تأثير توقعات المستهلك في تصميم المنتجات
بقلم ستايسي وولف، النائب الأول للرئيس لقسم تصميم المنتجات والاستدامة في شركة HP.
عادة ما يبدأ كل تصميم جيد بسؤالين، وهما؛ لماذا نقوم بهذا التصميم، ولمن نقوم به؟ ويطلق المصممون على ذلك تسمية؛ احتياجات المستهلك. وقد يكون منتجنا ناجحًا في حال حصولنا على الإجابة الصحيحة لهذين السؤالين.
وبطبيعة الحال، نسعى دائمًا إلى تلبية التوقعات الأساسية المتعلقة بعوامل الأداء، والوظائف، وسهولة الاستخدام، والتصميمات المريحة والجذابة للمستخدم. ومع ذلك، نجد أن عالمنا يتغير باستمرار نتيجة للتقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، والاضطرابات الكبيرة مثل جائحة كوفيد-19، والتأثيرات البعيدة المدى مثل التغير المناخي. ويجب على المصمّمين المحترفين استباق التطورات التي تطرأ على تلك الاحتياجات، حتى قبل أن يدركها المستهلكون. ولذلك، يتطور تعريف التصميم الجيد على الدوام، ومن الأفضل لنا أن نتوقع التغييرات بدلًا من الاكتفاء بالاستجابة لها بعد حدوثها.
ومن الأمثلة الجيدة حول دور توقعات المستهلكين في تشكيل تصميم المنتج، هو طلب المستهلك للمنتجات المستدامة؛ إذ نعلم أن الأشخاص في جميع أنحاء العالم يفضلون الأجهزة ذات التأثير الضئيل في البيئة قدر الإمكان؛ كما ندرك أيضًا أن التصميم المستدام ضرورة أساسية للحفاظ على كوكبنا صالحًا للحياة. ولنتحدث عن البلاستيك، على سبيل المثال، وهو مادة تستخدم في تصنيع معظم المنتجات، بما يشمل الأجهزة الإلكترونية.
ففي حال استمرار التوجهات الصناعية الحالية، قد يصل الإنتاج السنوي للبلاستيك إلى 1.1 مليار طن متري بحلول عام 2050. وتُعدّ هذه التوجهات غير مستدامة من حيث التأثير المناخي، وتمثّل عاملًا خطيرًا على النظم البيئية في عالمنا؛ حيث تتحلل هذه المواد إلى جسيمات بلاستيكية دقيقة. ولذلك، نعتقد أن التصميم الجيد ينبغي أن يكون تصميمًا قابلًا لإعادة التدوير أيضًا.
وبما أن نسبة تقارب 80% من تأثير المنتج تتشكل في مرحلة التصميم؛ يمكننا من خلال تطبيق مبادئنا الخاصة في التصميم، تلبية توقعات المستهلكين فيما يتعلق بالأداء التقني والتأثير البيئي لمنتجاتنا طوال دورة عمرها.
تحقيق الاستدامة عبر التصميم:
على مدى مدة تزيد على 30 عامًا، أثّر مبدأ إعادة التدوير بصورة كبيرة في تصميم منتجات HP. ومنذ البداية، أُدمجت مفاهيم الاستدامة في التصميم، لتؤكد HP بذلك تضمين الاعتبارات البيئية في عملية التصميم الأساسية، ومساهمة أجهزتنا بالفعل في تعزيز اقتصاد دائري مستدام ومنخفض من ناحية انبعاثات الكربون.
وفي هذا الصدد، تتبع شركة (HP) نهجًا يرتكز على أربعة محاور، وهي؛ زيادة استخدام المواد المُعاد تدويرها مثل البلاستيك؛ والوصول إلى المواد المستدامة المبتكرة في المنتجات المستقبلية؛ وتصميم أجهزة تتميز بسهولة الإصلاح وإعادة التدوير؛ وابتكار منتجات تتسم بعمر افتراضي أطول، مع إمكانية إعادة استخدامها.
ومع تسارع الابتكار في العالم الرقمي، نسعى جاهدين، كمصممين، لتجاوز الإمكانات الحالية، وإبداع تصميمات جديدة بلمسة مبتكرة تندمج فيها مفاهيم الاستدامة. وبالنسبة لشركة بحجم HP، يكمن التحدي الذي يواجهنا في صياغة حلول استدامة تجمع بين المزايا العملية وإمكانية التطوير.
ومع إدراكنا لإمكانية الاستفادة من النفايات في ابتكار منتجات رائعة، يتطلب إنجاز هذا الأمر كثيرًا من الإبداع. فقبل ما يزيد على خمس سنوات بقليل، صممنا حاسوب (HP Dragonfly) المحمول باستخدام 7 جرامات فقط من البلاستيك المُعاد تدويره. ومع أنّ ذلك قد لا يبدو كثيرًا، لكنه كان إنجازًا ثوريًا على مستوى القطاع آنذاك.
