حياة في الصورة (44)
حينما عاد الصديق المبدع الأستاذ محمد عمر بحاح للكتابة المتصلة في العام 2017 كانت عدن هي التي استدرجت قلمه الرفيع في هذا الرجوع الجميل فاستعادها بسلسلة مقالات نشرها تحت عنوان ( ذات عدن.. ذات زمن) وعن هذه العودة قال في أحد مقالاته .
“وقد فضلت حين العودة ان اتبع الأسلوب الأدبي في الكتابة لأنه الأفضل لدي ولأني كاتب قصة قصيرة في الأول والآخر ضل طريقه يوما إلى عالم الصحافة المرهق والمتعب ، واللذيذ في آن ، ففي داخلي شحنة متفجرة من العواطف والقلق والغضب ، اخشى ان اتبعت الأسلوب المباشر أن أصيب بشظاياه كثيرين ، بعضهم يستحق ، والبعض قد لا يستحق”
بعد سبع سنوات من هذه العودة الحميدة أصدر بحاح كتب( أشيائي) بواسطة مؤسسة أروقة وهو في خلاصته كتاب سيرة غير منمَّط، توقف فيه، من خلال مجموعة متنوعة من المقالات الصحفية عند ثلاث محطات رئيسية: “أشياء صغيرة”، و”أشياء حميمة”، و”أشياء لا تنسى”، تحمل الكثير من تفاصيل رحلته في الحياة، مثل استعادته لرحلة انتقاله طفلًا مع والده من منطقة الديس الشرقية بمحافظة حضرموت إلى عدن أواخر الخمسينيات، وسكنه الأول في بخَّار بحاح بمنطقة “معلا دكة”، وانتهاء باسترجاعاته للوجوه والأمكنة والأحداث التي التصقت بذاكرته الصافية في حضرموت وعدن وخارجها، ونقلها بلغة تصويرية بالغة النقاء.
محمد عمر بحاح عُرف بصفته صحفيًّا متميزًا وصاحب قلم رشيق، صقله نزوعه السردي الباكر الذي ابتدأ مع مجموعته القصصية الأولى التي صدرت عام 1978، وحملت عنوانًا شاعريًّا ذكيًّا (مثل عيون العصافير على طرف النهر) وأهداها إلى أمه؛ لأنها الوحيدة آنذاك التي لن تقرأ هذه القصص، ربما بسبب أميتها! لكنه استعاد الأم، بعد سبعين عامًا من ولادته، وأكثر من أربعين عامًا من صدور المجموعة، في ثلاثة مقالات متتابعة، وتتجلى بكونها هي من ملأت مخزن ذاكرته بالحكايات إلى جانب جدته، كانت عنده أسطورة، ومن ناحية كانت سحابة حنان، وبحر عواطف، ومن ناحية أخرى، كانت طاقة عمل، لا تعجز عن القيام بأيّ شيء تريد القيام به في حدود العقل والمنطق.
The post حياة في الصورة (44) appeared first on بيس هورايزونس.
مشاركة الخبر: حياة في الصورة (44) على وسائل التواصل من نيوز فور مي