فرنسا: مباحثات تعيين رئيس وزراء تدخل مراحلها النهائية
بعد نحو شهرين على الانتخابات التشريعية، تدخل المشاورات بشأن تعيين رئيس جديد للوزراء في فرنسا مراحلها النهائية، مع استقبال الرئيس إيمانويل ماكرون الإثنين شخصيتين يتم التداول باسمهما كأبرز الخيارات لهذا المنصب، إضافة الى الرئيسين السابقين للجمهورية فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي. وتهدف هذه المداولات المتسارعة لتحديد اسم لمنصب رئيس الوزراء قادر على تفادي إسقاطه بالغالبية في الجمعية الوطنية، في حين أن الانتخابات أفرزت واقعاً سياسياً معقداً في فرنسا بعدم حصول أي من الأطراف الرئيسيين على غالبية صريحة في البرلمان. وأكد ماكرون الخميس أنه يبذل "كل الجهود.. لإيجاد أفضل حل للبلاد". وفي ظل الانقسام السياسي الحاد في فرنسا راهنا، تواصل حكومة رئيس الوزراء غابريال أتال تصريف الأعمال. واستقبل ماكرون صباح الاثنين في قصر الاليزيه، رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف الذي يرى مراقبون أنه المرشح الأوفر حظا. وقال مصدر مقرب من الرئيس إن تعيينه رئيسا للوزراء "احتمال لكنه ليس مؤكداً"، مضيفاً "إنه خيار ولكن علينا أن ننظر من كثب". في المقابل، أكدت مصادر مقربة من رئيس الوزراء السابق أنه لا يبحث عن العودة الى هذا المنصب "لكن في حال قام بذلك، فسيكون بدافع الواجب وتجنيب البلاد مواجهة صعوبات إضافية". ومن المقرر أن يستقبل ماكرون لاحقاً القيادي في حزب الجمهوريين (يمين) كزافييه برتران، في إطار مباحثاته بشأن تعيين رئيس جديد للوزراء. وبحسب أوساط ماكرون، من المحتمل أن يتم التعيين الجديد الثلاثاء.
ويبحث ماكرون عن رئيس للوزراء لن تعرقل القوى السياسية في الجمعية الوطنية تعيينه. لذلك استبعد تعيين لوسي كاستيه التي اقترحتها "الجبهة الشعبية الجديدة"، التحالف اليساري الذي تصدر نتائج الانتخابات الأخيرة. ويريد الرئيس الفرنسي كذلك أن يكون التكتل الوسطي جزءا من أي غالبية مستقبلية في الجمعية الوطنية. وشغل كازنوف (61 عاماً) حقيبة الداخلية في وقت الهجمات الدامية عام 2015، كما عيّنه هولاند رئيسا للوزراء في الأشهر الأخيرة من ولايته.
وانسحب كازنوف من الحزب الاشتراكي في العام 2022 بعد معارضته الشديدة للتحالف مع "فرنسا الأبية"، أبرز أحزاب اليسار المتطرف في البلاد. وقد يسمح ذلك لكازنوف بنيل دعم الكتلة الوسطية في الجمعية الوطنية، وتفادي حجب الثقة من قبل اليمين واليمين المتشدد. إلا أن وصوله الى مقر رئاسة الوزراء في ماتينيون قد يتسبب بانقسام في أوساط الاشتراكيين.
وقال رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور الاثنين "ما هي ضمانات برنار كازنوف (...) في حين أنه لم يحصل على دعم الجبهة الشعبية ولم يطلبه". وقبل ظهر الإثنين، من المقرر أن يستقبل ماكرون الرئيس الاشتراكي السابق هولاند الذي يتوقع ألا يعارض تعيين كازنوف، على عكس سلفه اليميني نيكولا ساركوزي المقرر أن يحل ضيفاً على الاليزيه ويرغب ساركوزي في أن يتولى الحكومة "رئيس وزراء من اليمين"، ويرى في برتران (59 عاماً) "خياراً جيداً" لذلك. وسيكون برتران ضيف ماكرون بعد ساركوزي. ولم يخف رئيس حزب الجمهوريين اليميني، رغبته في شغل منصب رئيس الوزراء. الا أن ذلك لا يلق دعم الشخصيات البارزة في الحزب، والذين يرغبون في بلوغ الانتخابات الرئاسية لعام 2027 وهم في صفوف المعارضة، ويرفضون أي ائتلاف أو مشاركة في الحكومة المقبلة. وأعلن النائب عن "التجمّع الوطني" جان فيليب تانغي أن حزبه اليميني المتطرف الممثل في الجمعية الوطنية بثالث أكبر كتلة خلف اليسار وكتلة ماكرون، قد لا يلجأ على الفور الى طرح الثقة برئيس الوزراء الجديد، لكنه "يرجّح" القيام بذلك حين ستُقرّ الميزانية. كما يفترض بأن يتفق ماكرون ورئيس وزرائه على سبل التعاون في المرحلة المقبلة. ومن المتوقع أن يكون رفع سنّ التقاعد الى 64 عاما من بين المواضيع التي سيتم التطرق إليها بشكل خاص. ولم يحظ إصلاح نظام التقاعد الذي دفع ماكرون باتجاهه، بتأييد شعبي، ويخشى الرئيس انهيار منجزات حققها خلال عهده. وبات تشكيل حكومة جديدة أمراً ملحاً مع ضرورة تقديم موازنة العام 2025 إلى البرلمان بحلول الأول من أكتوبر على أبعد تقدير.
مشاركة الخبر: فرنسا: مباحثات تعيين رئيس وزراء تدخل مراحلها النهائية على وسائل التواصل من نيوز فور مي