طوفان الأقصى هل كان إنجازا أم نكبة

طوفان الأقصى هل كان إنجازا أم نكبة؟

تم نشره منذُ 1 شهر،بتاريخ: 06-10-2024 م الساعة 08:21:04 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2142091.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : الجزيرة

بعد مرور عام على معركة طوفان الأقصى، ما زال الكثير من الفلسطينيين والعرب يشيدون فيه باعتباره نقطة مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وخطوة نحو التحرير.

وتأتي هذه الذكرى وقد تكبد قطاع غزة كثيرا من الخسائر في الأرواح والممتلكات، وبات مضربا للمثل عند قادة إسرائيل وحلفائهم للتدمير والخراب.

ورغم قتامة المشهد وألمه -وفق العديد من المراقبين- فإن ما أنجزته المقاومة خلال هذا العام فاق تصورات أنصارها وأعدائها على حد سواء.

فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست -في أحد تقاريرها- أن حركة المقاومة الإسلامية ما زالت راسخة في مواقعها بعد مرور عام من الحرب الإسرائيلية التي أعلنت أن القضاء على حماس أهم أهدافها.

ولا يمكن بحال من الأحول غض النظر عن الهوس الإسرائيلي بما يمكن أن تفعله المقاومة في ذكرى الطوفان و7 أكتوبر/تشرين الأول، فقد زاد الجيش الإسرائيلي تحصين مواقعه داخل القطاع خاصة محوري فيلادلفيا (جنوب) ونتساريم (وسط) ومنذ أيام تعمل قوات الاحتلال على توسيع المحور لمواجهة أي طارئ قد يحدث في ذكرى 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وتأتي عملية الاحتلال شمال القطاع، ليلة الخامس من الشهر الجاري، لتشير بوضوح إلى تمكن المقاومة الفلسطينية من كي الوعي الإسرائيلي، وتؤكد أن الحديث عن هزيمتها والقضاء عليها مجرد تصريحات لكي يطمئن الجمهور الإسرائيلي، ولكن الميدان يثبت عدم دقتها.

وما زالت الحرب في أوجها وهي بعيدة عن الحسم حاليا، وكلما طال أمدها زاد احتمال اتساعها وهو ما يحدث حاليا، ولكن هناك العديد من المؤشرات لصالح المقاومة خاصة في ظل أسلوب الاستنزاف الذي تتبعه المقاومة مع الاحتلال.

دحرجة الرؤوس

يجمع العديد من المراقبين على أن حماس أفشلت مخطط إسرائيل، فقد اتخذت قرارا بشن حرب خاطفة ومدمرة على القطاع المحاصر، وجاء هجوم المقاومة ليخلط كافة الأوراق ويجر اسرائيل للدخول في مربع رد الفعل والاستنزاف المتراكم والمتدحرج بشريا وعسكريا واقتصاديا، وفق ما يرى المحلل السياسي عزام أبو العدس.

ويمكن رصد الخطة الإسرائيلية من خلال تصريحات مسؤولين إسرائيليين، في أبريل/نيسان 2023، عندما قال وزير الأمن إيتمار بن غفير إن "الوقت قد حان لتتدحرج الرؤوس في قطاع غزة".

وذكر بن غفير أن "الحكومة التي أنا عضو فيها يجب أن ترد بقوة على إطلاق الصواريخ من غزة. صواريخ حماس تحتاج لرد يتجاوز قصف الكثبان الرملية ومواقع غير مأهولة، حان الوقت لتتدحرج الرؤوس".

وبعدها بثلاثين يوما، توعد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بـ"احتمال إعادة احتلال قطاع غزة، كحل جذري للاشتباكات المتكررة مع الفصائل الفلسطينية في القطاع".

وأشار سموتريتش في حينها أنه "من المحتمل أن يأتي الوقت للعودة إلى داخل غزة وتفكيك حماس ونزع سلاحها".

وبعد أشهر من الطوفان الفلسطيني تدحرجت رؤوس كثيرة بمواقع القيادة في إسرائيل، وقدم العديد منهم استقالاتهم للفشل الذي مني به الاحتلال ذلك اليوم، فقد استقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون هاليفا، واللواء يوسي شارييل قائد وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200. كما استقال عدد كبير من المسؤولين بمكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. ومن المنتظر استقالة آخرين ما أن تضع الحرب أوزارها.

