
أزمة الرقم 9: هدافون عواجيز وشباب "روبوتات".. وغوارديولا متهم
أصبح مركز رأس الحربة التقليدي يعاني أزمة واضحة في كرة القدم الحديثة، ما أدى إلى بقاء المهاجمين المخضرمين على قمة الهدافين المتألقين، مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو (39 عاماً)، والفرنسي كريم بنزيمة (37 عاماً)، والبولندي روبرت ليفاندوفسكي (36 عاماً)، والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش (اعتزل بعمر 41 عاماً)، وفي المقابل، لم تعد هناك أسماء شابة بارزة بقوة، سواء من حيث القيمة أو العدد، قادرة على حمل هذا الإرث الثقيل وكتابة تاريخ جديد لكرة القدم.
تألق رؤوس الحربة الكبار وغياب المواهب الشابة
يستمر الهدافون المخضرمون في تقديم مستويات مذهلة على الصعيد التهديفي رغم تقدمهم في العمر، إذ يواصل كريستيانو رونالدو كتابة مجد جديد بقدراته التهديفية مع نادي النصر السعودي، بينما يقدّم زميله السابق في ريال مدريد كريم بنزيمة مستويات راقية مع الاتحاد، وآخرها تألقه في مباراة فريقه أمام الهلال في ربع نهائي كأس ملك السعودية. وفي المقابل، هناك غياب شبه تامٍ لمواهب شابة واعدة في مركز رأس الحربة، فمعظم المهاجمين الشبان الحاليين تغلب على طريقة لعبهم التقيد التكتيكي ويواجهون أزمة كبيرة رغم امتلاكهم قدرات ذهنية وبدنية كبيرة، ما يجعلهم يفتقرون إلى الحس التهديفي الفطري والذكاء داخل منطقة الجزاء، كأنهم "روبوتات" تكتيكية، بدلاً من كونهم مهاجمين تقليديين.
لعب الشوارع.. بيئة مفقودة
برز عدة نجوم من بيئاتٍ تشجع على الحرية الإبداعية من خلال "لعب الشوارع"، إذ تلعب المهارة الفردية والتعلم الطبيعي دوراً محورياً، ومنهم النجم المصري محمد صلاح، ولاعبا ريال مدريد البرازيليان: فينيسيوس جونيور ورودريغو. وفي المقابل، يغلب على تكوين اللاعبين الأوروبيين الطابع الأكاديمي الذي يعتمد على الانضباط التكتيكي منذ الصغر والانصياع لما تمليه خطط المدربين، هذا يجعلهم أقل قدرة على الإبداع ومنح أنفسهم الحرية في استغلال القدرات الفطرية في المواقف التهديفية الحاسمة.
ويمثل النرويجي إرلينغ هالاند (24 عاماً) استثناءً نادراً في أوروبا، فهو تقريباً الوحيد الذي يقدم نموذجاً كلاسيكياً في مركز رأس الحربة، إذ يجمع بين القوة البدنية والحس التهديفي العالي والتكيف مع مختلف الوضعيات الهجومية.
غوارديولا والمهاجم الوهمي في قفص الاتهام
تشير أصابع الاتهام في أزمة المهاجمين إلى فلسفة المدير الفني الإسباني بيب غوارديولا، الذي يُعتبر عرّاب التحول التكتيكي في كرة القدم الحديثة من خلال فلسفته التي أحدثت طفرةً كروية، فقد اعتمد على "المهاجم الوهمي" خلال فترة إشرافه على تدريب نادي برشلونة، وما قدمه للعالم من سحرٍ كروي بقيادة الأرجنتيني ليونيل ميسي، كما كرّس هذا النهج في منظومته مع مانشستر سيتي، مفضلاً التضحية بالمهاجم الكلاسيكي لصالح اللاعبين متعددي المناصب. وألقى هذا التوجه بظلاله على معظم المديرين الفنيين الذين تأثروا بفكر غوارديولا، ما أدى إلى تقليل الطلب على المهاجمين التقليديين في السوق الكروية، وأصبحت الأندية تفضل اللاعبين الذين يتمتعون بمرونة تكتيكية أكثر من تخصصهم التهديفي.
موازنة التكوين والإبداع.. المعادلة الصعبة
يحاول بعض الأندية الأوروبية إيجاد حلولٍ لهذه المعضلة الكروية، التي قللت من الإبداع الكروي في الملاعب، وحولت اللقاءات من ساحاتٍ للصراع الفني والفرجة إلى حروبٍ تكتيكية بين المدربين في مواجهات شبه مغلقة، فنادٍ مثل ريال مدريد يسعى إلى تحقيق توازنٍ في تعاقداته بين التكوين (بيلنغهام، مبابي) والإبداع (فينيسيوس، رودريغو، أندريك)، ما قد يساهم في إعادة صياغة هوية كرة القدم الهجومية مستقبلاً.
مشاركة الخبر: أزمة الرقم 9: هدافون عواجيز وشباب "روبوتات".. وغوارديولا متهم على وسائل التواصل من نيوز فور مي