولايات المتحدة عن التفاؤل، أشارت إسرائيل وحماس إلى أن التوصل لاتفاق سيكون صعبا.
وفي زيارته التاسعة للدولة العبرية منذ اندلاع الحرب في القطاع، يسعى بلينكن إلى "الضغط على جميع الأطراف لإقناعهم بأهمية إنجاز الأجزاء المتبقية من هذا الاتفاق"، وفق ما أفاد مسؤول في الوفد الأميركي بعد وصوله إلى تل أبيب.
وضاعفت الولايات المتحدة جهودها لإنهاء الحرب المدمرة المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر والتي اندلعت إثر هجوم حماس غير المسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر، خصوصا بعد توعد إيران وحلفائها بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية والقائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر، ما أثار مخاوف من اندلاع نزاع إقليمي.
مشاركة الخبر: المـوت يحـاصر غـزة على وسائل التواصل من نيوز فور مي