وعلى الجانب المقابل، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن قادة في حركة حماس قولهم إن رئيس المكتب السياسي يحيى السنوار "لم ينجُ فحسب بعد مرور عام على 7 أكتوبر/تشرين الأول، بل إنّه يضع أيضا الأساس لإعادة ظهور حماس".

صور عرضها الاحتلال لأول مرة لمركز شرطة سديروت في السابع من أكتوبر (مواقع التواصل)

الاستمرار بالقتال

هدفت المقاومة من خلال معركة الطوفان تحرير الأسرى ورفع الحصار عن القطاع ووقف الاعتداءات على الحرم القدسي، لكن مسار الحرب تطور لتصبح حربا وجودية. فالمقاومة لن ترضخ لمطالب الاحتلال وتسعى للبقاء وتحقيق أجندتها، بينما يسعى الاحتلال -لضمان بقائه وعدم زواله وضمان أمنه في ذات الوقت- ويرى أنه لن يتحقق له ذلك إلا من خلال حرب الإبادة التي يمارسها بغزة.

وتظهر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين نظرتهم لغزة والتعامل معها، فبعد أيام قليلة من طوفان الأقصى، أعلن وزير الدفاع يوآف غالانت أنه لابد من حصار غزة لمحاربة "الحيوانات البشرية"، وقال "لا كهرباء ولا طعام ولا وقود"!

وأواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023، استشهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنص من التوراة أثناء إعلانه عن العدوان على غزة، قائلا "يجب أن تتذكروا ما فعله العماليق بكم".

بينما ذهب وزير التراث عميحاي إلياهو، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، للحديث عن إسقاط قنبلة نووية على القطاع الفلسطيني كـ"أحد الاحتمالات" في الصراع الحالي.

لذا، فلن تحسم الحرب بين الطرفين إلا بعدم قدرة أحدهما على الاستمرار فيها وقبول شروط الطرف الآخر.

قد مسه الجنون

اعتمد الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 2006 نظرية رئيس هيئة الأركان في حينه دان حالوتس وهي الاستخدام المفرط للقوة ولمزيد من القوة العسكرية بطريقة تشي للعدو بأن "صاحب البيت قد مسه الجنون"، ضاعف الاحتلال بعد معركة طوفان الأقصى من استخدام هذه النظرية، لذلك فقد قصف القطاع بشكل لا يتخيله العقل، وسعى لإفهام المقاومة أنه ممكن أن يذهب لأبعد من ذلك.

كلن نظرية الجنون لم تجدي نفعا مع المقاومة في غزة، ويمكن القول إنها اردت على الاحتلال، إذ لم يعد لدية أوراق يساوم بها المقاومة بعد ما أظهره من شراسة في العدوان على القطاع.

بدأت إسرائيل حربها على قطاع غزة معتقدة أنها قادرة على إنهاء وجود حركة حماس هناك وفرض شروطها ورؤيتها على القطاع ومستقبله.

وما لم تضعه إسرائيل في حسبانها هو اتساع نطاق الحرب ودخول عدة أطراف فيها، مما قد يحولها لحرب إقليمية ستؤثر على إسرائيل ومستقبلها لعدة سنوات.

ولئن بدت الضفة هادئة وغير مشاركة في معركة طوفان الأقصى، فإنه على الرغم من إجراءات السلطة الفلسطينية وإسرائيل منع أي عمل مقاوم فإن المقاومة هناك اشتد ساعدها واستوت على سوقها وبدأت تأخذ أبعادا جديدة وتشارك بفعالية في المقاومة، وهي جبهة مرشحة للانفجار في أي وقت وهي أصعب الجبهات على الاحتلال وسياسته.

فقد بدأ حزب الله بدعم المقاومة في غزة مستخدما إستراتيجية التنقيط التي هجرت سكان شمال إسرائيل، ودفعت نتنياهو وحكومته لاتخاذ قرار شن الحرب على  لبنان.

ورغم ما قد بدا نصرا سريعا لقادة إسرائيل في لبنان بعد تفجيرات أجهزة النداء و"توكي ووكي" واغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله والعديد من الصف القيادي فإن الحزب ما زال قادرا على إمطار إسرائيل بالصواريخ وقد اتسع مداها لاحقا لتصل إلى حيفا وتل أبيب، ولم يعد سكان الشمال بعد.