والآن، يحتوي حاسوب Dragonfly المحمول الذي أُطلق في عام 2023 على كميات كبيرة من الألمنيوم والمغنيسيوم المُعاد تدويرهما، والبلاستيك المُعاد تدويره بعد الاستهلاك، بالإضافة إلى المواد البلاستيكية المجمعة من مواقع قريبة من المحيطات.
وفي الواقع، تحتوي جميع الحواسيب المحمولة ومحطات العمل والشاشات وخراطيش الحبر الأصلية من HP على مواد مُعاد تدويرها، وهذا يعني أن الشركة قد استخدمت أكثر من نصف مليار كيلوجرام من المواد المعاد تدويرها في منتجاتها وفي مواد التعبئة والتغليف منذ عام 2019.
وفي هذا السياق أيضًا، نحرص على تصميم أجهزتنا بحيث تستخدم لمدة أطول. ولنأخذ على سبيل المثال حاسوب (EliteBook 1040) الجديد، الذي صنعناه بطريقة تُمكّن المستخدم من استبدال البطارية بنفسه، مما يتيح دورة عمر أطول للجهاز. ومن خلال إطالة عمر الاستخدام، نؤخر ظهور حاسوب بديل وما يترافق معه من انبعاثات. ومع كل جيل جديد نطلقه من المنتجات، نعمل باستمرار على جعل صيانتها وتحديثها أكثر سهولة، عبر استخدام عدد أقل من البراغي ومكوّنات التثبيت القابلة لإعادة الاستخدام، وتسهيل استبدال البطاريات.
ومن جهة أخرى، ينبغي أن تتجاوز معايير الاستدامة المنتج نفسه أيضًا. وفي هذا الإطار، يتسبب الشحن والتعبئة في جزء كبير من الانبعاثات الكربونية للمنتج.
ففي العام الماضي، أطلقنا الحاسوب المكتبي المتكامل (HP All-in-One) بشاشات يبلغ مقاسها 24 بوصة و27 بوصة، وأعدنا تصميمه اعتمادًا على تطوير طريقة نقل المنتجات على منصات التحميل لتقليل الانبعاثات الكربونية.
ومن خلال فصل الشاشة عن الحامل وتصميمها بطريقة سهلة التجميع، نجحنا في تقليل حجم صندوق التغليف بنسبة بلغت 62% وزيادة عدد الوحدات بنسبة بلغت 66% لكل منصة تحميل، بما يعادل تقليل الانبعاثات الكربونية للنقل بنسبة قدرها 60%. ويُعدّ ذلك نموذجًا رائعًا لكيفية مراعاة الاستدامة في عملية التصميم منذ البداية.
وفي هذا العام أيضًا، أنجزنا خطوات كبيرة في مجال التعبئة والتغليف عبر تقليل كمية المواد البلاستيكية التي تُستخدم لمرة واحدة، والبلاستيك المستخرج من المواد البترولية في جميع الحواسيب، وأعدنا تصميم عملية التغليف بالكامل، إلى جانب تحسين تجربة التصنيع أيضًا، لتكون خالية من البلاستيك بنسبة بلغت 100% في جميع الحواسيب الفائقة من إنتاجنا، بدءًا من جهاز (OMEN Transcend 14) الذي أُطلق في شهر يناير.
التصميم بما يراعي الاستدامة في دورة عمر منتجاتنا:
تجسد الاستدامة ركيزة أساسية لكيفية تصميم منتجات HP اليوم. ونتطلع باستمرار لما هو أبعد من التقنيات الرقمية المتقدمة في أجهزتنا؛ حيث نعمل على التجديد المستمر لمفاهيم التصنيع ومصادر المواد المستخدمة فيها. وعلى سبيل المثال، إذا أعجبك المظهر المنقط لجهاز (Envy Move) هذا العام، فذلك يؤكد ريادتنا في إعادة استخدام بقايا القهوة، وغيرها من المواد المُعاد تدويرها، والتزامنا الراسخ بإعطاء المواد دورة استخدام جديدة في منتجاتنا، مع دعم المحافظة على البيئة.
إنّ منهج HP في التصميم يوازن بصورة مثالية بين مفهومي الجمال والمسؤولية البيئية، والأهم من ذلك، هو التصميم الهادف إلى تحقيق الاستدامة في كل منتج من منتجاتنا طوال دورة عمره الكاملة، وبذلك فقط يمكننا تلبية توقعات عملائنا وحماية كوكبنا.
مشاركة الخبر: تأثير توقعات المستهلك في تصميم المنتجات على وسائل التواصل من نيوز فور مي