جرائم يومية في رمضان طرابلس اللبنانية... مخاوف من التفلت
يستفيق أهالي طرابلس شمالي لبنان، كل يوم تقريباً على أخبار جرائم قتل نتيجة إشكالات فردية أو إطلاق نار على خلفية أحقيّة المرور أو سرقات، وتفاقمت الحوادث خلال شهر رمضان مقارنة بأعوام سابقة، الماضية، ما يجعل الأهالي يؤكدون أنّ هذه السنة مختلفة، ويطالبون الأجهزة الأمنية بالتحرّك لردع الجرائم.
قبل أيام، قتل طفل بطلق ناري خلال إشكال داخل محل لبيع الدجاج في "محلة الزاهرية"، حيث أطلق شخص النار، فأصابت الرصاصة الطفل. ووقع إشكال بين عائلتين في مدينة الميناء، قبل أن يتحوّل إلى صراع مسلّح، ما أدى إلى وفاة شخصين، أحدهما صاحب مطعم معروف في المنطقة، وأسفر عن حالة غليان وغضب في صفوف الأهالي، وتم تداول معلومات تفيد بأنّ الخلاف الأساسي كان مرتبطاً بالمولدات. يقول مصدر في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك تعزيزات أمنية وحواجز ودوريات مكثفة في المدينة من أجل الحفاظ على الأمن، كما تحصل مداهمات لتوقيف مطلوبين، وهناك تنسيق مستمرّ مع السلطات المحلية من أجل تقليص نسب الجرائم".
من جهتها، تقول مصادر محلية إنّ الوضع الأمني متفلّت، ليس فقط في طرابلس، بل في العديد من المناطق التي تعاني الإهمال والفقر والبطالة، لكن الوضع أسوأ على صعيد المدينة في ظلّ التدخلات السياسية وغياب المحاسبة، وإنّ السلطات المحلية تعقد اجتماعات مستمرة من أجل وضع خطة لحفظ الأمن.
نسب الجرائم تتزايد في طرابلس بشكل لافت منذ عام 2019
يحرص محمد، وهو سائق سيارة أجرة، على إنهاء عمله باكراً والعودة إلى المنزل، ولا يخفي خوفه على نفسه كونه ربّ أسرة ولديه ولدان، ورغم حاجته إلى العمل، لم يعد يعمل في ساعات المساء تفادياً لأي مكروه، سواء من راكب غاضب، أو رصاصة طائشة، أو التعرّض لإطلاق نار على خلفية أسبقية المرور.
ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "ليل طرابلس بات مرعباً، والناس سريعة الغضب، ولا أحد يحتمل الآخر، والسلاح على خاصرة الجميع، وبمجرد حدوث أي إشكال، تجد الشخص يرفع السلاح في وجهك، وأحياناً يطلق النار. الإشكالات موجودة دائماً، خصوصاً في رمضان، وما يحصل غير مقبول، ومخيف، سواء على صعيد جرائم القتل أو السرقة. لم يعد هناك أمان، والسبب هو الحالة المعيشية الصعبة، وانتشار الفقر والبطالة، والسلاح المتفلّت، وغياب المحاسبة الجدية، فالكثير من المطلوبين الذين تصدر بحقهم مذكرات توقيف غيابية في الشوارع".
ويشير السائق اللبناني إلى أنّ "السلاح موجود في كل بيت، وبيد كل الناس، ولا سيما الشباب، وهذا أمر خطير، وينبغي وضع شروط لشراء السلاح، من بينها الحصول على رخصة، فبعض الأشخاص لا أهلية لهم بحمله، ما يُعرّض المجتمع للخطر. الأجهزة الأمنية كثفت دورياتها خلال الأيام الماضية، لكن المطلوب ليس فقط تسيير دوريات وإقامة حواجز، بل ملاحقة مرتكبي الجرائم، وتشديد الإجراءات، وفرض عقوبات رادعة، فكلّما كان التفلت سهلاً زادت الجرائم".
بدوره، بات عامر يحسب ألف حساب عند بيع عصير الليمون على الطريق، إذ يخشى أن تنفد الكمية، فيغضب الزبون وينتقم بوسائل عنيفة، كما حصل قبل أيام في محل بيع الدجاج في محلة الزاهرية، حيث أطلق شخص النار عندما لم يجد نصف فروج، فقتلت الرصاصة طفلاً. يقول عامر بينما يغسل الليمون ويجهز زجاجات العصير قبل حلول موعد الإفطار، إنّ "الإشكالات دائماً ما تحصل في طرابلس خلال رمضان، إذ يصبح مزاج الناس صعباً، لكن هذه السنة غير كلّ السنوات الماضية، فالجرائم زادت، علماً أنّها لا تقتصر على رمضان، بل ارتفعت بشكل لافت منذ عام 2019، ولا تزال تتصاعد. أقف يومياً لبيع الليمون، وفي أي لحظة يمكن أن تصيبني رصاصة طائشة، أو طلقة نارية نتيجة إشكال، أو أتعرض لهجوم من قبل زبون غاضب".
ويضيف: "أسباب كثيرة تؤدي إلى ارتفاع نسب الجرائم، سواء القتل أو السرقة، أبرزها الفقر والبطالة، والسلاح غير المرخّص، عدا عن التدخلات السياسية التي تحصل لحماية مطلوب، أو تأمين إطلاق سراحه لو تمّ توقيفه، إضافة إلى انتشار تعاطي المخدرات والاتجار به، الأمر الذي يؤثر حتماً على السلوكيات".
ويعبّر عادل، وهو صاحب سوبرماركت في طرابلس، عن مخاوف جدية من تفاقم الأوضاع في المدينة، خصوصاً أنّها لا تزال غائبة عن اهتمامات الدولة، رغم أنها من أفقر المدن، وكأنّه مكتوب عليها أن تُهمّش على حد قوله. ويوضح: "الأمان مفقود، ويمكن أن تتعرّض للسرقة أو حتى القتل في ساعات الصباح في ظلّ التفلّت وانتشار السلاح، ونتمنى أن يضع الرئيس جوزاف عون طرابلس على أجندة أولوياته لأنّ الوضع خطر، وطرابلس تستحق أن تكون مشمولة بالمشاريع التنموية والخطط الأمنية والاقتصادية".
مشاركة الخبر: جرائم يومية في رمضان طرابلس اللبنانية... مخاوف من التفلت على وسائل التواصل من نيوز فور مي