كما تمكن الحوثيون من منع الملاحة في البحر الأحمر دعما وإسنادا لغزة المحاصرة، والتأثير على ميناء إيلات الإسرائيلي. ولم يقتصر موقف الحوثيين على إغلاق طريق الملاحة بل هاجمت إسرائيل بمسيرات وصواريخ وصلت تل أبيب والتي تعد قدس أقداس إسرائيل.

ومع ذكرى انقضاء عام على بدء هذه المعركة، يقف العالم على قدم واحدة بانتظار الرد الإسرائيلي على القصف الإيراني ودخول الحرب طورا جديدا سعت كافة الأطراف لتجنبه، إلا أن المنطقة قد نزلت إلى أتون حرب قد تتسع أكثر مما هو متوقع.

ولا يمكن بحال من الأحوال إغفال أن إسرائيل حكومة وجيشا يتحركون تحت ضغط الوقت وأنهما يسعيان إلى تقديم صورة نصر للإسرائيليين بعد عام من أطول حرب تخوضها إسرائيل منذ نشأتها عام 1948.

ويرى مراقبون أن إسرائيل قد تختار ذكرى معركة الطوفان للرد على إيران "في محاولة لكي يكون هذا التاريخ فرصة لتحقيق إنجاز كبير يغطي على الفشل الذي منيت به إسرائيل".

ويرى المحلل السياسي سعيد زياد أن هجوم الاحتلال على شمال قطاع غزة يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري وتنفيذ هجوم برى يهدف إلى صنع "صورة رمزية للمجتمع الإسرائيلي بأنه جيشه يقاتل في الشمال والجنوب، ولا يزال بعد عام كامل يستطيع الحضور في أكثر مناطق غزة رمزية وتاريخا".

إبداع المقاومة

رغم كل ما قامت به إسرائيل من تدمير وقتل في غزة فإن العام ينقضي وما زالت المقاومة في القطاع الفلسطيني قادرة على خوض المعركة وتكبيد العدو المزيد من الخسائر.

وقد عبر عن ذلك قائد ما تسمى فرقة غزة سابقا اللواء الإسرائيلي غدي شمني بقوله "الوضع في غزة معقد وصعب.. أهداف الحرب لم تتحقق ولم يتم إخضاع حماس ولم نتمكن من إعادة الأسرى".

وفي اليوم المتمم لعام من الحرب الإسرائيلية على غزة ما زالت المقاومة قادرة على تفجير دبابات وخوض معارك مع جنود الاحتلال وتفجير منازل مفخخة بقوات الاحتلال وقصف مستوطنات غلاف غزة.

ولئن قال أحد مساعدي نتنياهو إنه يشعر بأنهم "منتصرون" وفقا لموقع أكسيوس الأميركي، فإن للشارع الإسرائيلي رأيا مختلفا. فقد أظهر استطلاع للرأي قامت به هيئة البث الإسرائيلية أن 73% من الإسرائيليين يعتقدون بالفشل أمام حماس.

بينما قال 86% من الإسرائيليين إنهم غير مستعدين للعيش في مستوطنات غلاف غزة بعد انتهاء الحرب.

إضافة لذلك، فبعد عام على الطوفان بات جيش الاحتلال يعاني من نقص القوى البشرية، وقد حذّر تقرير لهيئة الأركان العامة في مارس/آذار الماضي من نقص حاد في الموارد البشرية، بسبب مقتل مئات الجنود وإصابة الآلاف غيرهم، وقال إن هناك حاجة إلى 7 آلاف جندي لنقلهم إلى جبهات القتال.

لذا فقد تفجرت قضية تجنيد الحريديم خلال الحرب على غزة، واضطر الجيش الإسرائيلي لتجنيد طالبي اللجوء الأفارقة في صفوفه، وفقا صحيفة هآرتس.

ويمكن القول إن النقص في عدد الجنود يعيق مخططات إسرائيل في غزو لبنان والقتال بالضفة، لذا يلجأ الاحتلال للاعتماد على الغارات الجوية لكنها لا تحسم حربا.

وهو الأمر الذي لم تعانِ منه المقاومة فهي قادرة على تعويض خسائرها البشرية وتجنيد مقاومين جدد وهو ما ظهر في فيديو لكتائب القسام قبل شهر حين ذكر أحد مقاتليها أنه من دفعة تجنيد عام 2024، ولئن كانت حماس المحاصرة في قطاع غزة قادرة على تجنيد مقاتلين فلن تجد قوى المقاومة بالضفة مشكلة في تجنيد مزيد من المقاتلين في صفوفها.

