
كيف وقع مليون مصري ضحية لمنصة FBC الإلكترونية؟
من أزمة شركات توظيف الأموال في مصر التي انطلقت بسرعة الصاروخ في ثمانينيات القرن الماضي، ومثلت تهديداً حقيقياً للاقتصاد الوطني والبنوك، ثم تأسيس المكاتب الوهمية للاستيراد والتصدير وتسفير العمالة للخارج، فتدشين شركات العقارات والبناء والتشييد التي أقامت عمارات هشة ومن ورق انهارت على رؤوس ساكنيها، إلى شركات الصرافة والتجارة في العملات والنقد الأجنبي التي تعمل بالمخالفة للقانون وتضارب في الدولار وتنعش السوق السوداء، ووصولاً إلى منصة FBC الاستثمارية الإلكترونية التي راح ضحيتها هذا الأسبوع أكثر من مليون شخص معظمهم من المصريين تكبدوا خسائر تقدر بنحو ستة مليارات دولار، وقبلها تفشي ظاهرة أو جمهور "المستريح" في عموم مصر بداية من مستريح تجارة المواشي والعملات والمنتجعات السياحية "الكمبوندات"، ومستريح أسوان الشهير، ونهاية بالتطبيقات الإلكترونية وعمليات الاحتيال التقنية.
اختلفت وقائع النصب ولافتات الاحتيال وشعارات الخداع التي مارستها الشركات الوهمية والموازية في مصر على مدى سنوات طويلة، لكن النتيجة واحدة هي وقوع حالات نصب جماعية وضياع المليارات وخراب البيوت وانهيار أسر واضطراب أسواق، والتشكيك في أجهزة الدولة التي عادة ما تتحرك متأخرة بعد أن تكون الفأس قد وقعت في الرأس، وفي كل مرة يتم طرح هذا السؤال: أين دور المؤسسات الاقتصادية والقطاع المصرفي والمالي من كل تلك الجرائم المالية، خاصة أن ممارسات بعض تلك المؤسسات لا يكون مقنعاً للمدخر أمام إغراءات النصابين والوعود البراقة والأرباح السريعة؟
رغم تحذيرات كثيرة من تلك المنصة الاحتيالية وغيرها من التطبيقات الإلكترونية ومخاطر التعامل معها، إلا أن FBC نجحت طوال شهور من استقطاب مليارات الجنيهات
في مصر تفشى الغلاء خلال السنوات الأخيرة، وتهاوت قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، ووصل التضخم لمعدلات قياسية وانهارت الطبقة الوسطى، وتراجعت فرص الاستثمار الجذابة والآمنة باستثناء البنوك، فكان من الطبيعي ظهور حالات نصب كبرى وعمليات احتيال متتالية على المواطنين تأكل ما تبقى من مدخرات ضعيفة. ومع تلك الحالة تضاعفت أرقام الضحايا والخسائر المالية. وكما يقولون فإنه طالما هناك طماع يوجد نصاب ومحتال ومخادع، وطالما أن الطماع موجود، فالنصاب بخير.
ولأن الجريمة المالية تتطور بسرعة، فإن البداية في مصر هذه الأيام تكون مع إطلاق موقع إلكتروني وتطبيق مزيف ومنصة استثمارية عبر الإنترنت تعد بمنح العملاء مزايا مالية ضخمة وفرصاً ربحية مغرية وعوائد قياسية حتى في حال استثمار مبلغ بسيط، أو تنفيذ مهام يومية بسيطة مثل الاعجاب بموقع على فيس بوك أو ترويج تطبيق إلكتروني، أو إقناع أشخاص بالانضمام للمنصة الاستثمارية.
يصاحب ذلك عملية ترويج واسعة للمنصة أو التطبيق من مجموعة محتالين، ونشر شائعات حول المكاسب القياسية التي يحصل عليها المستثمر شهرياً وأحياناً يومياً، ثم جوائز مالية في المناسبات العامة، هنا يحدث تدافع كبير نحو الاستثمار من باب الطمع، آلاف الأسر تبيع ما تبقى في حوزتها من ذهب، أسر أخرى تسحب أموالها من البنوك، وتسارع لتسييل الودائع المصرفية، وأحياناً ما يقوم آخرون ببيع الأراضي وغيرها من الأصول الثابتة، وهنا يلعب النصاب على وتر الطمع.
هذا الأسبوع كان المصريون على موعد مع حالة احتيال جديدة وقاسية، فقد تمكنت مجموعة من المحتالين من النصب على أكثر من مليون شخص، تعرضوا لعملية احتيال كبرى نفذتها منصة FBC الإلكترونية، والنتيجة تكبد هؤلاء خسائر مالية تجاوزت 30 مليار جنيه، أي ما يعادل ستة مليارات دولار، وتكبد أعداد كبيرة من المستثمرين على المنصة خسائر كبيرة، إذ وقع هؤلاء ضحية لوعود كاذبة بالثراء السريع، من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من تحذيرات كثيرة من تلك المنصة الاحتيالية وغيرها من التطبيقات الإلكترونية ومخاطر التعامل معها، إلا أن FBC نجحت طوال شهور من استقطاب مليارات الجنيهات والاستيلاء على تلك الأموال في ظل غياب شبه تام للجهات الرقابية التي تحركت بعد فوات الأوان.
مشاركة الخبر: كيف وقع مليون مصري ضحية لمنصة FBC الإلكترونية؟ على وسائل التواصل من نيوز فور مي