وترى "واشنطن بوست" أنّ حماس "تركز بلا هوادة على تحقيق الاكتفاء الذاتي" من التسلح، وتشير إلى أنّ هذا يشمل "القدرة على إنتاج الأسلحة والمتفجرات الخاصة بها، وتنفيذ عمليات معقدة تشمل الآلاف من المشاركين، مع الحفاظ على السرية التامة".

وتقول الصحيفة الأميركية إنّ حماس "أنفقت سنوات في إتقان آلة حرب قادرة على تصنيع ذخائرها الخاصة، واتخاذ قرار تنفيذ العمليات داخليا".

وهذا الوضع يجعل المقاومة في غزة قادرة على خوض معركة طويلة تستنزف فيها الاحتلال الذي شكا في بعض مراحل الحرب من نقص الأسلحة لديه عندما قيل إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عطلت بعض شحنات الأسلحة.

كما أن تقييد بعض الدول الأوروبية بعض الصادرات لإسرائيل -في محاولة منها لمجاراة الضغط الشعبي عليها- دفع نتنياهو لمهاجمة هذه الدول واعتبرها داعمة "للإرهاب".

الحاضنة الشعبية

لا يمكن بحال من الأحوال عقد مقارنة بين الحاضنة الشعبية للاحتلال والحاضنة الشعبية للمقاومة، ويعد وجود حاضنة شعبية أثناء الحرب ركنا أساسيا في الحرب وإدارتها ورفع معنويات الجنود والمقاتلين.



مشاركة الخبر: طوفان الأقصى هل كان إنجازا أم نكبة؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

صدر حديثا أوضاع العالم 2023 لن يكون العالم كما كان

صدر حديثا أوضاع العالم 2023 لن يكون العالم كما كان

منذُ 17 ساعة

صدر حديثا عن مؤسسة الفكر العربى كتاب أوضاع العالم 2023 لن يكون العالم كما كان المصدراليوم السابعصدر حديثا أوضاع العالم 2023...

أفضل 100 كتاب فى القرن الحادى والعشرين بعيدا عن الشجرة

أفضل 100 كتاب فى القرن الحادى والعشرين بعيدا عن الشجرة

منذُ 17 ساعة

اختارت نيويورك تايمز كتاب بعيدا عن الشجرة كأحد أفضل الكتب فى القرن الحادى والعشرين المصدراليوم السابعأفضل 100 كتاب فى...

حكاية من التاريخ استقالة سعد زغلول بعد إنذار بريطانى لحكومته

حكاية من التاريخ استقالة سعد زغلول بعد إنذار بريطانى لحكومته

منذُ 17 ساعة

تمر اليوم ذكرى توجيه المندوب السامى البريطانى أدموند اللنبى إنذارا لحكومة سعد باشا زغلول المصدراليوم السابعحكاية من...

فوز دار الشروق الأردنية بجائزة عبد العزيز المنصور لأفضل ناشر عربى

فوز دار الشروق الأردنية بجائزة عبد العزيز المنصور لأفضل ناشر عربى

منذُ 17 ساعة

فازت دار الشروق الأردنية الفلسطينية للنشر والتوزيع بجائزة عبد العزيز المنصور لأفضل ناشر عربى فى دورتها السادسة...

القصة الكاملة لاستغاثة ابنه منير فهيم بسبب تزوير أعمال والدها
القصة الكاملة لاستغاثة ابنه منير فهيم بسبب تزوير أعمال والدها
منذُ 17 ساعة

كشف الناقد التشكيلى صلاح بيصار عن محتال يدعى قرابته للفنان منير فهيم ويزور أعماله عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل...

5 مشروبات تمنحك عظاما أقوى لو عندك نقص فى الكالسيوم إنفوجراف
5 مشروبات تمنحك عظاما أقوى لو عندك نقص فى الكالسيوم إنفوجراف
منذُ 17 ساعة

الكالسيوم ضرورى للحفاظ على قوة العظام والأسنان والصحة العامة ومع ذلك أصبح نقص الكالسيوم شائعا بشكل متزايد بسبب...

widgets إقراء أيضاً من الجزيرة

استهداف قاعدة أميركية بدير الزور ومقتل 18 عراقيا بغارات على البوكمال
القسام تستهدف دبابة برفح والاحتلال يرصد نشاطا متزايدا للمقاومة بغزة
موديز تخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل درجتين
مواقف وتسريبات أميركية بعد اغتيال نصر الله